السرطان
الطبيب المعالج.. اللبنة الأساسية

- 6038

أشار الجراح مكراشي إلى أن الرفض والمقاومة التي يبديها الأفراد ضد السرطان، تفرض على الطبيب المعالج أن يكون ملمّا بكل كبيرة وصغيرة في الداء وعلى دراية تامة بالسرطان، لأن الطبيب المعالج هو اللبنة الأساسية في العلاج، إذ يشرح ”كلما كان الطبيب -أي طبيب العائلة- ملمّا بالمرض وبنفسية مريضه، أدرك كيفية التعامل معه لإيصال فكرة مرضه التي ـ طبعاـ لا يتقبلها المريض إلا القلة القليلة منهم، لأن مصارحة المريض بالسرطان إشكال كبير يطرح، وهنا قال المتحدث للطبيب ”إذا لم تحسن المصارحة فلا تصارح، حتى لا يصاب المريض بانهيار عصبي، فكيف للشخص الذي رفض فكرة إصابته بالسكري أن يتقبل إصابته بالسرطان؟ الطبيب المعالج له فكرة مسبقة عن طريقة تفكير مرضاه، ويمكننا مصارحة من له فرص كبيرة في العلاج، وليس شخصا بلغ المرحلة الأخيرة ولا يمكنه حتى تناول كأس حليب”.
ضرب المختص مثالا بأشخاص أصيبوا بانهيارات عصبية فور سماعهم الخبر، رفضوا بفعلها تقبل الحالة وحتى العلاج، ويقول ”هناك من توقف عن الأكل وأصيب بانهيار عصبي حتى الموت، لكن في المقابل، هناك أشخاص واعون يبحثون عن مرضهم وآخرون أخفوه عن ذويهم واستسلموا له، ومن هنا يستوجب على الطبيب المعالج أن يشرح ببساطة المرض والعلاج، ويوضح الفكرة السلبية عن العلاج الكيميائي التي لا يفهمها الكثير من الأشخاص، بسبب تخوفهم منها، وهي مرحلة عبور يتم اجتيازها بالعزيمة والإيمان، وعلى الطبيب أن يوضح أن كل الأمور ستعود إلى مجراها الطبيعي بعد العلاج، وأنه مطالب بالاعتناء بصحته وممارسة رياضة المشي، لأن مدة العلاج تعتبر مدرسة حقيقية لإخراج أشخاص لديهم ثقافة طبية صحية”.
لا يوجد مقياس يدرس في الطب باسم ”السرطان”
أشار ضيف ”المساء” إلى أن جمعية ”الفجر” تحرص على متابعة المرضى بعد التعافي، كما تنظم ورشات عمل للأطباء الأخصائيين، تمكنهم من التعرف على طرق التعامل مع مريض السرطان، إلى جانب حديث المرضى إلى بعضهم البعض وتوعية العائلة بدورها بشأن شفاء مريضها، خاصة أنه لا يوجد مقياس في كلية الطب يدرس اسمه ”السرطان”، يقول الجراح مكراشي ”تقوم الجمعية بالتوعية من خلال التعريف بالسرطان ووسائل الوقاية منه، والشريحة التي تصاب بسرطاني الثدي والقولون باعتبارهما يسجلان أكبر النسب، فنحن نعرف الأشخاص بماهية السرطان، كما نعرف الأطباء به بالشرح المفصل، حتى يتكون الطبيب العام ويزول عنه اللبس، لأن الطبيب لا يقرأ مقياسا اسمه ”السرطان” في الجامعة، بل بعض المواد فقط، وهنا لابد من إعادة النظر في الموضوع بالنظر إلى العدد الهائل من مرضى السرطان، في غياب سجل وطني خاص به، إذ أن الكثير من الأشخاص يموتون دون الكشف عنه، خاصة في المدن الداخلية، حيث يموت الناس في صمت، فالجزائر شاسعة وفيها مزايا كثيرة، غير أن بعض الأمور تسير في الاتجاه المعاكس لما خططت له السلطات العمومية والمختصين، إذ نشتكي نقصا في مراكز الكشف وليس لدينا سياسة صحية مبنية على الكشف المبكر، إلا ما تعلق بسرطان عنق الرحم الذي يعد نقص النظافة من أسبابه، ويمس بصفة أكبر الناشطات جنسيا. فبعدما كان في المرتبة الأولى بات في السادسة الآن مقارنة بالسرطانات الأخرى. أما سرطان الثدي فيحتل المرتبة الأولى، يليه سرطان البروستات والقولون، لهذا لابد من ضبط خطة من أجل مواجهته واكتشافه مبكرا، ثم معالجته، لأنه من مسببات الموت لدى الجنسين، حيث يتم تسجيل 50 ألف حالة سرطان”.
11 ألف إصابة جديدة بسرطان الثدي سنويا
أكد المختص أن سرطان الثدي احتل المرتبة الأولى بامتياز بـ11 ألف حالة إصابة جديدة، أما عنق سرطان الرحم فيسجل 2000 إصابة، بعدما كان يبلغ أربعة آلاف حالة. مشيرا إلى أن هذا التراجع مرده انتهاج الدولة سياسة الكشف المبكر عنه، وهو ما يجب فعله مع سرطان الثدي الذي تعد الأرضية خصبة لمحاربته، ضاربا مثالا بالدول الغربية التي انتهجت سياسة الكشف المبكر فيه منذ الثمانينات، وأعطت نتائج إيجابية، بعدما تبين أن الإصابة بسرطان الثدي حينها يبلغ الذروة بعد سن الخمسين، وتعطي الفحوصات نتائج أكثر بداية من سن الأربعين، علاوة على أن الدولة رابحة حيال الغلاف المالي الذي تخصصه، خاصة أنه غير مسجل بكثرة عند الشابات.
أضاف المختص قائلا ”بما أن سرطان الثدي منتشر بكثرة عندنا، فإن سياسة الكشف المبكر تتماشى وثقافة اللمس الذاتي للثدي، وهناك الفحص لدى الطبيب المعالج، وأصبح خطأ طبيا أن تتقدم المريضة إلى طبيبها المعالج ولا يفحص ثدييها مرتين في السنة، خاصة أن المجتمع الطبي النسوي يشكل 75 بالمائة، فلابد أن تكشف الطبيبة على ثديي مريضتها، ومن الضروري انخراط طبيب العائلة في هذا المسعى، وهذا هو الدور الذي تلعبه الجمعية”.
‘’الفجر” وضعت اللبنة الأساسية
في مخطط مكافحة السرطان
فيما يخص الدور الذي لعبته جمعية ”الفجر” في التوعية بأهمية الكشف المبكر وإرساء قواعد الفحص الذاتي التي تعتبر أساسية، قال المختص ”كان لنا دور في المخطط الخماسي لمكافحة السرطان 2014-2019، الذي سهرت عليه رئاسة الجمهورية وقدمت له غلافا ماليا معتبرا، إذ كانت جمعية ”الفجر” سباقة في وضع اللبنة الأساسية له، ونشكر بدورنا البروفيسور زيتوني الذي تعب كثيرا في التحضير له وأعطى الكثير من صحته وراحته، فقد كان يستشير الجميع ولم يكن ينام ـ أطال الله في عمره وأعانه ـ حتى المرضى أشركهم فيه. من جهتنا نظمنا من قبل ورشات عمل لسنوات على مستوى الجمعية، وهو ما سهل لنا المهمة مع الأستاذ زيتوني، إذ تعد الورشات الطريقة المثلى لعلاج مريض السرطان، حيث قمنا باستشارة المختصين ووضعنا العمل على شكل مخطط، لكن بدرجة أقل، لأنه لا نملك غلافا ماليا، لكننا أردنا تقديم نموذج للتخفيف على المصاب بداء السرطان”.
عن طريقة العمل المنتهجة وما تمّ تحضيره، قال المختص ”حتى تكون الوثيقة ذات صدى، أخدنا كنموذج مركز مكافحة السرطان بالبليدة، وقمنا بمقارنته مع مركز مكافحة السرطان في ”ليل” بفرنسا، الذي يعرف حالة من التقدم في العلاج، وعند الكشف عن المريض، يدخل مخطط العلاج بدون تعب، حيث تنتهي معاناته بمجرد معرفته بأنه مريض. هناك مخطط لمدة سنة يعالج على ضوئه، وهي خارطة طريق يتم العمل عليها، في الوقت الذي يقطع مريض السرطان ”طريق المحارب”، فهناك يتمتع بالمساعدة الاجتماعية وتتكفل الجمعيات بعلاجه، كما تهتم بالأشعة وتخطيط العلاج الكيميائي والنقل، فكل شيء بالنسبة له مرسوم، أي أنه يعالج بأريحية. أما المصاب بالداء في الجزائر، فكأنه ”يدخل حربا”، وشتان بين الحالتين، فما أحوجنا إلى الاقتداء به ما دامنا نتوفر على نموذج ناجح وقابل للتنفيذ في الجزائر، خاصة أن للطبيب مجموعة من التوصيات، يمكن على ضوئها معالجة المريض وتوفير الدواء الذي يستعمله المريض”.
❊ أحلام.م