اختتام مجريات كأس إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس بوهران

الجزائر تكسب رهانا جديدا وتبهر تنظيميا

الجزائر تكسب رهانا جديدا وتبهر تنظيميا
  • القراءات: 426
سعيد. م سعيد. م

تمكنت مدينة وهران، مجددا، من كسب الرهان. ونجحت بامتياز في تنظيم الطبعة 40 من كأس إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس، وقبلها النسخة 31 من كأس "السوبر" الإفريقي للأندية. وهما المنافستان اللتان استضافتهما "الباهية" وهران على مدى أسبوعين، في جو ملؤه المحبة والارتياح بالتقاء الأشقاء من عرب إفريقيا، وأصدقاء القارة بالجزائر أرض المحبة والكرم المستمرين، ودوام الخير ودفء الضيافة.

أكدت وهران، مجددا، أنها قطب رياضي قل نظيره، وقِبلة لاحتضان المنافسات القارية والإقليمية الكبيرة. وقد كان لتجربة استضافتها الألعاب المتوسطية في نسختها 19 في صائفة 2022، وجانبا من الألعاب العربية في طبعتها 13، وكأس إفريقيا للاعبين المحليين، وتظاهرات أخرى عربية ووطنية، دور في إخراج تنظيم كأس "السوبر" والكؤوس الإفريقية في أحسن صورة رغم بعض النقائص التي لم تكن لتحجب جهد المنظمين، واجتهاد الجزائريين في رفع شأن بلدهم، والتأكيد على استحقاقية استضافته هذه التظاهرات الرياضية الكبيرة والهامة.

ولقد أولت السلطات المحلية ومعها الاتحادية الجزائرية لكرة اليد، وبدعم من الدولة الجزائرية ممثلة في وزارة الشباب والرياضة، اهتماما خاصا بهذا الحدث الرياضي، فانكبت تستعد منذ أن أُعلن عن إسناد تنظيمه لـ«الباهية" وهران؛ يقينا منها بدوره في إعطاء ديناميكية جديدة للمدينة، التي تتجه وبخطوات ثابتة، لتكون قطبا سياحيا وثقافيا بامتياز، فضلا عن القطب الرياضي، وكذا إعادة بعث رياضة كرة اليد في عاصمة غرب البلاد، بعد أفول نجمها لعقود، ممثلة في نادي مولودية وهران، وعليه لم تتأخر مدينة وهران في إظهار قدراتها مرة أخرى، وبمناسبة هذا الحدث الإفريقي.

واكتشف الوافدون وممثلو الكرة الصغيرة الإفريقية عن قرب قوة بنيتها التحتية؛ سواء هياكل فندقية، أو منشآت رياضية على رأسها المركّب الأولمبي "هدفي ميلود "، الذي نال إعجاب زوار وهران من رياضيين وسياح، وبات لب حديثهم في كل مناسبة وتظاهرة.

والمؤكد أن وهران استفادت كثيرا من تجاربها السابقة؛ لذا لم يجد المنظمون أي صعوبة تُذكر على الصعيد التنظيمي، الذي سار بسلاسة كبيرة، وبدون نقائص من شأنها تعكير صفو المنافسة القارية، فكانت الإشادة كبيرة من قبل الوفود الرياضية المشاركة، والإعلاميين المرافقين لها بظروف الاستقبال والإقامة.

زادها ثراء وهران الثقافي والسياحي إعجابا وقبولا بعد الزيارات التعريفية التي قامت بها البعثات المشاركة، والعاملون في الكنفدرالية الإفريقية لكرة اليد؛ للوقوف، عن قرب، على الجمال الأخاذ لمعالم عروس المتوسط، أهمها وأروعها على الإطلاق قلعة" سانتا كروز " . وزاد في نجاح  التنظيم الروح الرياضية المثالية التي سادت حيثيات المنافسة، وخلوّ المباريات الملعوبة من أي تحفظات وملاحظات من لدن مسؤولي الهيئة الرياضية الإفريقية.

منصور أريمو يهنّئ وهران

هنّأ رئيس الكنفدرالية الإفريقية لكرة اليد منصور أريمو، المنظمين الجزائريين بنجاحهم في تنظيم النسخة 40 من كأس إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس.

وقال بعد اختتام المنافسة وتتتويج الفائزين فيها: " أود أن أشكر الجميع، وأهنئ الاتحادية الجزائرية لكرة اليد وكل الجزائريين على حسن التنظيم. كانت بطولة رائعة مليئة بالحماس والتنافس، وكذلك بالروح الرياضية التي شرّفت الرياضة والرياضيين في إفريقيا ".

كريمة طالب: نجاح وهران كان منتظَرا ومازال المزيد

أكدت كريمة طالب، رئيسة الاتحادية الجزائرية لكرة اليد، أن نجاح مدينة وهران في تنظيم الطبعة 40 لكأس إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس، كان منتظرا، معتبرة هذا النجاح خطوة هامة نحو استعادة الجزائر قوتها في القارة تنظيما وفنيا.

وقالت عقب اختتام التظاهرة: " نحمد الله تعالى الذي وفقنا لأن نعطي صورة ناصعة عن بلدنا الجزائر، وكان هذا هو هدفنا الأول والأخير؛ حيث رجعنا لتنظيم المنافسات الرياضية بعد غياب 10 سنوات. والجميع كان راضيا؛ سواء من الجانب التنظيمي، أو الفني".

وحسب المتحدثة، فإن نجاح وهران في احتضان الكأس الإفريقية للأندية أظهر للجميع بأن الجزائر مستعدة لتنظيم المزيد من التظاهرات الرياضية الكبرى. والموعد الأقرب البطولة العربية المقررة نهاية شهر نوفمبر القادم بحسبها إن حازت الجزائر على شرف تنظيمها طبعا.

سيطرة فنية لشمال إفريقيا عند الرجال وأنغولا تتسيّد لدى السيدات

استرعى المستوى الفني اهتمام أهل الاختصاص والفنيين الحاضرين، وأغلبهم من اللاعبين القدامى، الذين رأوا في المنافسة الإفريقية فرصة لنهل المزيد من المعارف، والوقوف على مدى تطور كرة اليد الإفريقية؛ سواء لدى الرجال أو السيدات.

وبالنسبة للمستوى الفني لدى الرجال، فلا جديد يُذكر، وهذا منذ سنين بسيطرة الأندية المصرية والتونسية على المنافسات الإفريقية، وهو ما تأكد في طبعة وهران بنيل الترجي التونسي لقب البطولة أمام نادي الزمالك، وحلول النادي المصري الآخر الأهلي، في الرتبة الثالثة. ولا مفاجآت في ذلك مادام العمل القاعدي جاريا، والتسيير الاحترافي مستمرا إداريا وفنيا، وهو ما انعكس على تطور الأندية والمنتخبات المصرية والتونسية، التي باتت لها اليد العليا في مختلف المنافسات والمسابقات حتى وإن اهتز المستوى الفني بعض الشيء، في هذين البلدين، كما صرح بذلك مدرب الترجي باسم السبكي.

وقد أقر مدرب نادي شبيبة كينشاسا الكونغولي إلونقا دونات، بتطور مستوى أندية ومنتخبات شمال إفريقيا. وأرجع ذلك للعمل الجيد المنجز على مستوى الخطط والتكتيكات المتبعة، ملخّصا في جملة واحدة: "إن أندية شمال إفريقيا تعرف كيف تنهي هجماتها. وهو النقص الذي تعاني منه باقي الأندية الإفريقية الأخرى، وتعمل على محوه نهائيا ".

وبالنسبة للأندية الجزائرية، فقد كانت طلتها مخيبة عموما خاصة عند السيدات، فقط  فريق شبيبة سكيكدة (رجال ) من حاول القفز على عوائق ومثبطات نقص التحضير والإمكانيات، لإعطاء وجه جيد عن الكرة الصغيرة في الجزائر، لكنه لم يقدر على نيل أكثر من المركز الرابع، وكان ذلك مكسبا منطقيا.

وكان لرئيسة الاتحادية الجزائرية للعبة طالب كريمة، تصريح في هذا الخصوص، مزجت فيه بين الإقرار والتبرير؛ قالت: " صحيح أن الأندية الجزائرية لم تقدر على أن تنافس الأندية الأنغولية والمصرية والتونسية، لكنها أعطت وجها طيبا على العموم، ومعها العذر؛ إذ كانت بعيدة عن المنافسات القارية، والاحتكاك بصفوة كرة اليد في إفريقيا. ونتوسم عودة قوية فنيا، وتطورا كبيرا لأنديتنا مستقبلا، وحتى إن لم يحالف الحظ فرقنا في الفوز، إلا أنني راضية كل الرضا عن خرجتها في هذا الحدث، فقد شرّفت الجزائر، وبشهادة الجميع".

أما عن رأيها في طلة كرة اليد النسوية، فقالت: " الوجه الشاحب الذي أطلت به كرة اليد النسوية الجزائرية في هذه الكأس الإفريقية، راجع إلى تدني مستوى البطولة الوطنية. ونحن نعمل على هذا الصعيد، حتى نحسن مستوى الأندية، ومعها مستوى البطولة عموما".

رصد المزيد من الإمكانيات لتحقيق طموح التألق ومجاراة المتفوقين

طالب جل الفنيين المشرفين على الأندية الجزائرية، سواء عند الرجال أو السيدات، برعاية أحسن، وتدعيم أفضل لهذه الأندية خاصة من جانب الإمكانيات، مؤكدين جميعهم وبدون استثناء، على نقص الاستعداد الجيد لموعدي وهران؛ بسبب عدم توفر إمكانيات القيام بذلك، وهو ما صنع الفارق مع الأندية المصرية والتونسية على وجه الخصوص بحسبهم.

وقال عروش لخضر مدرب شبيبة سكيكدة في هذا الشأن: " نحن أندية هاوية، وليست محترفة. فريقنا هاو منذ 30 سنة. ولعب ضد أندية محترفة بأتم معنى الكلمة وأحسن منا استعدادا وإمكانيات خاصة المالية منها، ولذلك تجد هذه الأندية محفزة، وحتى من جماهيرها كما حصل مع الترجي التونسي".

وتابع :"في زمن ما كانت السيطرة جزائرية بتواجد أندية مولودية الجزائر ونادي بناء الجزائر والنادي ومولودية وهران، حتى إن نهائيات البطولات الإفريقية كانت جزائرية مائة بالمائة. واليوم ذهب كل ذلك المجد والتألق. وعلى السلطات العمومية التدخل لتحسين وضع كرة اليد الجزائرية، وتقديم المساعدات اللازمة للأندية للتطور، وتحسين مستواها؛ حتى تساهم بفعالية في استعادة هيبة وأمجاد كرة اليد الجزائرية قاريا ودوليا ".

ومقابل ذلك، كان الاعتراف واضحا من لدن طالب كريمة رئيس الاتحادية الجزائرية للعبة، على انشغالات الفنيين الجزائريين؛ قالت: " صحيح أن أنديتنا تصادف مشاكل عديدة، وعلى رأسها المشكل المالي، ولكن ستتخطى الأندية الجزائرية هذا العائق؛ ذلك أن السلطات العمومية تعمل على رصد سبل النجاح، حتى تستعيد كرة اليد الجزائرية بريقها داخل الوطن وخارجه ".

ضعف الإقبال الجماهيري النقطة السوداء الوحيدة

لا ننكر أن السلطات المحلية وكل من له صلة بتنظيم كأس الكؤوس الإفريقية للأندية، اجتهدت وسعها ليكون التنظيم في أرقى صورة، وكان كذلك باعتراف الوفود الرياضية المشاركة ومسؤولي الكنفدرالية الإفريقية لكرة اليد، لكن ذلك لم يكن ليحجب ضعف الإقبال الجماهيري على مباريات المنافسة.

ويبدو أن المنظمين لم يشتغلوا كما يجب على هذا الجانب، فافتقرت المنافسة لحضور جماهيري كثيف، إلا من بعض المباريات التي تُعد على أصابع اليد الواحدة بما فيها الدور النهائي؛ فلا يجب أن نغفل عن أن حضور الجماهير يساهم كثيرا في نجاح التظاهرات، وتحفيز الأندية بما في ذلك الجزائرية، التي افتقدت إلى أنصارها ومشجعيها، إلا من عدد قليل من الجمهور كانوا مشاهدين بالأساس مقارنة بنادي الترجي التونسي، الذي رافقته مجموعة كبيرة من أنصاره إلى وهران، فساندته بقوة، واحتفلت معه بتتويجه، وكان لأنصاره النصيب الوافر في مغنمه الإفريقي.

وقد حمل تصريح المسؤولة الأولى عن الاتحادية الجزائرية للعبة، اعترافا بالتقصير في هذا الجانب؛ قالت: " لا لوم، ربما أن الجماهير الجزائرية لم تبلّغ كما ينبغي، بإقامة هذا الحدث الإفريقي في بلادنا، وبوهران تحديدا، لكن استدرك الأمر، وغصت قاعة "ميلود هدفي" بالجماهير في الدور النهائي".

الأهداف المستقبلية للاتحادية الجزائرية

نجحت الجزائر في تنظيم الطبعة 40 من كأس إفريقيا للأندية الحائزة على الكؤوس، وكان لبنة أخرى لتقوية المرامي، والأهداف المسطرة المستقبلية، حسب طالب كريمة رئيسة الاتحادية الجزائرية لكرة اليد، التي أضافت : " نحن نسير خطوة بخطوة لبلوغ أهدافنا المسطرة، ومعالجة مشاكل كرة اليد الجزائرية شيئا فشيئا. وهدفنا الأول والأخير هي المنتخبات الوطنية؛ إذ نصبو لتكوينها تكوينا جيدا وقويا، حتى تبلغ المستوى العالي، وبهكذا بطولات ومنافسات نصل إلى ذلك، وننافس على الألقاب القارية كما كنا في السابق".