العنف يفسد نصف نهائي كأس الجزائر

العنف يفسد نصف نهائي كأس الجزائر
  • القراءات: 3653
 تغطية: زبير.ز تغطية: زبير.ز

أفسدت التصرفات الطائشة نصف نهائي كأس الجزائر الذي جمع بين شبيبة االقبائل ومولودية الجزائر، على أرضية ملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة، حيث ورغم العدد الكبير من رجال الأمن الذين سهروا على تأمين الملعب ومحيطه إلا أن سلوكات بعض أشباه الأنصار أخرجت هذا اللقاء عن طابعه الرياضي بعدما تم تسجيل العديد من المواجهات قبل، أثناء وبعد اللقاء بين شباب في مقتبل العمر لم يحترموا الروح الرياضية ولم يحترموا حداد الوطن، ليزيدوا جرحا على جرح الجزائر الحزينة بفقدانها 257 شهيدا عقب سقوط الطائرة العسكرية بمطار بوفاريك صباح يوم الأربعاء الفارط.وبغض النّظر عن الفائز والمنهزم في هذه المقابلة، فإن الخاسر الكبير هو الكرة الجزائرية والرياضة التي تحث على التآخي والمنافسة الشريفة، خاصة بعدما تم تسجيل عدد كبير من الجرحى وتخريب عدد من الممتلكات مما أدى برجال الأمن إلى توقيف عدد من المشاغبين وتحويلهم على الجهات المختصة في سيناريو لم تشهده قسنطينة وملعب الشهيد حملاوي مند أكثر من 20 سنة.

المناوشات بدأت في الصباح الباكر وزادت بوصول أنصار المولودية

انطلقت المناوشات في الصباح الباكر بين بعض الأنصار الذين وصلوا إلى قسنطينة عشية يوم الخميس، وعناصر الأمن الذين حاولوا تأطيرهم، حيث شهد معلب الشهيد حملاوي فجر يوم الجمعة، ولوج عدد من الغرباء الذين قاموا بتخريب لوحات الإشهار، كما شهدت المدينة العديد من عمليات الكر والفر التي كسرت هدوء الشوارع في صبيحة يوم جمعة، وامتدت إلى الأحياء الشعبية بعدما استيقظ سكانها على أصوات المفرقعات والألعاب النارية المستعملة في مواجهة رجال الشرطة وقد زادت حدة المناوشات بوصول عدد كبير من أنصار مولودية الجزائر في حدود الساعة التاسعة صباحا، حيث شهدت الأحياء المجاورة لملعب الشهيد حملاوي على غرار حي جنان الزيتون وطريق الصومام الرابط بين حي بوالصوف ومحطة المسافرين الشرقية العديد من المناوشات والرشق بالحجارة، وكانت الأجواء جد مشحونة أمام أكشاك بيع التذاكر في مدخل الملعب أمام الأعداد الكبيرة لأنصار مولودية الجزائر الذين توافدوا على قسنطينة دون تذاكر وعدد الأماكن المخصصة لهم التي لم تتعد 3200 تذكرة، مما خلق فوضى كبيرة وحتى مناوشات بين أنصار المولودية وتسجيل عدد من الجرحى الذين نقلوا إلى المستشفى، مما دفع بالجهات المنظمة إلى وضع مدخل خاص بـ«الشناوة»، عبر مدخل مقر مولودية قسنطينة وفتح الأبواب في حدود الساعة العاشرة لتجنب أي احتكاك بين هؤلاء الأنصار.

عشرات الجرحى وحرق حافلة لفريق مولودية قسنطينة

استمرت المناوشات إلى داخل مدرجات الملعب بين المناصرين وعرفت ذروتها بعد عودة اللاعبين من فترة الراحة بين الشوطين، حيث بدأ الأمر برشق الحجارة على ممر اللاعبين أثناء خروج لاعبي شبيبة القبائل مما أدى بمصالح الأمن إلى التدخل لمنع هذه التصرفات العنيفة وحفظ اللاعبين من سيناريو قد يعيد إلى الأذهان حادثة المرحوم «إيبوسي» لاعب الشبيبة الذي توفي متأثرا بجرح في الرأس بعدما تلقى حجرا طائشا.

لكن بعض الأنصار الذين اعتبروا أن تدخل عناصر الأمن كان فيه نوع من القوة دخلوا في مواجهات عنيفة مع الشرطة مستعملين قضبانا حديدية كانت مستعملة للفصل بين المناصرين مع استعمال كثيف للحجارة ودامت المواجهات أكثر من 10 دقائق قبل أن تنتقل إلى المدرجات المقابلة، ليصبح تراشق واسع بالحجارة بين الأنصار، رغم تدخل الأمن باستعمال القوة والمياه الساخنة من جهة والحوار والحديث مع الأنصار من جهة أخرى إلا أن الأمور لم تهدأ في ظل استفزاز بعض اللاعبين للأنصار وتحولت الفرجة من أرضية الملعب إلى المدرجات، مما أدى إلى إصابة العديد من الجرحى من بينهم رجال أمن تم نقلهم مباشرة إلى خيمة الحماية المدنية التي نصبت بمحاذاة المدرجات مع تسجيل إصابة خطيرة لدى احد أنصار المولودية، نقل صاحبها إلى العناية المركزة بالمستشفى الجامعي ابن باديس وأثناء مغادرة الأنصار الملعب بعد نهاية المقابلة، تسلل بعض أشباه الأنصار إلى مقر مولودية قسنطينة، حيث قاموا بإضرام النار في حافلة فريق الموك مع تخريب بعض الممتلكات.

من جهتها أكدت مصادر موثوقة من مستشفى الحكيم ابن باديس بقسنطينة، أن مصالح الاستعجالات الطبية أو الجراحية، استقبلت حوالي 40 مصابا بسب أعمال الشغب، تم علاجهم وغادروا المستشفى جميعهم ماعدا شرطي واحد بقى بمصلحة العناية المركزة.

5000 شرطي أمنوا اللقاء وتوقيف 76 مشاغبا

أكد مراقب أول للشرطة، عبد الكريم وابري، بأمن ولاية قسنطينة في دردشة مع «المساء»، أن مصالح الأمن سخرت 5 ألاف عون من أجل تأطير اللقاء، حيث تمت الاستعانة بمختلف الوحدات الأمنية من الولايات المجاورة بالتنسيق مع مديريتي الأمن بكل من الجزائر العاصمة وتيزي وزو بشأن أنصار الشغب، وانتشرت عناصر الأمن تحت إشراف مدير الأمن الولائي شخصيا ورئيس مصلحة الأمن العمومي، عبر مداخل الولاية وأهم محاور الطرق التي يمر بها أنصار الفريقين مع تواجد كبير بمدخل ملعب الشهيد حملاوي وعلى المدرجات للفصل بين أنصر «الجيسكا» والمولودية.

وحسب رئيس الأمن الولائي، فإن مصالح الأمن تصدت لأعمال الشغب دون تفرقة بين أنصار الفريقين وعملت على إعادة الهدوء إلى المدرجات بعد أكثر من 15 دقيقة من التراشق والمناوشات، كما عملت مصالح الأمن على تسهيل خروج حافلات الأنصار من ملعب الشهيد حملاوي باتجاه الطريق السيار شرق غرب نحو العاصمة. وقال إن عناصر الأمن تمكنت من توقيف 76 مشاغبا تم تحويلهم إلى مقرات الأمن للتحقيق معهم وتحويلهم إلى الجهات المختصة. 

مستوى متوسط وضربات الجزاء ابتسمت للشبيبة

بالعودة إلى المقابلة الكروية فإن اللقاء انطلق بعد دقيقة صمت على أرواح شهداء الجزائر ولم يرق المستوى إلى سمعة الفريقين وإلى القيمة الفنية لكل فريق، حيث اتسمت المباراة بمستوى متوسط وخلت من العروض الفنية الشيقة ومن المحاولات الواضحة وكان كل فريق يبحث عن الفوز بأقل الأضرار.

من جهتهم حاول أشبال المدرب يوسف بوزيدي، امتصاص حرارة لاعبي المولودية خلال الدقائق الأولى من المباراة وركنوا إلى الوراء معتمدين على جدارين من الدفاع وعلى الهجومات المعاكسة السريعة عن طريق كل من جعبوط وبن علجية. وأمام الاستماتة في الدفاع لم يجد أشبال المدرب كازوني، حلا لهز شباك الحارس عسلة مما جعلهم يحاولون الحصول على أخطاء أمام منطقة الـ18 ولكن هذه المخالفات لم تثمر رغم وجود لاعب اسمه حشود، وذهبت المباراة إلى الوقت الإضافي بعدما فشلت التشكيلتان في تسجيل أي هدف، لينتهي لقاء النصف نهائي من كأس الجزائر بالتعادل السلبي وبضربات الجزاء التي ابتسمت لفريق شبيبة القبائل بنتجية 5 مقابل 4، بعدما نفذ كل فريق 6 ضربات، صد كل حارس منها ضربة وضيع اللاعب الشاب عماشي من مولودية الجزائر ضربة الجزاء الأخيرة بعدما قذف كرة خارج الإطار في حين نجح لاعب الشبيبة بن علجية في التسجيل وتأهيل الشبيبة لتاسع نهائي لها في تاريخها.

فرحة عارمة لدى أنصار الشبيبة وخيبة في معسكر المولودية

مباشرة بعدما حسمت الشبيبة نتيجة ضربات الجزاء لصالحها انطلقت الألعاب النارية وانفجرت المدرجات فرحا، حيث قفز عدد كبير من الأنصار إلى داخل أرضية ملعب الشهيد حملاوي للاحتفال مع اللاعبين بهذا التأهل الذي جاء على حساب فريق قوي يحتل المركز الثاني في البطولة الوطنية. ووجد اللاعبون صعوبة في الخروج من الملعب، بل أن عددا من أشبال المدرب بوزيدي، كاد يغمى عليه بسبب ضيق التنفس من كثرة الشباب المحيط بهم على غرار اللاعب الدولي بلكالام، الذي لجأ إلى مكعبات الثلج من أجل الاستفاقة وحاول العديد من أنصار الشبيبة الذين نجحوا في الدخول إلى أرضية الملعب أخذ تذكار من اللاعبين سواء أكان قميصا أو تبانا أو صورة كأقل شيء ولم تفلح مصالح الأمن في إخلاء أرضية الملعب من الأنصار إلا بعد جهد جهيد.

بالمقابل عرفت مدرجات أنصار مولودية الجزائر أجواء جد حزينة بعدما تمكنت الشبيبة من حسم ضربات الجزاء لصالحها، حيث تبخر الأمل في المرور إلى الدور النهائي وقد كان ـ حسبهم ـ في المتناول عقب تضييع ضربة جزاء من طرف مدافع فريق شبيبة القبائل سعدو، قبل أن يبتسم الحظ إلى الكناري ولم يغادر أنصار المولودية المدرجات إلا بعد لقاء المدرب كازوني، والحديث معه ومطالبته بالتركيز على البطولة في ظل الخروج من منافسة الكأس.   

شبيبة القبائل تعيد سيناريو 1989

أكدت شبيبة القبائل نتيجة مباراة البطولة عندما هزمت المولودية في الجولة الـ23 من عمر البطولة الوطنية على أرضية ملعب تيزي وزو، ورغم ما قيل عن ترتيب اللقاء بين البطولة والكأس نفى أشبال بوزيدي، التهمة عن أنفسهم عندما أقصوا المولودية في نصف نهائي الكأس وأعادوا سيناريو سنة 1989، عندما تمكنت الشبيبة من الفوز على المولودية في منافسة الكأس بعد ضربات الجزاء على ملعب الوحدة الإفريقية بولاية معسكر، ليصبح هذا التأهل هو الثاني من ونوعه لشبيبة القبائل على حساب المولودية مند بداية منافسة الكأس التي سيطرت على مبارياتها المولودية رغم أن نتائج مباريات البطولة تصب في صالح الشبيبة بـ33 فوزا مقابل 28 فوزا لمولودية.


تصريحات

❊ مدرب المولودية كازوني: شهدنا حربا أهلية بالمدرجات

رفض مدرب مولودية الجزائر الحديث عن هزيمة أشباله في نصف نهائي كأس الجزائر أمام شبيبة القبائل، وركز حديثه عقب نهاية المباراة على الظروف الأمنية التي شهدها الملعب وقال: « لم نستطع التركيز فوق أرضية الميدان بسبب ما كان يجري على المدرجات، فمن غير المعقول أن نرى ما تعرض له أنصارنا ونواصل اللعب بشكل عادي، أظن أن الإجراءات الأمنية فوق المدرجات وعلى أرضية الملعب لم تكن في المستوى المطلوب، وأن إصابة عدد من المناصرين بجروح خطيرة والحجارة المنهالة على أرضية الملعب التي هددت لاعبينا لدليل على ما أقول، لم نر كرة القدم في هذا اللقاء، وكان من المفروض على الحكم أن يوقف المباراة بسبب ما عرفه الملعب من تجاوزات أمنية، كنا نظن أننا جئنا لتنشيط عرس كروي ولكن لم نر من هذا العرس إلا العنف، الأمور كانت على المدرجات تشبه الحرب الأهلية».

❊ مدرب الشبيبة بوزيدي: عندما شاهدنا الأنصار كنّا نظن أننا في تيزي وزو

شكر مدرب شبيبة القبائل العدد الكبير من الأنصار الذين تنقلوا من تيزي وزو إلى قسنطينة لمساندة فريقهم، وقال في تصريح عقب نهاية اللقاء وهو منتشي بفرحة الفوز: «عندما دخلنا الملعب ورأينا العدد الكبير من أنصارنا أحسسنا أننا نلعب على أرضية ملعبنا بتيزي وزو، وهو الأمر الذي نقلته إلى اللاعبين وحاولت الاستثمار فيه، أظن أن الشكر الكبير للسلطات المحلية بولاية قسنطينة، التي سهرت على منحنا ملعبا في المستوى وحتى عناصر الأمن الذين سهروا على راحتنا وأمننا خلال ثلاث أيام كاملة مدة تواجدنا بقسنطينة دون أي مشكل يذكر، حققنا ما كان يصبوا إليها أنصارنا بالتأهل إلى الدور النهائي وهو فوز جاء في وقته من الناحية المعنوية، لكن سنطوي صفحة الكأس وأقول إن المهم هو ضمان البقاء الذي يعد هدفنا الأول».

شبيبة القبائل تستهدف الكأس السادسة

ستنشط شبيبة القبائل مباراتها النهائية الحادية عشرة يوم أول ماي، سعيا منها لافتكاك الكأس السادسة في تاريخها، علما أنها أحرزت  كأسها الأخيرة عام 2011 على حساب اتحاد الحراش (1-0)، وقد افتك فريق شبيبة القبائل تأشيرة التأهل للدور النهائي لكأس الجزائر بعد فوزه على مولودية الجزائر بضربات  الترجيح (5-4)، بعد أن انتهت المباراة بنتيجة (0-0) بعد الوقت الإضافي، في الدور نصف النهائي للمنافسة جمع بينهما يوم الجمعة بملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة.

وبعد هذا التأهل أصبح التتويج بكأس الجزائر هدفا بالنسبة للنادي القبائلي، الذي لم يضمن بعد بقاءه في الرابطة الأولى، غير أنه يريد إنهاء الموسم بالتتويج بكأس الجمهورية، الكأس السادسة في مشواره، وقد كان لأنصار النادي القبائلي الذين تنقلوا بقوة إلى قسنطينة، من أجل مؤازرة فريقهم في هذا اللقاء الذي كان مهما بالنسبة للفريق القبائلي، والذي سيرفع من معنويات اللاعبين لكي يخوضوا مباريات البطولة الوطنية في أحسن الظروف لإنقاذ الفريق من السقوط إلى الرابطة الثانية، فقد استطاعت شبيبة القبائل أن تعود إلى تحقيق النتائج الإيجابية في المباريات الماضية، وهذا ما رفع الأمل لدى أنصار النادي الذين التفوا كرجل واحد من حول الفريق، ودفعوا به إلى الأمام للتغيير من الحالة التي كان يعيشها من قبل من سوء النتائج التي كان يتخبط فيها.

ويبقى حلم رفع كأس الجزائر يراود الجمهور القبائلي ولاعبو الفريق، الذين حققا تأهلا تاريخيا، حسب ما أكد عليه المدرب بوزيدي، هذا الأخير الذي عرف كيف يعيد القاطرة إلى السكة في شبيبة القبائل، حيث لم ينهزم لحد الآن في أي مباراة.

بالنسبة لبوزيدي، فإن هذا التأهل هو إجابة على الذين كانوا يشككون في نزاهة فوز شبيبة القبائل على مولودية الجزائر في لقاء البطولة، الذي لعب في تيزي وزو، مؤكدا بأن شبيبة القبائل لن تسقط إلى الرابطة الثانية، رغم أنها في المرتبة الـ11 ، وتنتظرها مباريات قوية قبل إسدال الستار على بطولة الموسم الحالي.

ط/ب