دعت للانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة
إصرار مصري ـ قطري على الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار
- 252
ص. محمديوة
طالبت كل من مصر وقطر، أمس، بالانسحاب الكلي للقوات الصهيونية من الأراضي الفلسطينية المحتلة والإسراع في نشر القوة الدولية للاستقرار، التي أقرها مجلس الأمن الدولي مؤخرا، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار الهشّ في قطاع غزة.
وأكدت مصر وقطر، باعتبارهما من ضمن الوسطاء والضامنين لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار في غزة، على ضرورة تنفيذ الاتفاق بكل مراحله، خاصة وأنه مر على دخوله حيز التنفيذ قرابة الشهرين ولا يزال القطاع يتعرض لانتهاكات صهيونية خطيرة ويحرم سكانه من أدنى متطلبات الحياة. جاء ذلك خلال مباحثات جمعت وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على هامش مشاركتهما بمنتدى الدوحة، تناولت الأوضاع الميدانية في قطاع غزة وتشكيل قوة الاستقرار الدولية.
وذكرت وزارة الخارجية المصرية، أمس، بأهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بكل مراحله وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803. وأشار عبد العاطي إلى الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وكان رئيس الوزراء القطري، حذّر من أن المفاوضات بشأن ترسيخ وقف إطلاق النار في غزة تمر بمرحلة حرجة، مؤكدا أن الوسطاء يعملون سويا على دفع الجهود لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار.
وأضاف خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات منتدى الدوحة في قطر "نحن في لحظة حرجة، لم نحقق الهدف بعد.. لذا فإن ما قمنا به للتو هو مجرد توقف مؤقت”، في إشارة إلى توقف الحرب بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 10 أكتوبر الماضي. وقال إنه "لا يمكننا اعتباره وقفا لإطلاق النار بعد "من منطلق أنه " لا يمكن أن يكتمل دون انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية وعودة الاستقرار إلى غزة وتمكن السكان من الدخول والخروج، وهذا ليس هو الحال اليوم". ويدفع الوسطاء باتجاه الانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية، وفق ما ينص عليه اتفاق شرم الشيخ، الذي تم برعاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لكن تعمل حكومة الاحتلال على إعاقته بمواصلتها خروقاتها الخطيرة، وأكثر من ذلك تختلق الذرائع لتعطيل الانتقال إلى المرحلة الثانية منه.
والمؤكد أن عملية التفاوض لن تكون سهلة، خاصة وأن المراحل القادمة تتضمن نشر قوة الاستقرار الدولية التي تريد إسرائيل أن تجعلها أداة لاستكمال ما عجز عنه جيشها في كسر المقاومة ونزع سلاحها، في حين تقول حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وباقي الفصائل الفلسطينية إنها لا تعارض هذه القوة لكن يجب أن يتم ينشرها على الحدود بين قطاع غزة والكيان الصهيوني. كما تطرح إشكالية إدارة القطاع، التي تصر الفصائل الفلسطينية على ضرورة أن تكون فلسطينية محضة. وكان الرئيس الأمريكي نفسه روّج لما سماه "مجلس سلام" للإدارة هذا الجزء المنكوب من الأرض الفلسطينية المحتلة.
وفي هذا السياق، جدّد رئيس خالد مشعل، موقف حركة "حماس" من اليوم التالي لما بعد العدوان على غزة، أكد في كلمته التي ألقاها أمس بمناسبة انعقاد مؤتمر "العهد للقدس" في اسطنبول التركية" رفض كل أشكال الوصاية والانتداب للاحتلال على غزة والضفة وعامة فلسطين"، مشدّدا على أن الفلسطيني هو من يحكم نفسه ومن يقرر لنفسه، وقال إنه "لا وصاية ولا انتداب ولا إعادة احتلال، فشعبنا لا يحتاج لا إلى حماية ولا إلى وصاية ويتطلع إلى الاستقلال لا إلى الانتداب.. فهذه أرضنا ووطننا وهذا مصيرنا، ونحن من نقرر". وبالنسية للمقاومة وسلاحها، فقد أكد القيادي في "حماس" أنه "حق للشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه والمقاومة وسلاحها شرف الأمة وعزه" من منطلق أن "السلام لا يصنعه إلا الأقوياء، ولا تصنعه إلا القوة، فلا ترد الحقوق في مجلس الأمن، ولكن في مكاتب التجنيد".
دخول 104 شاحنة من أصل 660 المقررة في اتفاق وقف إطلاق النار
استفادة قطاع غزة من 16 % فقط من احتياجات غاز الطهي
كشف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس، بأن الاحتلال الصهيوني سمح فقط بإدخال 16 بالمئة من احتياجات القطاع لغاز الطهي بدخول 104 شاحنة غاز طهي من أصل 660 المقررة وفق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ قرابة شهرين.
وفي بيان له، أكد المكتب الإعلامي دخول 104 شاحنة غاز فقط إلى غزة منذ وقف إطلاق النار وحتى أمس، مقابل 660 شاحنة كان يجب أن تدخل. أي استلام الطرف الفلسطيني فقط لقرابة 16 بالمئة من الاحتياج المتفق عليه. وأشار إلى أنه كان من المفروض دخول 660 شاحنة وهو إجمالي العدد المقررة خلال الفترة نفسها، بما يكشف حجم الفجوة الحادة بين المتفق عليه وما ينفذه الاحتلال فعليا على أرض الواقع، محذرا من أن ذلك يخلق فجوة إنسانية خطيرة تمس كل مناحي الحياة اليومية، المتضرر منها هم سكان القطاع البالغ 2.4 مليون نسمة، وقال إن هذا الرقم يمثل سكان غزة المحرومين من الحد الأدنى من احتياجات غاز الطهي، بما يشمل المنازل والمستشفيات والمخابز والمطابخ الجماعية.
وأوضح المكتب معيار التوزيع الذي تعتمده سلطات غزة لتوزيع غاز الطهي والذي يقوم على أساس عدد العائلات المسجلة، حيث يتم التوزيع وفق نظام برمجي يعتمد على عدد الأسر في كل محافظة ومدينة ويتم تحديد الحصص وفق نسب دقيقة لضمان العدالة وعدم تكرار الاستفادة. وبينما أكد المكتب استفادة 252 ألف عائلة فعليا من عميات الغاز الشحيحة الواردة، لا تزال 470 ألف عائلة تنتظر حصتها والتي كان من المفروض انها قد تحصلت عليها وفق اتفاق وقف إطلاق النار. وتبقى هذه المادة جد حيوية لإعادة الحياة التدريجية لسكان غزة خاصة مع قساوة فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة واستمرار معاناة مئات آلاف العائلات الفلسطينية في خيام نزوح مهترئة لا تقيهم برودة الشتاء ولا حرارة الصيف.
تمديد ولاية "الأونروا" ثلاث سنوات
ترحيب بتبنّي الأمم المتحدة لقرارات داعمة للحق الفلسطيني
جدّدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، أول أمس، ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لمدة ثلاث سنوات في قرار بقدر ما شكل صفعة على وجه الكيان الصهيوني، الذي سعى جاهدا لحلّ هذه الوكالة، بقدر ما حظي بترحيب فلسطيني وعربي لما يحمله من دلالات على الدعم الدولي الذي أصبحت تحظى به القضية الفلسطينية.
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، تعليقا على التصويت "أحيي القرار الساحق للجمعية العامة على تجديد الولاية، فهو يعكس تضامنا واسعا من مختلف أنحاء العالم مع لاجئي فلسطين، ويقر بمسؤولية المجتمع الدولي تجاه احتياجاتهم الإنسانية والتنموية، إلى حين التوصل إلى حلّ عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود". وقال لازاريني، الذي أشار إلى تصويت 151 دولة لصالح قرار التجديد مقابل رفض 10 دول، أن المطلوب الآن هو ترجمة هذا الدعم السياسي إلى التزام مالي حقيقي عبر توفير الموارد التي تضمن للوكالة تنفيذ مهامها دون انقطاع.
وأضاف أن "الأونروا أُنشئت لتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين إلى حين إيجاد حل سياسي.. ولا يزال اللاجئون لاجئين لأن هذا الحل غائب.. الاستثمار في السلام هو السبيل لإنهاء وضع كان من المفترض أن يكون مؤقتا". وحظي قرار تمديد ولاية "الأونروا" ثلاث سنوات بترحيب فلسطيني وعربي واسع، خاصة وأنه يأتي بعد حملة صهيونية مسعورة استهدفت الوكالة الأممية بهدف حلها ومنعها من أداء مهمها المرتبطة أساسا بملف اللاجئين وحق العودة.
وفي هذا السياق ثمّنت وزارة الخارجية الفلسطينية مواقف الدول التي دعمت القرار والدعم الدولي الواسع وغير المسبوق، والذي يشكل تجسيدا لمكانة القضية الفلسطينية في الضمير العالمي ورفضا واضحا لسياسات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في خضم استمرار عدوانه الهمجي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.
وشدّدت على أن هذا القرار، الذي جاء في إطار إصدار الجمعية العامة لأربعة قرارات أخرى تصب كلها لصالح فلسطين، تعكس تضامنا واسعا من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وأكدت أن هذا الإجماع الدولي يشكل ركيزة أساسية في الحراك الدبلوماسي المتواصل لحماية الحقوق الوطنية ومواجهة محاولات الاحتلال الرامية إلى تقويض الحقوق القانونية والطبيعية والتاريخية.
ونفس موقف الترحيب عبر عنه الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الذي أشار إلى الدور الذي تلعبه الوكالة الأممية في إعاشة وتشغيل ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس. وقال إنّ "دورها اكتسب إلحاحا أكبر بسبب الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية التي امتدت لعامين وأسفرت عن تدمير كامل للبنية الأساسية ولنظم الحياة في القطاع".
وشدّد على أن "الأونروا"، بإمكانياتها وقدراتها وخبرات العاملين فيها، "تظل الجهة الأهم في منظومة الإغاثة الإنسانية والتعافي في غزة، خاصة في مجالي الصحة والتعليم اللذين يعانيان تدميرا يفوق التصوّر". ووجه الأمين العام لجامعة الدول العربية نداء لكافة الدول المانحة “بالتحرك على نحو عاجل لسد فجوة التمويل التي تعاني منها الوكالة الدولية والتي تبلغ نحو 200 مليون دولار من أجل تمكينها من مواصلة عملها الإنساني الذي لا غنى عنه في كافة مناطق عملياتها الخمس".