أدان العنف واعتذر للشعب العراقي

أنصار الصدر ينسحبون من المنطقة الخضراء بأمره

أنصار الصدر ينسحبون من المنطقة الخضراء بأمره
  • القراءات: 384
ص. م ص. م

شرع أنصار الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، أمس، في الانسحاب من المنطقة الخضراء في قلب العاصمة بغداد، تنفيذا لأمر زعيمهم الذي انتقد، بشدة، استخدامهم السلاح ضد قوات الأمن مما أدى إلى مقتل 33 شخصا خلال 24 ساعة. وهدّد الصدر أنصاره بـ"التبرؤ" منهم في حال رفضوا الانسحاب من العاصمة، وفض الاعتصام من أمام مقر البرلمان بالمنطقة الخضراء خلال الستين دقيقة من عقده، أمس، لندوة صحفية بمعقله بمدنية النجف في وسط البلاد.

وفي مسعى لتهدئة الأوضاع وتفادي انزلاقها أكثر مما هي عليه، قدّم الصدر اعتذاره إلى الشعب العراقي الذي قال إنه الوحيد المتضرر من هذه الأحداث التي راح ضحيتها 33 قتيلا وما لا يقل عن 570 جريح في ظرف 24 ساعة بعد المواجهات العنيفة التي اندلعت، أول أمس، وتجدّدت صباح أمس بالمنطقة الخضراء بين أنصار الصدر وقوات الأمن والتي فجّرها إعلان اعتزاله النهائي للحياة السياسية. وبلهجة استنكار حادة، قال الصدر إنه "عار على هذه الثورة، وبغض النظر عمن هو البادئ، فهذه الثورة طالما أنها ملوثة بالعنف، فهي ليست ثورة واحدة"، متقدما بشكره لقوات الأمن العراقية وعناصر الحشد الشعبي.

وتجاوب الجيش العراقي مع دعوة الصدر بإعلانه رفع حظر التجوال الشامل الذي كان فرضه، أول أمس، في جميع محافظات البلاد على وقع الانزلاق الأمني الخطير الذي شهدته بغداد في أعقاب إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، انسحابه النهائي من المشهد السياسي والذي نزل كالصاعقة على آذان أنصاره. ومباشرة بعد دعوته، شرع عناصر "كتائب السلام"، وهو فصيل مسلح تابع لأوامر الصدر وأنصار هذا الأخير المعتصمين منذ عدة أسابيع أمام مبنى البرلمان، في الانسحاب من المنطقة الخضراء، المنطقة الأكثر تحصينا في العاصمة بغداد وكل العراق، والتي تضم، إلى جانب المؤسسات الحكومية، مقار السفارات والتمثيليات الدبلوماسية الغربية.

ويكون الصدر، من خلال موقفه الصارم، قد أغلق باب فتنة، لو تركه مفتوحا، لأدخل العراق في متاهة فوضى عارمة كانت سترمي بهذا البلد المضطرب مجدّدا في متاهة حرب أهلية مدمرة، وهو الذي لم يلملم جروحه بعد من تبعات الغزو الأمريكي عام 2003. وجاءت دعوة الصدر بعد تجدّد المواجهات، صباح أمس، بين قوات الأمن والمسلحين الموالين له والتي استخدمت فيها الأسلحة الآلية وحتى قنابل "آر. بي. جي" بالمنطقة الخضراء، التي تحولت إلى ساحة حرب حقيقية عكست حدة الاحتقان السياسي التي تتخبط فيها الطبقة السياسية العراقية.

وتوالت ردود الفعل الدولية الداعية جميع الأطراف في العراق إلى التهدئة وتجنب التصعيد، وتغليب صوت الحكمة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس وضرورة حل الخلافات عبر الحوار السياسي والطرق السلمية. وفي هذا السياق، دعا الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، إلى اتخاذ خطوات فورية لتهدئة الوضع في العراق، وحثّ جميع الأطراف والجهات الفاعلة على تجاوز الخلافات والمشاركة، "دون مزيد من التأخير"، في حوار سلمي وشامل لحلحلة الوضع.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، إن "ما يحدث اليوم في العراق تصعيد خطير"، مشيرا الى أن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" حثت الجميع على الاستمرار في السلمية والتعاون مع قوات الأمن، والإحجام عن الأعمال التي قد تؤدي إلى أحداث لا يمكن إيقافها. كما دعا جميع الأطراف السياسية إلى العمل على تهدئة التوترات واللجوء إلى الحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل الخلافات.

من جانبه، عبر البيت الأبيض الأمريكي عن "قلقه" إزاء الاضطرابات في العراق، حيث قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في تصريح له، إن الولايات المتحدة تبدي "قلقها" حيال المعلومات عن تصاعد العنف في بغداد، داعيا إلى "الهدوء والحوار" من أجل حل مشكلات البلاد. وعلى الصعيد العربي، حذّرت جامعة الدول العربية من انزلاق الوضع في العراق نحو مزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء، داعية كافة الأطراف إلى تغليب المصلحة الوطنية لتجاوز الوضع الراهن الذي يمثل خطورة على استقرار البلاد. كما دعا البرلمان العربي جميع القوى السياسية في العراق لضبط النفس ومنع التصعيد، وإعلاء المصلحة الوطنية للبلاد، مشدّدا على أهمية عودة الهدوء إلى الساحة العراقية وجلوس كافة الأطراف على طاولة الحوار، للخروج بحل سياسي يضع مصلحة الشعب العراقي فوق أي اعتبار.