لتخفيف درجة الخوف التي تنتاب المستوطنين
إسرائيل تبني جدارا آخر على حدود مدينة القدس الشرقية

- 1075
تحدث وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري أمس بلغة الآمر الناهي عندما طالب بوقف فوري للمواجهات المتواصلة بين فتيان انتفاضة الأقصى وقوات الاحتلال الإسرائيلي وقال إنه يريد عودة الهدوء وأن يتوقف العنف. والمستمع إلى كلام كيري يعتقد أن أمر وقف الانتفاضة في المتناول ولا يستدعي سوى الضغط على زر آلي ليتوقف كل شيء وتعود الأوضاع إلى سابق عهدها من انتهاكات إسرائيلية يومية واستيطان متواصل وخضوع فلسطيني لإرادة الجلّاد.
وما لم يفهمه كيري وإدارته أن الهبّة الشعبية الفلسطينية هذه المرة عفوية ولا توجد قوة سياسية تهيكلها، يمكن الضغط عليها لوقف هذه المواجهات التي أخلطت حسابات السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال أيضا. ويتبين في كل مرة أن كيري الذي يعتزم التنقل إلى المنطقة يعود إليها بنفس منطق التنكر لحقيقة ما يجري وتحديد الجهة المتسببة في هذا الانزلاق ومازال كما في المرات السابقة يضع الضحية في نفس كيس الجلاد.
فلم يكن لكيري ولغيره من المسؤولين الأمريكيين في الإدارة الحالية أو الإدارات المتعاقبة السابقة أن يقول لإسرائيل كفى فأنت السبب في كل ما يجري ويطلبها بوقف انتهاكاتها التي أخرجت شبانا فلسطينيين في مقتبل العمر يبحثوا عن الشهادة غير آبهين بموقف هذه السلطة أو هذا الجناح الفلسطيني أو ذاك. ولحسن الحظ أن شباب انتفاضة السكاكين يتحركون بشكل انفرادي ومعزول مما يجعل من الصعوبة التحكم فيهم أو حتى منعهم من ذلك بعد أن أصبحوا يتحركون بشكل عاد قبل أن يقدموا على تنفيذ عمليات طعن مفاجئة.
وهي طريقة ذكية زرعت الرعب في أوساط المستوطنين وقوات الاحتلال الذين فقدوا ثقتهم في أنفسهم وراحوا يطلقون النار بعشوائية على كل من يعتقدون أنه عربي يحمل سكينا. وكان ارتيري ضحية هذا الشعور بالخوف عندما اعتقد عسكري إسرائيلي أنه يريد طعنه فانهال عليه جمع من المستوطنين ضربا مبرحا قبل أن يطلق عليه النار وتصيبه رصاصات أحد الجنود الإسرائيليين في تصرف عكس درجة الخوف المتزايد الذي ينتاب الإسرائيليين.
وأقدم شاب فلسطيني ليلة الأحد إلى الاثنين في التاسعة عشر من العمر على اقتحام محطة نقل للمسافرين في مدينة بئر السبع وهو يحمل مسدسا وسكينا قبل أن يتمكن من تجريد عسكري إسرائيلي من سلاحه الحربي وراح يطلق النار في كل الاتجاهات مما أثار موجة رعب في أوساط الجنود الإسرائيليين قبل أن يسقط شهيدا.
وزادت هذه الحادثة الجريئة في زرع الخوف في نفوس قوات الاحتلال والمستوطنين خاصة أن العملية نفذها فلسطيني من سكان فلسطين 48 أو ما يعرف بما وراء الخط الأخضر. خوف دفع بسلطات الاحتلال إلى بناء جدار عازل آخر من الخرسانة المسلحة في محيط أحد الأحياء العربية في القدس الشرقية لمنع تسلل فدائيين إلى أحياء المدينة القديمة التي استوطنها اليهود في السنوات الأخيرة ضمن خطة إسرائيلية لإحداث اختلال ديمغرافي في المدينة المقدسة.
وتهكمت صحيفة "يهديوت أحرنوت" على قرار نتنياهو بإقامة هذا الجدار وقالت إنه جاء ليعكس حقيقة الهستيريا التي وقعت السلطات الإسرائيلية فيها بسبب انتفاضة الأقصى.