الملاكم الدولي شعيب بولوذينات لـ "المساء":
الوصاية ردت لنا الاعتبار... والصراعات كانت سبب إخفاقاتنا

- 536

❊ كل خرجاتنا التحضيرية كانت فاشلة.
❊ الإجراءات التي اتخذتها الدولة كانت فأل خير على ممارسي الرياضة، لإيجاد مخرج لمستقبلهم المهني.
❊ موقفي كان يعبّر عن الوضعيات الصعبة التي يتواجد فيها كثير من رياضيّي النخبة.
❊ من غير المعقول أن يتداول على رئاسة الاتحادية أربعة رؤساء في سنة واحدة!
❊ الصراعات شكلت أحد الأسباب التي أثرت، مباشرة، على معنويات الملاكمين الدوليين.
❊ الاتحادية السابقة لم يكن لها اهتمام كبير بالتكوين، ولم تفكر في الخلَف على مستوى الفريق الوطني!
❊ لازلتُ مستعدا لتلبية دعوة الفريق الوطني.
لايزال الملاكم الدولي شعيب بولوذينات يتحسر، شأنه شأن زملائه في الفريق الوطني، عن المشاركة الضعيفة في دورة طوكيو الأولمبية الأخيرة. فبالنسبة له كانت هناك أسباب عديدة اجتمعت، لم تسمح بالذهاب بعيدا في تلك الدورة، وضع في مقدمتها الآثار التي تركتها جائحة كورونا على الاستعدادات التي سبقت المشاركة في الأولمبياد، وما انجر عنها من انعكاسات سلبية على مراحل التحضيرات، فيما أوضح بولوذينات في هذا الحوار الذي خص به “المساء”، أن المشاركة السلبية في طوكيو، لا يمكن أن تُنقص من قيمة الملاكمة الجزائرية على المستوى العالمي، ملحّا على الاعتناء بالتكوين، لإعطائها دفعا قويا.
❊ما عدا جائحة كورونا التي أعاقتكم في تدريباتكم، لا نعرف الكثير عن الأسباب الأخرى التي كانت وراء إخفاق الفريق الوطني للملاكمة في الألعاب الاولمبية 2021!
❊❊ جائحة كورونا أعاقتنا كثيرا إلى درجة لم نكن نتوقع آثارها على استعدادنا البدني؛ لقد أضرنا هذا الفيروس بدنيا ومعنويا، ربما تظنون أن الأمر كان سهلا علينا للحفاظ على لياقتنا البدنية طيلة ثمانية أشهر قضيناها في التدريبات الفردية بوسائل عمل ضعيفة وتارة منعدمة؛ بعض عناصر الفريق الوطني كان لها متسع من المكان في المنزل للقيام بتدريباتها، بينما البعض الآخر اضطر للقيام بتدريباته في الغابة، مثلما كنت أفعل؛ كنت أتدرب بمفردي وسط الغابة بالركض والقيام بحركات من أجل تقوية لياقتي البدنية. صحيح أننا كنا نتبع برنامج التدريبات الذي سطره لنا الطاقم الفني، لكن تباعدنا عن هذا الأخير لم يكن في صالحنا. كما تعذّر علينا في تلك الفترة، التنقل إلى خارج الوطن، للاحتكاك بالمستوى الدولي. وقد أتيحت لنا هذه الفرصة بعد فتح المجال الجوي، حيث سافرنا إلى كل من تركيا والمجر وأوزباكستان وصربيا وروسيا.
❊هل تمكنتم من استرجاع كل ما فاتكم في مجال التحضير؟
❊❊ لا، لم نتمكن من تحسين تحضيراتنا للموعد الأولمبي؛ كل الخرجات كانت فاشلة ما عدا تلك التي قادتنا إلى أوزباكستان؛ حيث تدربنا في هذا البلد بصفة جدية مع المنتخب الوطني المحلي، وأقمنا تربصا مشتركا معه على عكس البلدان الأخرى التي اتجهنا إليها. في المجر مثلا، وجدنا أنفسنا نتدرب بمفردنا، واضطرت الاتحادية المحلية للملاكمة لاستدعاء ملاكمين عاديين ليكونوا منافسيننا في التحضيرات، بينما في تركيا فبمجرد وصولنا دخلنا في الحجر الصحي لمدة عشرة أيام، بل كانت السلطات الصحية لهذا البلد على استعداد لإرجاعنا إلى الجزائر لو عثروا على حالة إصابة بكورونا في صفوفنا. تصوروا الموقف الذي عشناه، وآثاره السلبية على معنوياتنا! ولحسن حظنا لم يكن بيننا أي أثر لفيروس كورونا، لكن لم نجد بعين المكان منافسين نظير مستوانا. أما في روسيا وصربيا، فقد كانت استعداداتنا مقبولة. لكن أحسن مرحلة للتحضير قبل الأولمبياد أجريناها في كوبا، وقتها لم يكن فيروس كورونا ظهر بعد. الكوبيون وفروا لنا كل وسائل العمل. ومنتخبهم القوي عمل معنا بجد. كان في نية طاقمنا الفني العودة إلى كوبا التي نالت ملاكمتها في طوكيو أربع ميداليات ذهبية، وعددا من الميداليات الفضية والبرونزية، لكن السفر كان ممنوعا خارج الوطن بسبب الفيروس. ومن جهة أخرى، ربما يعلم القليل من متتبعي الملاكمة، أنني عدت من بعيد قبل المشاركة في دورة طوكيو؛ إذ توقفت عن ممارسة رياضتي المفضلة لمدة سنتين، بسبب مشاكل لها علاقة بوضعي الاجتماعي والمادي. ونفس الشيء وقع لزميلي عبد الحفيظ بن شبلة، الذي ترك الحلبة لفترة معيّنة، هذا للقول إنه لا يمكن إلقاء علينا كثيرا اللوم بسبب مشاركتنا المتواضعة في دورة طوكيو.
❊ لقد كنت من بين الملاكمين الذين هددوا بتعليق المشاركة في أولمبياد طوكيو؛ احتجاجا على أحوالكم المادية والاجتماعية، هل تحسنت أوضاعكم، أم أنها بقيت تراوح مكانها؟
❊❊ كان لا بد لنا من إثارة انتباه السلطات المكلفة بالرياضة، إلى وضعيتنا الاجتماعية الصعبة، طبعا الأمور تحركت، حيث منحتنا اتحادية الملاكمة الجديدة راتبا قدره أربعة ملايين سنتيم في الشهر، إلى غاية نهاية الألعاب الأولمبية بطوكيو، بالإضافة إلى قبض منح التربصات. تنفسنا قليلا، لكن احتجاجاتنا كانت تهدف، بالدرجة الأولى، إلى إيجاد ضمان لمستقبلنا المهني. سجلنا استجابة في هذا الجانب من الوصاية، التي فتحت مناصب عمل لفائدة رياضيي النخبة، وهم مستشار رياضي، ومربّ رياضي، ومرب رياضي رئيس، وقد تم نشرهم في الجريدة الرسمية. نترقب الآن شهر سبتمبر الذي سيكون بداية التربصات الخاصة بهذه المناصب، طبعا مثل هذه الإجراءات هي فأل خير على ممارسي الرياضة، لا سيما رياضيو النخبة، الذين يمكنهم إيجاد مخرج لمستقبلهم المهني. موقفي كان يعبّر في الحقيقة عن الوضعيات الصعبة التي يتواجد فيها كثير من رياضيي النخبة، الذين يضحون في مسارهم الرياضي من أجل رفع شأن وطنهم في المحافل الدولية الرياضية، لكنهم في الأخير، يجدون أنفسهم بدون مستقبل مهني!
❊ كيف تعاملتم مع التوترات والصراعات التي كانت تحصل في الاتحادية خلال العهدة الرياضية السابقة؟
❊❊ صراحة، تابعنا تلك الفترة بأسى وتحسر كبيرين؛ لأن من غير المعقول أن يتداول على رئاسة الاتحادية أربعة رؤساء في سنة واحدة! لا يقع هذا الوضع إلا في الهيئات الرياضية الجزائرية؛ حيث الاستقرار والهدوء اللذان يتحدث عنهما المنتخبون الرياضيون في الجمعيات الرياضية، تلك الصراعات شكلت أحد الأسباب التي أثرت مباشرة على معنويات الملاكمين الدوليين. وكل ما أتمناه الآن هو أن تبتعد الهيئة الحالية للملاكمة عن الصراعات الشخصية، وأن يبذل مسيروها قصارى جهدكم من أجل النهوض بالفن النبيل؛ كفى الاتحادية مشاكل وخلافات بدون فائدة!
❊ ما هي السلبيات الأخرى للاتحادية السابقة؟
❊❊ ماذا تنتظر من اتحادية طفى على تسييرها الصراعات والمحسوبية؟! صراحة، الاتحادية السابقة لم تكن تهتم كثيرا بالتكوين، ولم تفكر في الخلَف على مستوى الفريق الوطني. ويبدو أن الهيئة الفيدرالية الحالية تفطنت لهذا الجانب؛ من خلال قيامها بعملية انتقاء مجموعة من الملاكمين في البطولة الوطنية الأخيرة التي جرت ببوسعادة، سيشكلون، بدون شك، الفريق الوطني القادم الذي ستعتمد عليه الهيئة الفيدرالية في المستقبل؛ طبعا لا بد أن يتم تحضير الخلَف.
❊ على ذكر الخلَف في التشكيلة الوطنية، هل أنت مستعد للبقاء في صفوفها لسنوات أخرى، أم ستغادر؟
❊❊ لا أفكر في الاعتزال، ولا أشعر بالملل أو بالتعب؛ حاليا أجد نفسي مستعدا لتلبية دعوة الفريق الوطني بالرغم من أنني تجاوزت سن الثلاثين؛ شأني شأن محمد فليسي وعبد الحفيظ بن شبلة؛ لازلنا نحتفظ بالرشاقة والحيوية للدفاع عن الألوان الوطنية. وأتمنى أن يتم استدعائي للمشاركة في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي ستستقبلها الجزائر في السنة القادمة.