تطبيق الاحتراف في كرة القدم الجزائرية ‏

من الطمـوح إلى الاستياء

من الطمـوح إلى الاستياء
  • القراءات: 1187
‏ ع. إسماعيل ‏ ع. إسماعيل

لم يعد من الممكن لكثير من رؤساء أندية الرابطتين الأولى والثانية، تسيير فرقها بشكل جيد في ظل الأزمات المالية العويصة التي تتخبط فيها هذه الأخيرة باستثناء أربعة أندية، وهي مولودية الجزائر وشبيبة الساورة وشباب قسنطينة ومولودية وهران، التي ضمنت التسيير من مؤسسات عمومية تضمن لها على الأقل ديمومة متواضعة في الجانب المالي.

فأغلب الأندية التي اختارت سياسة الاحتراف، دقت ناقوس الخطر رغم أن البطولة لم تبلغ نصف طريقها، فهي لازالت تنتظر من السلطات العمومية المكلفة بالرياضة ومن الفاف، التفاتة سريعة تجنّبها الإفلاس بعد أن أصبحت عاجزة عن مواجهة تكاليف التسيير المالي لفرقها؛ بسبب تراكم الديون التي بلغ حجمها مبالغ كبيرة يستحيل تسديدها، فما بالك بالمعاناة الأخرى التي تواجهها من أجل مستحقات اللاعبين، مثل فرق اتحاد الحراش وشباب بلوزداد وشباب عين فكرون، التي أصبحت لا تقدر على مواجهة ارتفاع أجور لاعبيها، والتي تقارب الملياري سنتيم في الشهر الواحد، يضاف إليها مصاريف النقل والإيواء عند اللعب خارج القواعد. وبسبب تأثرها الدائم بالأزمات المالية، أصبحت الأندية المحترفة تخشى كثيرا من حدوث هجرة جماعية للاعبيها خلال مرحلة الميركاتو القادمة، فضلا عن أنها مهدَّدة بتجميد أرصدتها المالية بعد لجوء كثير من لاعبيها القدامى والحاليين إلى المحاكم، بغرض استرجاع مستحقاتهم المالية.وقد أصبحت الأندية قلقة كثيرا على مستقبلها في البطولة الاحترافية التي تشارك في أطوارها في ظل تراكم المشاكل التي تمنعها من تطبيق تسيير مضبوط، فكثير من رؤسائها يعتقدون أن الإسراع في اعتماد الاحتراف كان أكبر خطأ ارتكبته الفاف؛ لاعتقادهم أنه كان بوسع هذه الأخيرة إحصاء وضعية الأندية قبل الانطلاق في عملية تطبيق سياسة الاحتراف، التي لم تجن منها الكرة الجزائرية أية فائدة في ظل تراجع مستوى المنافسة من موسم إلى آخر، فلم تعد البطولة الوطنية المموّل والخزان الحقيقي للمنتخب الوطني، مثلما كانت الحال في الثمانينيات والتسعينيات، وأصبح الفرق شاسعا بين هاتين الفترتين والفترة الحالية التي يتشكل فيها تعداد التشكيلة الوطنية بأغلبية كبيرة من اللاعبين المحترفين، إلى درجة أن كثيرا من الذين يتابعون عن قرب البطولة الاحترافية، أصبحوا متأكدين من أن الفاف تهتم بالفريق الوطني أكثر من المنافسة.كما تعاني الأندية المحترفة أيضا من ضعف الميكانيزمات القانونية التي تحميها من التعرض للتلاعبات والممارسات غير القانونية، التي أصبحت تشوّه سياسة الإصلاح الكروي، حيث إن أطوار البطولة الاحترافية تسير في ظل تكاثر بعض التصرفات التي ليس لها علاقة بكرة القدم، مثل تفشي الرشوة وترتيب المباريات، وهي ممارسات لم تعد تخفى على أي أحد، وتقع خاصة عند اقتراب نهاية البطولة حتى إننا أصبحنا نشك في استحقاقات الفريق الذي يفوز بلقب البطولة. وكان المدرب السابق لمولودية وهران محمد حنكوش، آخر من كشف عن وجود هذه الأعمال المنافية لأخلاق الرياضة، لما اتهم رئيسه السابق في مولودية وهران يوسف جباري، حيث صرح بأن هذا الأخير طلب منه ترتيب إحدى مباريات البطولة. ولا شك أن هذا الإشكال (القديم- الجديد) الذي أثاره حنكوش يُعد في نظر الذين يتابعون أطوار البطولة الاحترافية، بمثابة الشيء القليل من المشاكل العويصة التي تعيشها كرة القدم الجزائرية في مجال التسيير الفوضوي الذي يطبع مسيرتها.كما أن التناقض الكبير الذي يطبع تطبيق الاحتراف في بطولتنا، يتمثل أيضا في الفشل الذي تعرفه أنديتنا في المنافسات القارية، إلى درجة أننا أصبحنا لا نرى أية جدوى أو فائدة من هذه المشاركة مادامت هذه الأندية لا تتعدى في غالب الأحيان الأدوار التمهيدية، بل حتى الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تفطنت لهذا الجانب، ودفع بها الأمر إلى مطالبة كل من وفاق سطيف واتحاد الحراش وشباب قسنطينة، بالعدول عن خوض غمار المنافسة الإفريقية بمختلف كؤوسها.وليس فقط الجانب المالي ما يعيق التطبيق الفعلي للاحتراف، بل إن نقص المنشآت الرياضية مثل الملاعب، يُعد أيضا من أكبر النقائص التي تعاني منها الأندية الاحترافية، التي أكد مسيّروها في كثير من المرات، أن السلطات العمومية المكلفة بالرياضة، تأخرت كثيرا عن تجسيد وعودها في هذا المجال، ويعتبرون أن تخصيص مساحات لإنجاز الملاعب لا يُعد الحل الأمثل في ظل عدم قدرة الأندية المحترفة على التكفل بتشييد الملاعب من الناحية المالية.وستكون كل هذه المشاكل التي تحدثنا عليها موضوع الاجتماع الذي يعقده اليوم رؤساء الأندية المحترفة، الراغبة في مطالبة السلطات العمومية المكلفة بالرياضة، بإلغاء الديون التي أصبحت تقف كحجرة عثرة أمام أي تطور للاحتراف الكروي في بلدنا.

ولا شك أن رؤساء الأندية المحترفة يترقبون القرارات القادمة، التي تريد كل من وزارة الشباب والرياضة والفاف تطبيقها في الموسم القادم، منها بشكل خاص، تقليص عدد الأندية المحترفة في الرابطة الأولى، واعتماد نظام شبه احترافي.