أولمبياد طوكيو تؤجّج الصراع داخل مكتبها التنفيذي

اللجنة الأولمبية ورحلة البحث عن رجل الإجماع

اللجنة الأولمبية ورحلة البحث عن رجل الإجماع
  • القراءات: 712
❊ ع. إسماعيل ❊ ع. إسماعيل

لازالت استقالة مصطفى بيراف من اللجنة الأولمبية الجزائرية، تلقي بظلالها على مستقبل هذه الهيئة الرياضية، بعدما بقيت رئاستها منذ 2013 مكرسة في شخص واحد، سمحت له العمليات الانتخابات بالانتصار على منافسيه وحرمانهم من التداول على رئاستها، فقضى أطول فترة زمنية في تاريخ اللجنة كرئيس لها.

أطراف قريبة جدا من بيراف كشفت لـ"المساء"، أنه كان يتمنى البقاء أكثر ما يمكن من الزمن على رأس اللجنة الأولمبية؛ من أجل الانتقام من الأطراف التي تسببت في حبسه سنة 199. لكن مشواره معها انتهى بصفة دراماتيكية لم يتوقعها أحد، بل إن الذين كانوا يساندونه طوال تلك الفترة، عجزوا عن إيجاد مبررات تحميه من انتقادات مناوئيه، الذين يعتقدون أن بيراف أتلف كل ما هو جميل في الروح الأولمبية المبنية على التعارف والتسامح، ويرون أن ذهابه سيمكّن اللجنة الأولمبية الجزائرية من فتح صفحة جديدة، تطوي إلى الأبد صفحة السياسة الرياضية التي كانت متبعة من قبل بيراف رغم أن هذا سيطل على ما يحدث في فلكها بفضل عضويته في الجمعية العامة للجنة الأولمبية الدولية، بل إن هناك من بين العارفين بخبايا هيئتنا الأولمبية من يعتقد أن ظل بيراف سيكون متواجدا خلال الحملة التي ستسبق الجمعية العامة الانتخابية لـ "الكوا"؛ بسبب العلاقات المتينة التي ربطها مع كثير من رؤساء الاتحاديات الرياضية، لا سيما المتواجدون في مكتبها التنفيذي.

العارفون بخبايا اللجنة الأولمبية يقولون إن التسيير الذي ساد طيلة هذه الفترة، لن يتم تغييره بسهولة ولا بمجرد انتخاب رئيس جديد، بل يتطلب ذلك الأمر إبطال كل أسباب الولاء، والمحاباة التي كانت حاصلة داخل مكتبها التنفيذي، والتي طالما ذهب ضحيتها أطراف، سعت بكل جهدها إلى تصحيح الأوضاع من الداخل.

وهناك خشية من أن تزيد طموحات البعض والبعض الآخر للدخول إلى المكتب التنفيذي للجنة من حدة الصراعات، وتعيد السيناريو الذي حدث في العملية الانتخابية الأخيرة بعد انقسام الاتحاديات الرياضية الأولمبية بين مؤيد ومعارض لإعادة انتخاب مصطفى بيراف، ومحاولات وزارة الشباب والرياضة في عهد ولد علي، سحب بساط الشرعية من تحت أرجل بيراف، عبر تجنيد بعض الهيئات الفيدرالية، منها من أُجبرت على سحب ممثلها من المكتب التنفيذي لـ "الكوا"، وقد تبع ذلك انقطاع كلي في العلاقات بين هذه الأخيرة والوصاية، وظلت فاترة، وسادها الغموض حتى في عهد الوزير الأخير للقطاع رؤوف برناوي. اليوم لا أحد من الأوساط الرياضية المتتبعة للشأن الأولمبي، يمكنه معرفة إلى أين تتجه اللجنة الأولمبية قبل أشهر قليلة من تنظيم جمعيتيها العادية والانتخابية، وهما موعدان أصبحا يحركان هذه الأيام، الأوساط الرياضية الأولمبية الرسمية في كل الاتجاهات؛ فكل واحد منهم يريد أن يعرف موقعه في العهدة القادمة للجنة الأولمبية، والتي تبدأ على أقل تقدير، قبل موعد الألعاب الأولمبية المقررة بطوكيو في شهري جويلية وأوت من السنة الجارية. كما أن هذه الفترة الزمنية التي تسبق موعد طوكيو، ستكون حاسمة بالنسبة للأعضاء الحاليين في المكتب التنفيذي لـ "الكوا"؛ فهم لا يريدون بأي حال من الأحوال، التغيب عن الألعاب الأولمبية القادمة بطوكيو حتى ولو دفع بهم الأمر إلى مطالبة تأجيل انعقاد الجمعية الانتخابية إلى ما بعد انتهاء هذه الألعاب؛ فهم يتمنون أن تتحول هذه الفرضية إلى حقيقة، وليذهب إلى الجحيم استقرار اللجنة الأولمبية الجزائرية؛ إذ يعتقدون أنهم الأجدر بمواصلة متابعة تحضيرات الرياضيين الجزائريين المعنيين بألعاب طوكيو، وتحضير ملفاتهم الخاصة بمشاركتهم في هذه الدورة الأولمبية، التي تُعتبر بالنسبة لهم فرصة العمر التي لا يمكن التنازل عنها، بل يظنون أن تنظيم جمعية عامة انتخابية للجنة الأولمبية قبل شهر جويلية، سيضر بصفة مباشرة، بالمشاركة الجزائرية في ألعاب طوكيو، وهو ما يفسر التأخر الواقع في الإعلان عن تنظيم الجمعية العامة العادية للجنة. بعض الأخبار تتحدث عن نشوب نزاعات وسوء تفاهم بين أعضاء المكتب التنفيذي، فجرها قيام نائب الرئيس الأول في اللجنة عبد الرحمان حماد؛ بإقصاء البطلة الأولمبية بنيدة نورية مراح من عضوية المكتب. ومعروف عن بنيدة مراح أنها الوحيدة من بين أعضاء المكتب التنفيذي، التي كانت تندد بالتسيير الارتجالي الذي كان حاصلا داخل اللجنة الأولمبية ولم يتجرأ الرئيس السابق مصطفى بيراف على معاقبتها، لتتفاجأ اليوم بالموقف المعادي لها الذي أبان عنه حماد.

العارفون بخبايا اللجنة الأولمبية ينتظرون، حسب أقوالهم، وقوع شرخ كبير داخل المكتب التنفيذي، لكن الأنظار تتجه بشكل خاص، إلى الجمعية العامة العادية؛ لأن ما يهم مناوئي الرئيس المستقيل مصطفى بيراف، هو الحصيلتان الأدبية والمالية اللتان يحوم حولهما كثير من الشكوك، رغم أن الرئيس السابق مصطفى بيراف صرح في كثير من المرات، بأنه يتحدى كل من يشك في حسن تسييره للجنة الأولمبية، بأن يقدم للعدالة أدلة دامغة تدين تسييره هذه الهيئة الرياضية، هذا في الوقت الذي تتحدث مصادر قريبة من وزارة الشباب والرياضة، عن تحويل ملفات مسؤولين في اللجنة الأولمبية وفي الاتحاديات الرياضية، إلى العدالة وإلى الديوان الوطني لمكافحة الرشوة خلال فترة الوزير السابق للقطاع رؤوف برناوي، بل هناك أخبار متداولة تتحدث عن قيام وزارة العدل بمنع بيراف من السفر إلى الخارج.

وفي ظل هذه التطورات الحاصلة داخل اللجنة الأولمبية الجزائرية، تبقى أنظار الأوساط المهتمة بالشأن الأولمبي بشكل خاص وبالرياضيين بصفة عامة، متجهة نحو وزارة الشباب والرياضة بصفتها الطرف الأول، الذي يسمح له القانون بالنظر في شؤون هذه اللجنة. لكن الوصاية لم تدل إلى حد الآن، بأي رأي في هذا الموضوع ما عدا تصريح وزير القطاع بخصوص قضية وقوف الرئيس السابق للجنة الأولمبية أمام النشيد الصهيوني، حيث قال خالدي إن القضية الفلسطينية خط أحمر بالنسبة للجزائر.

مصادر قريبة من الوزارة تؤكد أن خالدي لا يريد إقحام نفسه في ما يحدث داخل اللجنة الأولمبية، ويفضل أن تسعى العائلة الرياضية الأولمبية إلى حل مشاكلها بنفسها، مع أخذ بعين الاعتبار مصلحة الرياضة الجزائرية بخصوص مشاركتها القادمة في أولمبياد طوكيو، لكن ما يهم اليوم أكثر وزارة الشباب والرياضة وكل الأوساط الرياضية، هو أن تتوصل اللجنة الأولمبية إلى إيجاد رجل إجماع يلمّ شتاتها المتناثر.