في تعارض مع الموقف الروسي حول سوريا

ألمانيا تؤيد حضور تنظيمات مسلحة في مفاوضات جنيف الثالثة

ألمانيا تؤيد حضور تنظيمات مسلحة في مفاوضات جنيف الثالثة
  • 834
م. مرشدي م. مرشدي

دخلت ألمانيا أمس على خط المساعي الدولية الرامية إلى إنجاح جولة مفاوضات "جنيف ـ 3" بين الحكومة السورية وأطياف المعارضة، ولكن بموقف ذهب إلى نقيض الموقف الذي اتخذته روسيا الرافض لبعض أعضاء وفد هذه الأخيرة إلى المدينة السويسرية.  وأكد وزير الخارجية الألماني، فرانك والتر ستينماير ضمن هذا الموقف على ضرورة إشراك ممثلين عن المعارضة المسلحة في هذه المفاوضات وقناعته أنه لا يمكن العثور على مجموعات مسلحة "معتدلة" بعد خمس سنوات من حرب أهلية دامية.

وهو رد صريح على موقف نظيره الروسي، سيرغي لافروف الذي أصر على موقفه الرافض لمشاركة مصطفى علوش القيادي في تنظيم "جيش الإسلام" المناهض للنظام السوري ويحظى بدعم قوي من طرف العربية السعودية ومختلف دول الخليج ووصفته موسكو ودمشق على أنه أكبر الإرهابيين اللذين لا يمكن التفاوض معهم. وإذا كان رئيس الدبلوماسية الألماني أكد أنه لا أحد يقبل التفاوض مع الإرهابيين أو متطرفين إسلاميين الذين سيكون هدفهم الأول إجهاض مفاوضات السلام ولكن ذلك لم يمنعه من القول "إننا سنكون في حاجة ماسة لمشاركة ممثلين عن فعاليات سياسية لها ثقلها في المشهد السوري ولها استعداد لوقف المعارك في إطار هذه المفاوضات.

ولكن جولة المفاوضات غير المباشرة أو ما اصطلح عليها باسم مفاوضات "جنيف ـ 3" التي كان يجب أن تنطلق اليوم، تم إرجاؤها إلى موعد لاحق بسبب هذه الإشكالية وتباين المواقف بخصوص من يشارك ومن لا يشارك في لقاء تعقد عليه القوى الكبرى آمالا كبيرة لوضع اللبنات الأولى لحوار جدي يفضي إلى تسوية سياسية لحرب أهلية حصدت أرواح 260 ألف سوري. ويمكن القول أن بلوغ الوضع السوري حالة الانسداد الراهنة كان سببه المباشر تعدد الأطراف الإقليمية والدولية التي يريد كل واحد منها سحب البساط من تحت أقدام الآخر للمحافظة على مصالحه في سوريا وكل المنطقة العربية دون مراعاة مصلحة هذا البلد وشعبه الذي يدفع ثمن هذا التطاحن الذي حولها طيلة خمس سنوات إلى ساحة حرب مدمرة. 

وحتى إن كتب لهذه المفاوضات الانعقاد، فإن كل التكهنات صبت جميعها في احتمال فشلها بسبب تباين مواقف الحكومة والمعارضة بالنظر إلى تنافر أهدافهما من المشاركة في هذه المفاوضات. فإذا كانت تشكيلة الوفد المعارض شكلت عقبة في طريق هذه المفاوضات، فإن مصير الرئيس الأسد الذي تصر المعارضة على رحيله يبقى أكبر العقبات بعد أن أكدت دمشق وموسكو أن مثل هذا الأمر لن يكون مطروحا للنقاش على اعتبار أن كلمة الفصل تعود للشعب السوري دون غيره.

وهو الطرح الذي رفضه جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي الذي أكد أن الأسد أصبح بمثابة مغناطيس لجذب كل الإرهابيين من كل مناطق العالم، بما يستدعي رحيله لوقف هذه الظاهرة وعلى اعتبار أن هؤلاء سيواصلون تدفقهم على سوريا مادام الأسد والداعمين له يعتقدون أنه يشكل طرفا في التوصل إلى حل للأزمة السورية وهذا غير ممكن". وبين موقف لافروف وكيري، تبقى معاناة السوريين مستمرة بعد أن أكدت تجربة السنوات الخمس الأخيرة أن الوضع في سوريا لم يعد صراعا داخليا بقدر ما هو صراع استراتيجي بين قوى كبرى تسعى كل واحدة منها لزحزحة المنافسين أو على الأقل المحافظة على مصالحها هناك ضمن معادلة استحال التفاهم بشأنها.