تركيا تستلم أول شحنة من صواريخ "أس ـ 400" الروسية

أردوغان يتحدى دول حلف الناتو

أردوغان يتحدى دول حلف الناتو
  • القراءات: 836
م .م م .م

تسلمت السلطات التركية أمس، أول شحنة من صواريخ "أس ـ 400" الروسية الصنع المضادة للطائرات في تحد للتحذيرات التي سبق للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أن وجهها لنظيره التركي، رجب طيب أردوغان محذرا إياه من مغبة إتمام هذه الصفقة.

وقال وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو أمس، إن عملية استلام منظومة هذه الصواريخ تسير كما هو مخطط لها، ولا تعتريها أي مشاكل. وأضاف خلال ندوة صحفية مع نظيره السويسري، إنياسيو كاسيس بالعاصمة أنقرة، أن "الصفقة اكتملت ونحن ننسق كل الأمور المتعلقة بعملية الاستلام مع الطرف الروسي.

وأكدت وزارة الدفاع التركية أن أول شحنة من تجهيزات هذه الصواريخ المضادة للطائرات وصلت فعلا أمس، إلى قاعدة "مرتض" الجوية في العاصمة أنقرة ضمن جسر جوي وبحري سيتواصل إلى غاية نهاية شهر أوت القادم.

وأضافت وزارة الدفاع التركية أن قرار دخول هذا النظام الصاروخي الدفاعي الخدمة يعود أمر اتخاذه إلى السلطات التركية بمجرد التأكد من جاهزيته بشكل كامل.

وأكدت ماريا فوروبييفا الناطقة باسم المصالح الفيدرالية الروسية المكلفة بالتعاون العسكري أن إرسال أنظمة صواريخ "أس ـ 400" بدا فعلا مع السلطات التركية وأن العملية ستتواصل بين الجانبين وفق الآجال المحددة بينهما.

وتعد هذه أول شحنة في انتظار شحنة ثانية سيتم إرسالها إلى تركيا في انتظار صفقة ثالثة من 120 صاروخا نهاية الصيف.

وفي وقت أكدت فه مصادر روسية أن فريقا من حوالي عشرين عسكريا تركيا تلقوا تدريبات وتكوينا على مدى شهري ماي وجوان الماضيين في روسيا للتحكم في استعمال هذه الصواريخ، في انتظار وصول 80 مختصا آخر إلى روسيا بداية الشهر الجاري ضمن دورة تكوينية تتواصل إلى غاية نهاية الشهر القادم.

وبقدر ما شكلت هذه الصفقة غير المسبوقة بين روسيا وتركيا تحولا في علاقات البلدين وأعادت الدفء إليها بعد جفاء سابق، فإنها ستكون في المقابل سببا في بداية علاقات جليدية بين تركيا والولايات المتحدة ومع كل الدول الأوروبية المنضوية تحت مظلة حلف الناتو التي لم تستسغ جميعها دخول أسلحة روسية إلى منظومة الدفاع الأطلسية. وأعادت هذه الصفقة التاريخية إحياء محور موسكو ـ أنقرة بعد الضبابية التي أصابت علاقاتهما شهر نوفمبر سنة 2015 على خلفية تباين موقفيهما بخصوص الحرب السورية وعرفت تأججا إضافيا بعد إقدام طائرات تركية على إسقاط مقنبلة "سوخوي" روسية في نفس الشهر، بمبرر اختراقها لمجالها الجوي.

وأرادت السلطات التركية أن تعطي لهذه الصفة رمزية خاصة أولا من خلال استقبالها لهذه الصواريخ في قاعدة "مرتض" التي تم التخطيط فيها لمحاولة لانقلاب العسكري الفاشل الذي استهدف نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، وهي تأتي يومين فقط قبل انكشاف المحاولة التي دفعت بالرئيس التركي إلى تنفيذ أكبر عملية تطهير داخل القوات المسلحة والإدارات التركية ضد من أسماهم بالانقلابيين الموالين للداعية التركي فتح الله غولن اللاجئ بالولايات المتحدة.

وجاء الكشف عن تسلم السلطات التركية لأول شحنة من هذه الصواريخ الإستراتيجية بعد رفض أنقرة الأربعاء الماضي لتحذيرات أمريكية ردعتها عن اقتناء هذه الصواريخ وحثتها على عدم اتخاذ قرارات قد تؤثر على العلاقات التركية ـ الأمريكية.

ورفض الرئيس الأمريكي في عديد المرات اقتناء تركيا لمثل هذه الصواريخ التي أكدت فعاليتها العسكرية بقناعة أنها لا تتماشى مع منظومة الأسلحة التي تتوفر عليها مختلف دول الحلف الأطلسي التي تعد تركيا دولة عضو فيه، وبذريعة مخاوف بلاده من احتمال سبر جواسيس روس للخبايا التكنولوجية لطائرات "أف ـ 35" الأمريكية التي تقدمت السلطات التركية بطلب رسمي لاقتنائها.

وسبق للإدارة الأمريكية أن منحت بداية شهر جوان الماضي، مهلة لنظيرتها التركية تنتهي نهاية الشهر الجاري بعدم إتمام صفقة الصواريخ الروسية وهددتها بعدم بيعها لطائرات الـ”أف ـ 35".

وجددت الإدارة الأمريكية إعذارها رغم أن الرئيس أردوغان سبق أن أكد نهاية الشهر الماضي بعد لقاء مع الرئيس دونالد ترامب أنه لا يخشى أي عقوبات جراء صفقة الصواريخ الروسية، بما يدفع إلى التساؤل حول ما إذا كان قد حصل على ضوء أخضر من الرئيس ترامب قبل أن يتراجع هذا الأخير عن موقفه.

يذكر أن الرئيس التركي أصر على إتمام صفقة هذه الصواريخ رافضا الانصياع لتحذيرات الدول الغربية ضمن استراتيجية مدروسة لجعل بلاده قوة عسكرية لها كلمتها في آسيا كما في أوروبا وأيضا للضغط على الاتحاد الأوروبي بخصوص مسألة عضوية بلاده في المنتظم الأوروبي إلى جانب حفظ التوازن في علاقاته مع الروس والأمريكيين وحتى مع الصينيين.


الخصائص التقنية لصواريخ "أس ـ 400" الروسية

تعتبر صواريخ "أس ـ 400" أحدث نظام دفاعي جوي دخلت الخدمة في الجيش الروسي لأول مرة سنة 2017. وقد تم تصميمها للتصدي لأي تهديد جوي سواء بالطائرات أو الصواريخ، حيث يبلغ مداها حوالي 400 كلم وبالإمكان تشغيلها في خمس دقائق.

وتتكون بطارية صواريخ "أس ـ 400" من مركز تحكم وعدة محطات رادار متحركة و12 عربة للإطلاق وعدة شاحنات كل واحدة منها محملة بأربعة صواريخ. 

وكانت الصين أول دولة تتزود بهذه الصواريخ سنة 2018، حيث اقتنت ست بطاريات، بينما اشترت الهند أكبر زبون لروسيا في مجال التسلح خمس بطاريات بقيمة 5,2 مليار دولار ستستلم أولاها العام القادم.

وسبق للسلطات الروسية أن نشرت بطاريتين في سوريا لحماية قواعدها الجوية في ميناء طرطوس السوري وقاعدة حميميم الجوية.  كما أبدت دولة قطر والعربية السعودية والعراق رغبة ملحة في اقتناء هذا النوع من الصواريخ.

وترجع أسباب تخوف الدول الغربية من هذه الصواريخ إلى فاعليتها وأيضا إلى أسعارها التنافسية مقارنة مع نظيراتها المنتجة في مختلف الدول الغربية الأخرى وخاصة بطاريات صواريخ "باتريوت" الأمريكية.

وزادت مخاوف هذه الدول من الاختراق العسكري الروسي في قلب حلف الناتو وخاصة منذ إعلان موسكو إنتاجها لنظام صواريخ "أس 500" التي جاءت لخلافة أنظمة صواريخ "أس 400" والتي أكدت مصادر روسية قدرتها على ضرب أهداف في المجال الجوي بما فيها أقمار التجسس العسكرية.

ق.د