مبادرة ”الحزام والطريق” الصينية

إنهاء للهيمنة الأمريكية أم تأجيج لحرب اقتصادية؟

إنهاء للهيمنة الأمريكية أم تأجيج لحرب اقتصادية؟
  • القراءات: 707
م. مرشدي م. مرشدي

كشف الرئيس الصيني، كسي جانبينغ في ختام قمة مبادرة طرق الحرير الجديدة المعروفة باسم «الحزام والطريق» بالعاصمة بكين عن التوقيع على اتفاقيات دولية بقيمة 60 مليار أورو، داعيا مختلف دول العالم إلى الانضمام إلى مبادرته التي سبق أن دعا إليها سنة 2013.

وأشرف الرئيس الصيني على اختتام هذه الندوة التي دامت ثلاثة أيام وحضرها 37 رئيس دولة وحكومة، حيث أكد على ضمان بلاده لعمليات تمويل هذه الاتفاقيات مع مراعاة بُعدها الاجتماعي والبيئي ضمن رسالة قوية باتجاه عدد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي أكدت على احتمالات لوقوع عمليات ارتشاء دولية بسبب هذه الصفقات الضخمة.

وقال كسي جانبينغ إننا عازمون على دعم كل مشاريع التنمية المفتوحة والنقية والخضراء ضمن خطوة لتعاون دولي متعدد الأطراف لمنع فرض قوى دولية لسياساتها الحمائية في إشارة إلى الولايات المتحدة التي اعتمدت شعار «أمريكا أولا» في تعاملاتها الاقتصادية منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى سدة الحكم. وحضر أشغال هذه القمة الرؤساء، الروسي فلاديمير بوتين والسويسري يولي مورر والوزير الأول الإيطالي جوسيبي كونتي والباكستاني عمران خان بما يؤكد درجة الاهتمام المتزايد الذي بدأت تحظى به هذه المبادرة.

وتسعى السلطات الصينية من وراء هذه المبادرة التي أحيت عبرها طريق الحرير الذي ربط مدن الصين القديمة بمنطقتي الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا، إلى إقامة مشاريع وبنى تحتية ضخمة في مختلف البلدان التي وافقت على الانخراط فيها عبر خطط تنموية تشمل إنجاز مشاريع ضخمة في النقل عبر السكك الحديدية والبرية والموانئ وأنابيب نقل الطاقة في الشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا وحتى في أمريكا اللاتينية.

وهي مشاريع ستقوم السلطات الصينية وبنوكها العمومية بدور الضامن لتمويلها بقروض قد تصل إلى مئات ملايير الدولارات ضمن صفقات اقتصادية بدأت تثير مخاوف الكثير من القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة التي بدأت تنظر إلى مبادرة «الحزام والطريق» بعين الريبة والتوجس وخطرا على نفوذها الاقتصادي في مختلف مناطق مرور هذا الطريق.

وبدأت الإدارة الأمريكية لأجل ذلك تروج لمخاطر هذه المشاريع على البيئة وعلى رهن مقدرات الدول المستفيدة من هذه القروض والمشاريع وإخضاعها لاحقا لإرادة السلطات والبنوك الصينية، مشيرة في ذلك إلى سريلانكا التي وجدت نفسها مرغمة على منح تسيير أحد موانئها الضخمة للسلطات الصينية لمدة 99 عاما بعد أن عجزت عن تسديد ديونها.

وهي تهم لم تثن العديد من دول العالم على الانخراط في هذه المبادرة وجعلت الرئيس الصيني يؤكد أن نوعية المشاركة في ندوة هذا العام شكلت رسالة قوية على مدى تقبلها بدليل أن أصدقاء وشركاء أكدوا عزمهم الانضمام إلى المبادرة بهدف إقامة تعاون اقتصادي أكثر نجاعة.

وشدد قادة الدول المشاركين في بيان أصدروه في ختام هذه الندوة على أهمية ديمومة كل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والجبائية والمالية والبيئية التي ستتبناها هذه المبادرة.

وبحسب متتبعين، فإن السلطات الصينية تريد من خلال هذه المبادرة المتعددة الأطراف كسر الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العالم بصفتها المتعامل الاقتصادي الأوحد في العالم ضمن حرب اقتصادية غير معلنة.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مثمنا المبادرة الصينية بالقول إن بكين عملت بطريقة ذكية وسلسة لإقامة تعاون دولي متعدد الأطراف في نفس الوقت الذي وجه فيه انتقادات للولايات المتحدة التي قال إنه لا يوجد أي شخص يريد فرض عقوبات أو خوض حرب اقتصادية سوى أولئك الذين يبادرون بها ويعلنون عنها صراحة في إشارة إلى الرئيس الأمريكي.

يذكر أن السلطات الصينية قدمت منذ الإعلان عن هذه المبادرة سنة 2013 باستثمار قرابة 80 مليار أورو في مشاريع ضخمة في عدد من بلدان إفريقيا والشرق الأوسط ووسط أوروبا في نفس الوقت الذي قدمت فيه بنوكها المختلفة قروضا قدرت بـ 270 مليار أورو بنسب فوائد تفاضلية.