صدمة صعود اليمين المتطرف تربك العواصم الغربية

أي حل سحري لوقف زحف لوبان وأشكالها على الهيئات الأوروبية؟

أي حل سحري لوقف زحف لوبان وأشكالها على الهيئات الأوروبية؟
  • القراءات: 711
 و. عبد الله و. عبد الله

عقد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي بالعاصمة البلجيكية، أمس، قمة طارئة فرضها الصعود القوي لأحزاب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي. وعاشت مختلف عواصم الدول الأعضاء في الاتحاد صدمة سياسية حقيقية لم تكن تتوقعها ولكنها كانت بمثابة ناقوس خطر بالنسبة لها على خلفية انعكاسها على تجانس المجتمعات الأوروبية وخاصة الجاليات الأجنبية المقيمة فيها.

وكانت فرنسا من أكبر الدول  تأثرا بعد أن تمكنت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة من قلب ميزان المعادلة السياسية الفرنسية بعد حصولها على أكثر من 25 بالمئة من الأصوات في أعلى نسبة يحققها حزب مارين لوبان متقدما على الأحزاب التقليدية الفرنسية، الحزب الاشتراكي والاتحاد من أجل الجمهورية. 

وإذا كانت القمة مخصصة للبحث عن بدائل قادرة على الرد على التحول في التوجهات السياسية للناخبين الأوروبيين فإن التساؤل يطرح حول الحل السحري الذي يتعين انتهاجه من أجل تفادي تكرار تجربة هذه الانتخابات التي أثارت ردود فعل متشائمة في كل دول الاتحاد وشكلت تحذيرا حقيقيا لحكوماتها؟

ويمكن القول أن الدول الأوروبية ما كانت لتدعو إلى عقد مثل هذه القمة وإضافة درجة التهويل لوصول أحزاب اليمين المتطرف إلى الهيئة النيابية الأوروبية على اعتبار أن تشخيص الموقف لا يستدعي ذلك مادامت سياسات هذه الدول هي التي شجعت هذا العداء للأجنبي وعمقت الهوة بين الأحزاب اليمينية والأحزاب الاشتراكية أو أحزاب يمين الوسط المتربعة على رأس الحكومات الأوروبية الحالية.

وهي القناعة التي أكد عليها رئيس المجلس الايطالي، ماتيو رنزي، الذي أكد بأن الوقت قد حان لتغيير السياسات الأوروبية” بكيفية تمسح بتقليص نسبة البطالة ووضع سياسة موحدة لوقف تدفق المهاجرين وهما ورقتان اعتمدتهما الأحزاب اليمينية من أجل الترويج لأفكارها المتطرفة واضعة الأجنبي كبش فداء هذه السياسات المتعثرة في ظل أزمة اقتصادية عالمية حادة أوشكت بسببها بلدان أوروبية على إفلاس أكيد لو لم تتحرك دول الاتحاد مجتمعة من أجل تفادي إعلان عدم قدرتها على الدفع.

ولكن سياسة التقشف الحادة التي فرضتها مختلف الحكومات الأوروبية والحد من حجم الإنفاق الحكومي الذي اثر على الاستثمار العمومي أدى في النهاية الى حالة تذمر وسخط عام في أوساط الشعوب الأوروبية التي وجدت في انتخابات اليومين الأخيرين فرصة للانتقام وراحت تصوت على الأحزاب اليمينية التي عرفت كيف تستغل الشرخ بين عموم الناخبين وحكوماتهم من خلال حملات دعائية كانت نتيجتها صعودها اللافت في انتخابات تبقى بمثابة “بارومتر” حقيقي للمواعيد الانتخابية في كل دولة أوروبية على حدة.

وإذا كانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عرفت هي الأخرى تشخيص الداء الحقيقي وأكدت على ضرورة انتهاج سياسة تنافسية تحقق نموا اقتصاديا كفيل باستحداث مناصب شغل جديدة هي الثالوث الوحيد القادر على راب صدع ما حدث وردا مناسبا على درجة تذمر الناخبين إلا أنها لم تقدم الحل السحري لازمة أعمق.

فإذا كانت ألمانيا باقتصادها المزدهر أوروبيا وعالميا استطاعت تجاوز صدمة الاقتصاد الرأسمالي فإن المشكلة مطروحة على كل الدول الأخرى التي تعاني من تبعات أزمة اقتصادية حادة أفقدتها توازناتها الاقتصادية الكبرى وجعلتها على حافة الانهيار الاقتصادي.

ومهما كان الحل الذي سيتفق بشأنه الرؤساء الأوروبيون لتسوية هذه الإشكالية فإن المؤكد أن الأجانب سيدفعون ثمن هذه الانتخابات بداعي أنهم السبب المباشر في هذه العلاقة على اعتبار أنهم الحلقة الأضعف التي يمكن أن يمسح فيها الموسى وتتحمل تبعات أخطاء الحكومات الأوروبية نفسها.