المدرب الوطني السابق ناصر سنجاق لـ"المساء":

لم أنم ثلاث ليال بعد إقصائنا من المونديال

لم أنم ثلاث ليال بعد إقصائنا من المونديال
المدرب الوطني السابق ناصر سنجاق
  • القراءات: 846
 ع . اسماعيل  ع . اسماعيل 

أسعى إلى إنشاء مركز لتكوين المدربين في الجزائر

أقود مركزا رياضيا متخصصا في التدريب بباريس، أنشأته رفقة مكونين فرنسيين

الحديث عن ناصر سنجاق، يجرك بالضرورة إلى ذكر الفترات التي درب خلالها المنتخب الوطني الجزائري، وفريقي شبيبة القبائل ومولودية بجاية، حيث بلغ مع الخضر دور ربع النهائي في كأس أمم إفريقيا 2000، التي جرت أطوارها في غانا، بينما ترك بصماته مع فريقي تيزي وزو وبجاية، التي أوصلها إلى نهائي كأس الجزائر سنة 2016. اليوم، سنجاق لا يرغب في العودة إلى البطولة الجزائرية، بقدر ما يسعى إلى المساهمة بصفة فعالة في تطوير رياضة كرة القدم عندنا، عبر مشروعه الرياضي المتمثل في إنشاء مركز لتكوين المدربين في بلده الأصلي. كل ذلك تطرقت إليه "المساء"‘ في هذا الحوار.

لم نعد نسمع اليوم، الكثير عن أخبارك مثلما كان الحال في السنوات السابقة ...

❊❊ صحيح، أجد نفسي اليوم غائب منذ فترة زمنية عن الساحة الرياضية الجزائرية، لكن هذا لم يمنعني من متابعة النشاط الرياضي في بلدي، لاسيما فيما يتعلق برياضة كرة القدم، لقد تأثرت ككل الجزائريين بالإقصاء غير المنتظر لمنتخبنا الوطني، من تصفيات كأس العالم 2022، وقد لا تصدقونني إن قلت لكم، إنني لم أنم طيلة ثلاثة ليال كاملة، نتيجة تأثري العميق من ذلك الإقصاء الذي كان قاسيا، بل وصعب علي تقبله بسهولة، بعد أن تيقنت من أن ورقة التأهل إلى مونديال قطر كانت بحوزتنا، لكن ضيعناها لأسباب لا أريد التحدث عنها في الوقت الراهن، التأسف لا نجني به شيئا، بل يتعين الآن نسيان ما حدث لنا في تلك المباراة ضد الكاميرون، لأن الندم أو التحسر لا يفيد في شيء.

عندما نتحدث عن منطقة نوازي لوساك بفرنسا، يأتي اسمك مباشرة، هل لا زلت مدربا لفريقها المحلي؟

❊❊ طبعا، نوازي لوساك تربيت وترعرعت فيها، ولا زلت إلى حد الآن متعلقا بها، حيث تتواجد أفراد عائلتي الكبيرة، لكنني تركت مكاني في العارضة الفنية لفريقها المحلي إلى ابن أخي، وتحولت إلى شغل مهمة المناجير العام للفريق.

ما عدا هذا المنصب، ماذا تشتغل في المجال الرياضي؟

❊❊ لدي نشاطات جانبية، منها أنني مستشار رياضي بإحدى القنوات الرياضية، التي تتناول في المهجر أخبار الرياضة الجزائرية، وأقود حاليا مركزا رياضيا متخصصا في التدريب بباريس، الذي أنشأته رفقة مكونين فرنسيين، مؤهلين لتكوين المدربين في كرة القدم، لاسيما الذين لعبوا في المستوى العالي، وهو الآن يضم لاعبين سابقين من عدة جنسيات، انضموا إلينا من أجل الحصول على شهادات التدريب الحديث، يوجد من بينهم لاعبون كانوا من قبل ضمن المنتخب الوطني الجزائري، مثل عنتر يحيى وخالد لموشية وفوزي منصوري وعلي بن عربية وسليمان رحو، المركز يشكل في حد ذاته مشروعا رياضيا هاما في فرنسا، تحصلنا على موافقة الاتحادية الفرنسية لكرة القدم لانطلاق هذا المشروع، الذي تدعمه عبر مديريتها الفنية الوطنية، والتي تعتبره مشروعا هاما يساهم في رفع كفاءة التقنيين في مجال التدريب، وتشرف على برامج التكوين في هذا المركز. 

هل لهذا المركز طابع دولي رياضي؟ يعني أن شهادات نهاية فترة التدريب معترف بها مثلا، من طرف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم؟

❊❊ يجب أولا، تقديم بعض المعلومات أو التوضيحات حول سير تكوين المدربين في هذا المركز. المدربون المتربصون مجبرون على إنجاز طيلة فترة تربصهم، سبعة أطروحات دراسية، تتناول عدة جوانب، مثل دور المدرب في اكتشاف المواهب الشابة، إبراز أهمية المشروع الرياضي، دور المدرب في خلق استراتيجيات اللعب الحديث، إعداد نظام منافسة لمختلف بطولات كرة القدم، وغيرها من الأطروحات الأخرى التي لها علاقة مباشرة بمهنة التدريب، هذا للقول بأن فترة التربص في هذا المركز الرياضي غنية بالدراسات حول ما يجب أن يقوم به المدرب طيلة مشواره التدريبي، الذي يخص ليس فقط الفئات الكبرى، بل كل الفئات الأخرى، وحتى فئة مدارس كرة القدم. التقنيون الذين يتخرجون من هذا المركز، يجب أن يكونوا في نهاية التربص، ملمين بكل المعلومات التي تخص التدريب الحديث.

الشهادات المحصل عليها لها صفة مدرب "أ" معترف بها من طرف الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي لكرة القدم، لذلك يمكن لهؤلاء المدربين المتخرجين من هذا المركز، قيادة الفرق المنتمية للدرجة الثانية والثالثة على المستوى الأوروبي والافريقي، أو العمل كمساعدين مكونين في المراكز الرياضية، التي لها نفس طبيعة المركز الرياضي، الذي تخرجوا منه.

المركز يضم لاعبين دوليين جزائريين

هذا النوع من المراكز ليس موجودا عندنا، هل أنتم مستعدون لتعميم هذه التجربة في الجزائر؟

❊❊ لما لا، لاسيما أن بلدنا يملك الآن المنشآت الرياضية الضرورية، التي تسمح بإعداد مراكز لتكوين المدربين ومراكز أخرى، كتلك المتخصصة في البحث عن المواهب الشابة، يبقى أن المدرب في الجزائر هو أساس تكوين المواهب الشابة في كرة القدم، لذا، يتعين إعطاء الأهمية الكاملة لإعداد مدربين، يكون بوسعهم خلق استراتيجيات جديدة في مختلف تكتيكات اللعب، عن طريق تعلم نمط التدريب الحديث المستعمل في أكبر مدارس العالم، عمل المدربين، يجب أن يبدأ من القاعدة،   لدي مشروع كبير فيما يتعلق بإعداد وتكوين المدربين الجدد في الجزائر، بل وحتى إعادة رسكلة المدربين القدامى الذين يجرون من ورائهم تجربة طويلة في مجال التدريب، أنا مستعد لجلب مكونين كبار معي، متخصصين في إعداد المدربين، أتمنى أن يلقى مشروعي الاهتمام اللازم من السلطات العمومية، المكلفة بالرياضة. 

لكن بعث مراكز تكوين المدربين، لا يعتبر بمثابة القاطرة الوحيدة التي تحرك تطوير كرة القدم الجزائرية، أليس كذلك؟

❊❊ أتساءل؛ لماذا تراجع الدور الذي كان يلعبه المعهد العالي لتكنولوجيا الرياضة الموجود بدالي ابراهيم ؟ ما الذي يمنع السلطات المكلفة بالرياضة، من إعادة الاعتبار لهذا المعهد وتوفير كل الوسائل البيداغوجية له، لكي يقوم بإعداد برامج قوية في مجال تكوين إطارات الرياضة في المستقبل، ترك هذا المعهد على وضعه الحالي خسارة كبيرة للرياضة الجزائرية، في فرنسا مثلا، يلعب المعهد الوطني للرياضة والدراسة (L’INSEP ) دورا مهما في تطوير الرياضة، تقريبا كل الاستراتيجيات التي لها علاقة بتطوير الرياضة تمر عبر هذا المعهد، المشروع الذي حدثتكم عنه ليس سوى جزء من الحل الشامل، الذي تنتظره رياضة كرة القدم في بلدنا، أظن أن الذي كان ينقصنا لإعداد نهضة رياضية شاملة، قد تحقق الآن عبر توفر المنشآت الرياضية المتمثلة في المنشآت والتجهيزات الرياضية الجديدة التي شيدت في مختلف الولايات، وما فيها من ملاعب لكرة القدم، وقاعات لمختلف الاختصاصات الرياضية، الكثير من البلدان دخلت العولمة الرياضية، ولا يمكن للجزائر أن تتأخر عن اختيار هذا الطريق، ذلك أن ضياع الفئات الشبانية، استمر لفترة طويلة ولا بد من وضع حد لهذه الحالة.

مستعد لجلب مكونين كبار متخصصين في إعداد المدربين إلى الجزائر

هل تعتقد أن توفير المنشآت يمثل الكل في النهوض بالرياضة الجزائرية؟

❊❊ لا يمكن العمل بهذا التفكير أو بهذا المنطق، الجانب البشري له أيضا دوره في إنجاح هذه النهضة، وأعني هنا الإصلاح الرياضي الشامل الذي يتم بالدرجة الأولى، عبر الاستعانة بكل الاختصاصيين، الذين لديهم القدرة على المساهمة في هذه النهضة الرياضية، نهضة تتشابه في كثير من المعطيات مع الإصلاح الرياضي الذي شهدته الجزائر، انطلاقا من1977، وما نتج عن ذلك في حصول بلدنا على نتائج رياضية باهرة على المستوى الدولي، لكن السياسة الرياضية المنتهجة في تلك الفترة، لا تتشابه مع ما يجب القيام به اليوم، لإعطاء دفع جديد للرياضة الجزائرية، نجد أنفسنا اليوم بحاجة إلى الاعتماد على إصلاح شامل، والذي يحمل اليوم تسمية العولمة الرياضية التي تفرض تواجد الممارسة الرياضية على كل الأصعدة، مثل المدارس الابتدائية والمتوسطات والثانويات والجامعات، وبطريقة ممنهجة عبر الاستعانة بكل التخصصات، منها الطبية والبسيكولوجية والاجتماعية، وغيرها من التخصصات الأخرى التي يمكنها  لعب دور كبير في تدعيم الممارسة الرياضية. الكثير من الدول الأوروبية، انتهجت هذه الطريقة، وهي تسير الآن نحو تحقيق نتائج باهرة، كفرنسا والبلاد الإسكندينافية، على سبيل المثال، في النرويج مثلا، كل الأطوار التعليمية تخصص فترة المساء لممارسة الرياضة، مع توفير أكبر عدد ممكن من مساحات اللعب.

أتساءل لماذا تراجع الدور الذي كان يلعبه المعهد العالي لتكنولوجيا الرياضة؟

ما هي العوامل التي يمكنها لعب الأدوار الأساسية في النهضة الرياضية، وبالأخص رياضة كرة القدم؟

❊❊ هل تعتقدون أن أية نهضة رياضية ستنجح بدون تواجد إرادة سياسية من الدولة ؟ أبدا ! لذلك أتمنى أن تتكفل الدولة الجزائرية بكل المشاريع الرياضية المستقبلية، التي تنمي كل التخصصات الرياضية.

يف تنظرون إلى ظهور أكاديميات كرة القدم في الجزائر؟ 

❊❊ صحيح أن هناك بعض الإرادات تريد بعث هذه الأكاديميات، لكن أظن هذه الأخيرة بعيدة كل البعد عن التنظيم الحقيقي، الذي يجب أن يطبع سياستها، بالرغم من أن أكاديمية بارادو عرفت نجاحا نسبيا، بعدما برز البعض من لاعبيها في أندية أوروبية، الأكاديميات بالمعنى الحديث لها خصوصياتها وتنظيماتها الرياضية، يجب تطويرها وتدعيمها بالشكل الذي يتم التعامل به في كثير من دول العالم، مثل البرازيل وفرنسا وألمانيا، أتمنى أن تمنح الاتحادية الجزائرية لكرة القدم الجزائرية أهمية بالغة لتطويرالأكاديميات، وتصبح هذه الأخيرة، قادرة على تصدير لاعبين ممتازين إلى البطولات الأوروبية.

ما هي البلدان الإفريقية المهتمة بإطلاق المشروع الرياضي الخاص بتكوين المدربين؟

❊❊ هناك مصر والكاميرون والسنغال ونيجيريا، التي سارعت الى تبني المشروع الرياضي الخاص بإنشاء مركز تكوين المدربين، شخصيا، تلقيت عرضا من اتحادية نيجيريا لإدارة مركزها، لكنني رفضت لأسباب شخصية.

نحن اليوم بحاجة إلى الاعتماد على إصلاح شامل يحمل تسمية العولمة الرياضية

بصفتكم أحد أبناء الجالية الجزائرية، كيف تنظر إلى التوافد المتزايد للاعبين مزدوجي الجنسية على المنتخب الوطني؟ 

❊❊ صحيح أن الأغلبية منهم يبحثون عن الشهرة والرفع من قيمة مشوارهم الرياضي، لكن صدقني لهم حب كبير تجاه الجزائر بلدهم الأصلي، يرغبون كثيرا في حمل ألوان المنتخب الوطني، وهم على دراية أن الشعب الجزائري يكن لهم احتراما كبيرا وتستهويهم الأجواء التي يخلقها أنصار الخضر في الملاعب. حب الوطن لدى الجزائريين المغتربين يفوق كل التصورات، حب شديد ليس له مثيل في العالم، أنظروا فقط إلى العزيمة الكبيرة التي تحلى بها رياضيونا المغتربون، الذين مثلوا الجزائر في الدورة الأخيرة لألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي جرت أطوارها بمدينة وهران، شاهدتهم حاملين ميدالياتهم بكل اعتزاز وفخر، وفرحين كثيرا بتمثيل بلدهم الأصلي في تلك الدورة.