الفريق الوطني الأولمبي لأقل من 23 سنة

أمل الكرة الجزائرية

أمل الكرة الجزائرية
  • القراءات: 941
ع. اسماعيل ع. اسماعيل

بعد تأهله الرائع إلى أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 وبلوغه الدور النهائي لكأس أمم إفريقيا التي تجري أطوارها اليوم بملعب "ليوبولد سونغور" بالعاصة السينغالية داكار، يكون الفريق الوطني لأقل من 23 سنة قد أكد بشكل لا يدع مجالا للشك بأن الكرة الجزائرية المحلية الآن في طريق استرجاع هيبتها الضائعة بعد تراجع مردودها ونعتها بالضعيفة والفاشلة من طرف أولئك الذين يئسوا من عودتها إلى الواجهة وظنوا أنها لن تقوم لها قائمة في المستقبل بسبب المشاكل التي مرت بها وتعفن محيطها الذي أوصلها إلى ما لم نكن نتصوره أو نتوقعه، بالنظر إلى تاريخنا الحافل بالألقاب وبالانجازات في الرياضة الأكثر شعبية في بلادنا المعروفة لدى الاختصاصيين العالميين بكونها "أمة في كرة القدم". 

لقد فاجأنا هذا المنتخب الذي لم تكن عناصره تدرك تمام الإدراك أنها قادرة على البروز في دورة داكار والتحول بسرعة إلى مرشحة بقوة لانتزاع لقبها وكسب تأشيرة التأهل إلى أولمبياد البرازيل 2016 بعدما ظهرت بمردود متوسط في المباريات الودية التي شاركت فيها قبل تنقلها إلى عاصمة السينغال. ولا شك أن تأهل فريقنا الوطني لأقل من 23 سنة إلى الأولمبياد القادمة أثلج صدور أولئك الذين ظلوا يثقون في مستوى وقدرات اللاعب الجزائري المحلي، لا سيما عندما نهتم به من خلال منحه كل ظروف التألق كتوفير التكوين ووسائل العمل وضبط التنظيم، إلى جانب استفادته من العوامل البسيكولوجية المشجعة على التطور، إلى غير ذلك من الأشياء التي ترافق مسار أي لاعب يتعين الاستثمار في قدراته، ويمكن تشبيه هذه العوامل بتلك التي مكنت الفريق الوطني العسكري من انتزاع لقبين عالميين في فترة وجيزة، كل هذا يجعلنا ندرك بسرعة أن بعض العقليات المعطلة، التي بقيت لفترة طويلة لصيقة بذهنيات مدربينا ومسيرينا، بدأت تتغير وتتماشى مع ما هو متلائم مع تحديث العمل المبرمج والممنهج لبلوغ الأهداف المسطرة.

ويمكن إدراج في هذا الإطار النتائج المحصل عليها من طرف وفاق سطيف واتحاد الجزائر على المستوى القاري، الأول نال لقب رابطة أبطال إفريقيا والثاني بلغ دورها النهائي بتشكيلة شابة لها مستقبل واعد، يلعب في صفوفها لاعبان لهما أدوار أساسية ضمن الفريق الوطني لأقل من 23 سنة ويتعلق الأمر بكل من زين الدين فرحات وبوخماسة اللذين يمثلان نموذجا لمستقبل الكرة الجزائرية، المدير الفني الوطني توفيق قريشي الذي رافق المنتخب الوطني إلى دورة داكار قال حول المراحل التكوينية التي مر بها هذا الأخير: "تدريبات وتحضيرات هذا الفريق كانت ذات مستوى عال في أكاديمية "الفاف"، فضلا عن أننا أشركنا لاعبيه في بطولة الدرجة الثانية للهواة وسمح ذلك برفع درجة النمط التنافسي لديهم، ويظهر الآن بعد التأهل إلى الأولمبياد وبلوغنا الدور النهائي من كأس أمم إفريقيا أننا نجني ثمار العمل الكبير الذي قامت به أكاديمية "الفاف" وأظن أن الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ستكون، بسبب غياب عمل جدي على مستوى الأندية، مضطرة لبعث هذا النوع من الأكاديمية خاصة بكل الفئات العمرية لأن العمل بهذه الطريقة سيسمح لكرتنا بتمثيل البلد بصفة جيدة في المواعيد الدولية الكبرى، أوجه تشكراتي الكبيرة إلى الطاقم الفني للفريق وإلى لاعبيه وأيضا إلى الاتحادية التي لم تبخل على هذا المنتخب لكي يحضر في ظروف جيدة". 

من جهته، قال مدرب هذا المنتخب السويسري شورمان "لم أغير من طريقة عملي منذ اعتلائي العارضة الفنية لهذا المنتخب الذي جلبت إليه لاعبين يقاسمونني كثيرا من المبادىء والذهنيات كعدم الخوف أو الرجوع إلى الوراء أمام أصعب الوضعيات، لذا أشكرهم على ما بذلوه من مجهودات لبلوغ الأهداف التي سطرناها بالرغم من أننا لم نكن نتوقع الوصول اليها".  وبخصوص مباراة اليوم ضد نيجيريا، قال التقني السويسري "لم يكن لنا متسع من الراحة منذ المباراة الأخيرة ضد جنوب إفريقيا، لكن يجب الاحتفاظ بنفس الاستعداد والانضباط من أجل خوض المباراة النهائية بعزيمة الانتصار". ويتبين الآن أن الانجاز الذي صنعه زملاء عبد اللاوي في دورة داكار من شأنه أن يحد من الأفكار التي ما انفكت تنقص من قيمة ومستوى اللاعب المحلي، بل لا زالت تعتقد أن المنتخب الوطني للأكابر لن يحقق أي شيء بدون لاعبينا المحترفين الذين ينشطون في البطولات الأوربية.

ومما لا شك فيه أن بلوغ الفريق الوطني لأقل من 23 سنة الدورة الأولمبية لريو دي جانيرو سيعطي حافزا قويا للأندية الجزائرية لكي تعتني أكثر فأكثر بالفئات الشبانية وتجعلها مصدر سياستها القادمة في مجال التكوين، حيث أن هذه الأندية سيكون في حوزتها عن قريب وسائل عمل كبيرة من خلال استفادتها من مراكز تكوين تعهدت الدولة بتوفيرها وانجازها على عاتقها.  وكل ما نتمناه قبل ساعات قليلة من المواجهة المرتقبة ضد نيجيريا هو أن يكون التتويج مزدوج من خلال انتزاع لأول مرة اللقب القاري لفئة أقل من 23 سنة وبذلك تكتمل الفرحة و نصبح نحلم من جديد بقدرة الكرة الجزائرية على استرجاع عهدها المفقود.