وحيد حليلوزيتش

الضغط والرغبة في التغيير وشروطه المالية وراء انسحابه من تدريب ”الخضر”

الضغط والرغبة في التغيير وشروطه المالية وراء انسحابه من تدريب ”الخضر”
  • القراءات: 885
ع. إسماعيل ع. إسماعيل
المعروف عن المدربين أنهم، وبمختلف مستوياتهم، غير مستقرين، ويحبّذون المغامرة لكسب مزيد من النجاحات والتجربة من أجل تطوير إمكاناتهم ومعارفهم التدريبية.
وهذا الأمر ينطبق على التقني البوسني وحيد حليلوزيتش، الذي بغضّ النظر عن عدم توصله إلى أرضية اتفاق مع رئيس الفاف محمد روراوة حول القيمة المالية لتجديد عقده، كان مشتاقا لتغيير الأجواء بعد أن عاش ضغطا رهيبا خلال تصفيات كأس العالم 2014 وأثناء مشاركة المنتخب الوطني في دورة البرازيل؛ إذ لازمته الانتقادات اللاذعة من الصحافة الجزائرية، التي لم يكن يتحمل تدخّلها في شؤونه إلى درجة أنه وصل به الحد إلى الاستعانة بالإعلام الرياضي الأجنبي كلما شعر بضرورة الحديث عن استراتيجية العمل التي ينجزها مع ”الخضر”.
وكان التقني البوسني يشعر دوما بضغط الصحافة لإدراكه المطلق أن هذه الأخيرة تبصر الأمور باحترافية، ولا يمكنها أن تسكت عن عمل يقوم به حليلوزيتش ترى فيه نقائص كبيرة، فضلا عن أن التقني البوسني لم تكن علاقاته جيدة مع رئيس الفاف محمد روراوة، الذي كثيرا ما امتعض من المواقف المتشددة لمدربه في مجال تسيير المنتخب الوطني، وكادت علاقاتهما أن تأخذ منعرجا صعبا في أعقاب التعثر أمام بلجيكا؛ حيث إن روراوة كان لا يكلمه سوى عبر الهاتف، وطالبه بضرورة تغيير التشكيلة الأساسية قبل مواجهة كوريا الجنوبية. وردّ حليلوزيتش على ذلك بالقول: ”أحترم روراوة، لكني أرفض تدخّل أي أحد في شؤون عملي مع الخضر”.  وقد استمر التعايش الصعب بين وحيد حليلوزيتش والصحافة الجزائرية. ووجدت هذه الأخيرة في الانهزام الأول الذي سجله الخضر في مباراتهم الأولى ضد منتخب بلجيكا، ذريعة أخرى لمهاجمته من خلال انتقاد الخطة التكتيكية التي رسمها لتلك المباراة والخيارات التي قام بها لإعداد التشكيلة الأساسية؛ حيث وضعته من جديد تحت ضغط الجمهور الجزائري، الذي طالب التقني البوسني بضرورة التخلص من الحذر والتوجه كلية نحو الهجوم. واستجاب حليلوزيتش لنداءات الجماهير الجزائرية ومطالب الصحافة الجزائرية في المباراة الثانية أمام كوريا الجنوبية، التي فاز بها ”الخضر” بنتيجة عريضة مع تقديم أداء كبير، حتى إن الكثير من النقاد الوطنيين والأجانب، أكدوا أن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا الضغط الذي مورس على حليلوزيتش، الذي اضطر لوضع الثقة رغما عنه في لاعبين أبقاهم في فترة طويلة على دكة الاحتياط، منهم عبد المؤمن جابو وياسين ابراهيمي وعيسى ماندي.
يريد الحفاظ على سمعته لدى الشعب الجزائري
صحيح أن وحيد حليلوزيتش حقق ما لم يصل إليه أي مدرب قاد المنتخب الوطني إلى نهائيات المونديال، والمتمثل في المرور إلى الدور الثاني، ويُعد ذلك نتيجة تاريخية بالنسبة للكرة الجزائرية، جلبت للتقني البوسني احتراما كبيرا من جزء كبير من الجمهور الجزائري، الذي طالبه بالاستمرار في تدريب الفريق الوطني، لكن كل هذا التقدير وهذه المحبة التي شعر بها لأول مرة منذ قدومه إلى الجزائر، لم يُثنياه عن رغبته في ترك العارضة الفنية لـ”الخضر”؛ ربما لرغبته في ضرورة الحفاظ على نظافة سمعته لدى الشعب الجزائري، أو لشعوره بصعوبة المهمة في تصفيات كأس أمم إفريقيا 2015 وعدم قدرته على إيصال الخضر إلى نهائيات هذه المنافسة القارية.  وحاول حليلوزيتش تعليل رفضه بالبقاء بالقول إن ما سيحصل عليه من النادي التركي ”ترازونسبور”، يساوي أربع مرات ما يناله من الاتحادية الجزائرية لكرة القدم. وتحدثت مصادر صحفية عن تلقّي حليلوزيتش مليوني أورو مقابل تدريب الفريق التركي، وهذه القيمة المالية وجدتها الفاف باهظة جدا، ولا يمكن لها دفعها للتقني البوسني، لكن هذا الأخير أخفى بعض الأسباب التي جعلته يبتعد عن الفريق الوطني الجزائري، وأهمها قيام روراوة باستقدام المدرب الفرنسي غوركوف وإمضاء معه عقد، يسمح له بموجبه بتدريب الخضر، وهو الإجراء الذي لم يستسغه التقني البوسني، الذي رأى في ذلك إهانة لكرامته، لكن بالنسبة له يكفيه فخرا واعتزازا أنه حقق إنجازا تاريخيا مع الجزائر، وسينسحب مرفوع الرأس مثلما شعر بذلك أثناء الاستعراض الشعبي الذي قام به الفريق الوطني بالعاصمة، والذي حظي فيه التقني البوسني باستقبال كبير من جمهور العاصمة، الذي طالبه بالاستمرار في تدريب ”الخضر”، وسانده في ذلك رئيس الجمهورية. كما أن تقارير صحفية ذكرت أن وحيد حليلوزيتش سائر نحو التعاقد بصفة رسمية مع النادي التركي ترازونسبور، بعد أن أمضى منذ أكثر من شهرين، عقدا مبدئيا سيعيق تمديده لعقد آخر مع الفريق الوطني الجزائري. وكان رئيس الاتحادية الجزائرية محمد روراوة قد التقى بالمدرب حليلوزيتش بعد استقبالهما من طرف رئيس الجمهورية. وقال التقني البوسني لمحاوره إن الفاف لا يمكنها تلبية مطالبه المالية الجديدة التي قبل بها النادي التركي، وهو موقف يدل بوضوح على أن التقني البوسني ذاهب بدون رجعة، لكن قبل مغادرة الجزائر أول أمس نحو مدينة ليل الفرنسية التي يقيم فيها مع عائلته، أكد حليلوزيتش لإحدى الصحف الرياضية الجزائرية، أنه سيأخذ قسطا من الراحة، وبعد ذلك سيتخذ قرارا نهائيا حول مستقبله مع التشكيلة الوطنية الجزائرية، موضحا أن هذا الموقف سيعلن عنه في الوقت القريب.