الانتخابات العامة الفرنسية

«الجمهورية إلى الأمام» لتكريس «الماكرونية»

«الجمهورية إلى الأمام» لتكريس «الماكرونية»
  • القراءات: 2317
 م.مرشدي م.مرشدي

ينتظر الفرنسيون مساء اليوم نتائج الدور الأول من انتخابات تشريعية مفصلية لمعرفة ما إذا كان الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون سيعزز سلطاته بأغلبية برلمانية، تمكنه من قيادة فرنسا في الخمس سنوات القادمة، وتغنيه عن الحاجة في إبرام تحالفات مع القوى السياسية الأخرى.

وستكون حركة «الجمهورية إلى الأمام» التي أسسها الرئيس الفرنسي قبل عام تحسبا لترشحه لانتخابات الرئاسة التي فاز بها شهر ماي الماضي أمام امتحان حقيقي، وخاصة من حيث تأكيد شعبيتها كقوة سياسية صاعدة في وجه الأحزاب التقليدية التي طبعت المشهد السياسي الفرنسي طيلة ستة عقود.

وتوجه قرابة 47 ناخبا فرنسيا اليوم إلى مكاتب التصويت لاختيار 577 نائبا من مجموع 7882  مرشحا في دور أول، ستكون نتائجه بمثابة مؤشر حقيقي على التوجهات الانتخابية للفرنسيين قبل إجراء الدور الثاني يوم 18 جوان الجاري، خاصة ما تعلق بمعرفة حظوظ حركة الجمهورية إلى الأمام؛ في ضمان أغلبية نيابية خلال الخمس سنوات القادمة.

وهو الرهان الذي سارع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى رسمه لنفسه مباشرة بعد فوزه بمقعد كرسي قصر الإليزي، بوضع قوائم في 530 دائرة انتخابية ضمن خطة لتكريس الفوز الساحق الذي حققه أمام منافسيه، الذين تأكد تراجع دورهم السياسي في مجتمع فرنسي؛ ما انفك يعرف تحولات جذرية في السنوات الأخيرة.

وحسب ملاحظين فإن حركة الرئيس الفرنسي بمقدورها حصد 400 مقعد نيابي ضمن سابقة في تاريخ انتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية وتأكيد على المنحنى التصاعدي لحركته؛ على اعتبار أن حصوله على 289 مقعدا يكفيه لضمان الأغلبية النيابية.    

وإذا كانت حركة الرئيس الفرنسي قد حسمت أمر حزب الجمهوريين اليميني والحزب الاشتراكي بعد أن تمكنت من اختراق وعائهما الانتخابي، فإنها تبقى في موقف المتوجس من الصعود اللافت للجبهة الوطنية، التي تمكنت في ظرف سنوات من التحول إلى قوة سياسية ثانية، وتكريس ذلك في الانتخابات العامة الحالية.

ومهما يكن فإن الرئيس الفرنسي الشاب وضع هذه الانتخابات كأولوية في خطة التموقع السياسي التي رسمها لنفسه؛ على اعتبار أنها الكفيلة بتمكينه من مواصلة الإصلاحات العميقة التي يريد إدخالها في نصوص الكثير من قوانين الجمهورية الفرنسية، التي تؤهله لقيادة بلاده بمنظور جديد، يمكّنه من نفخ نفس جديد في الاقتصاد الفرنسي والحد من البطالة وتحسين الأوضاع الاجتماعية وتقليص العجز في الميزانية العمومية.

وتكون هذه الرغبة هي التي جعلته يشكل حكومة متعددة الأطياف السياسية من اليمين ويمين الوسط والاشتراكيين؛ بنيّة حصد المزيد من أصوات الناخبين الفرنسيين، الذين لم يعودوا يجدون أنفسهم في الخطاب السياسي لأحزابهم التقليدية.

فهل يتمكن مرشحو حركة الجمهورية إلى الأمام من تحقيق هذا الرهان ضمن «تسونامي» انتخابي جديد، يؤكد الصعود القوي للأفكار «الماكرونية» وتبنّيها من طرف المجتمع الفرنسي، أم أن نتائجها لن تكون سوى «موجة» لا تأثير لها في المشهد السياسي الفرنسي، وهو احتمال جعل الوزير الأول الفرنسي إدوارد فليب، يدعو مرشحي حركته إلى مواصلة حملتهم الانتخابية حتى نهايتها بقناعة أن لا شيء مضمون مسبقا في موعد انتخابي بأهمية الانتخابات العامة.