فرقاء الأزمة اليمنية على موعد مع التاريخ بجنيف

آخر فرصة لإنهاء حرب يرفضها غالبية اليمنيين

آخر فرصة لإنهاء حرب يرفضها غالبية اليمنيين
  • القراءات: 548
أكدت تقارير لمنظمات إنسانية وحقوقية دولية، أن 80 بالمائة من اليمنيين يعانون الأمرين من الحرب الأهلية التي تعصف ببلدهم، ويريدون وقفا فوريا لها لوضع حد لمعاناتهم والمآسي التي يتقاسمون ويلاتها. وإذا سلّمنا بمثل هذه الحقيقة  فإن 20 بالمائة فقط من تعداد سكان اليمن يخوضون هذه الحرب، أو أنهم يؤيدونها فارضين بذلك منطقهم على الأغلبية الساحقة من السكان بقوة القهر والنار.
ووفق هذه المعادلة غير المتكافئة وغير المنطقية فهل سيمتثل فرقاء الحرب بمدينة جنيف، يوم غد، لإرادة الشعب اليمني ويضعون حدا لحرب لم تجلب لأحد أفقر بلدان العالم سوى الخراب والدمار والموت والتيهان، وخاصة وأن الأمم المتحدة تريد أن تجعل من هذه الندوة بداية ـ نهاية مأساة عمقت الجرح اليمني وزادت في هوة الشرخ بين مكوناته المجتمعية.
وإذا احتكمنا لمنطق العقل فإن المتوجهين إلى مدينة جنيف سوف لن يخيّبوا آمال ملايين اليمنيين الطامحين لأن تكون هذه الندوة بمثابة المنعطف في حرب مدمرة باتجاه إسكات لعلعة الرصاص ودوي القنابل التي عكّرت عليهم حياتهم من طمأنينة وهدوء إلى قلق وحيرة وفرار. وتبقى تلك رغبة يطمح إليها عامة اليمنيين، أما واقع الحال فيرسمه الساسة وأصحاب البزة العسكرية الذين سيحملون مواقفهم وشروطهم إلى طاولة المفاوضات بمقر الأمم  المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، وسيحاول كل طرف أن يفرض منطقه على الآخر انطلاقا من واقع ميداني خلّفته حرب الثلاثة أشهر.
ولا يستبعد أن تكون مثل هذه القناعة هي التي أجّجت الحرب الأهلية في هذا البلد منذ إعلان المبعوث الاممي أحمد ولد الشيخ إسماعيل، عن لقاء بين الحكومة اليمنية والحوثيين في جنيف عندما كثّف الطرفان المتحاربان ضرب أهداف بعضهما البعض بضراوة فاقت عمليات القصف التي سبقت تلك الدعوة. وهو التصعيد الذي ترافق مع شروط سياسية مسبقة وضعتها حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وحركة أنصار الله الحوثية، مقابل قبول مقترح التوجه إلى سويسرا ضمن رغبة مسبقة لتحديد الإطار العام الذي ستجري فيه هذه المفاوضات.
فقد أكد خالد العطية، وزير الخارجية القطري، أن التحالف العربي الذي تقوده العربية السعودية ضد الحوثيين لن يوقف غاراته الجوية على أهداف الحوثيين ما لم يتم تطبيق بنود اللائحة الأممية 2216، وعودة هؤلاء من حيث جاؤا ضمن موقف أعطي صورة مسبقة عن الأجواء المشحونة التي ستسود داخل قاعة المفاوضات. وهي إشكالية مستعصية سيجدها الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، على طاولة التفاوض وهو ملزم بإيجاد أرضية توافقية بشأنها  بالعمل على تليين مواقف الجانبين وبكيفية تجعل المفاوضات تسير باتجاه  الانفراج بدلا من التعثر من أول وهلة والعودة بالتالي إلى نقطة الصفر، بل إلى مزيد من التصلّب في المواقف.
ولذلك فإن إصرار الحكومة اليمنية ومعها دول الخليج الداعمة لها على إجراء المفاوضات في إطار الاتفاقية الخليجية أو حتى اللائحة الأممية 2216، قد يرهن كل حظ لإنجاح هذا الموعد التفاوضي إذا أخذنا بواقع الحال الميداني، وبقناعة أن الحوثيين ليسوا مستعدين في الوقت الراهن لنزع سلاحهم والعودة إلى معقلهم في محافظة صعدة ما لم يحسموا كثيرا من القضايا الخلافية مع صنعاء، وكانت سببا في الانزلاق العسكري الذي تعرفه اليمن وخاصة ما تعلق بتعديل الدستور اليمني والنظام السياسي وتقسيم الأقاليم اليمنية الذي أشعل شرارة الفتنة الطائفية.