الانتخابات التشريعية الفرنسية

«الماكرونية» تكتسح البرلمان

«الماكرونية» تكتسح البرلمان
  • القراءات: 3295
 م/ مرشدي م/ مرشدي

كما كان متوقعا فاز حزب «حركة الجمهورية إلى الأمام» الذي يقوده الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، بأغلبية مقاعد البرلمان الفرنسي في الدور الأول من الانتخابات العامة الفرنسية بحصوله على 32,32 بالمئة من الأصوات المعبّر عنها.

 

وحل حزب «الجمهوريون» اليميني ثانيا بحصوله على نسبة 21,56 من الأصوات متقدما بفارق كبير عن الجبهة الوطنية المتطرفة التي لم تحصل سوى على 13,20 بالمئة من الأصوات، وهي نفس النتيجة تقريبا التي حصل عليها حزب فرنسا المتمردة الذي يقوده الشيوعي جان لوك ميلانشون، الذي حصل على 13,74 بالمئة من الأصوات.

وإذا كانت الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبان، أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات فإن أكبر انتكاسة انتخابية مني بها الحزب الاشتراكي الذي لم يستطع تجاوز نسبة العشرة بالمئة بعد أن حصل سوى على 9,51 بالمئة من الأصوات.

ويكون حزب الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، قد أكد تقهقره في المشهد السياسي الفرنسي، مكرسا نتيجة الانتخابات الرئاسية شهر ماي الماضي، في تراجع لم يجد أي تفسير له وهو الذي حصد الأغلبية البرلمانية في الانتخابات العامة لسنة 2012.

وأفقدت النتيجة التي حققها حزب «حركة الجمهورية إلى الأمام انتخابات الدور الثاني المنتظر إجراؤها الأحد القادم، كل عامل مفاجأة سوى تعزيز حصيلته بالفوز بمقاعد إضافية.

وتوقعت عمليات سبر الآراء المنجزة بالاعتماد على نتائج الدور الأول حصول حزب الرئيس الفرنسي ومعه الحركة الديمقراطية المتحالفة معه على ما بين 400 و445 مقعدا من إجمالي مقاعد الجمعية الوطنية المقدر  بـ577، وهي نتيجة تتجاوز بقرابة الضعف الأغلبية البرلمانية المطلقة المقدرة بـ289 مقعدا.

وكان الرئيس ماكرون، يطمح إلى تحقيق هذه النتيجة حتى يتمكن من مباشرة إصلاحاته التي وعد بها خلال عهدته الخماسية والرامية إلى حلحلة الاقتصاد الفرنسي، وإخراجه من حالة الكساد التي يعرفها وتقليص حجم المديونية العامة وإصلاح منظومة الصحة والعمل والتربية ضمن سلسلة إصلاحات جذرية يريد إنجازها خلال عهدته الخماسية.

وإذا كان الرئيس ماكرون، ابتهج لهذه النتيجة فإن خصومه من قيادات الأحزاب الأخرى اعتبروا هذه الأغلبية بمثابة ضربة قوية للممارسة الديمقراطية في داخل الجمعية الوطنية، التي ستعرف تمرير مشاريع قوانين ذات أهمية بالغة دون معارضة حقيقية. 

وتحول حزب «حركة الجمهورية إلى الأمام» بهذه النتيجة إلى ظاهرة سياسية في فرنسا، ليس لأنه استطاع القضاء على هيمنة الحزبين التقليديين الليبرالي والاشتراكي وإخراجهما من حسابات الفرنسيين ولكن لأن الرئيس مانويل ماكرون، استطاع تحقيق هذه النتيجة في وقت قياسي لم يتجاوز سنة واحدة مكّنته من إحداث زلزال سياسي بفضل خطاب سياسي متجدد خرج بواسطته من نطاق الجدلية التقليدية التي حكمت العلاقة بين اليسار واليمين، بالإضافة إلى خطته الانتخابية التي استطاع بفضلها استقطاب الناخبين في أحزاب منافسة إلى صفه.

والمفارقة أن قيادات هذه الأحزاب لم تتمكن من وقف النزيف الذي أصاب تشكيلاتها من خلال وضع خطة مضادة لوقف ما حصل لها، وبقيت أشبه بالمتفرج على موت محتوم لتشكيلات صنعت الحدث السياسي في فرنسا منذ خمسينيات القرن الماضي.

واستقبلت العواصم الأوروبية هذا الفوز بارتياح كبير خاصة وأنه سيكون بمثابة ورقة رابحة بين أيدي الرئيس الفرنسي، لإتمام الإصلاحات الهيكلية في منظومة الحكم الفرنسية والتي يضغط الاتحاد الأوروبي من أجل إتمامها داخل دولة لها أهميتها في البناء الأوروبي.