علي ذراع يعتبر غياب الانتقائية دليل على حياد السلطة

”أميار” عرقلوا الراغبين في الترشح لأسباب سياسية

”أميار” عرقلوا الراغبين في الترشح لأسباب سياسية
  • القراءات: 903
شريفة عابد شريفة عابد

سجلت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بعض التجاوزات الصادرة عن بعض الأميار، الذين عرقلوا الراغبين في الترشح من خلال منعهم من ختم استماراتهم، مدفوعين بأسباب إيديولوجية وسياسية، حسبما كشف عنه الناطق الرسمي للسلطة، علي ذراع، الذي اعتبر استقبال السلطة مترشحين ما كان يعرف بالموالاة ومسؤولين سابقين في عهدة الرئيس المستقيل رغم السخط الذي أثاره ظهورهم على مستوى الحراك الشعبي، دليل قاطع على حياد السلطة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع ليبقى الفيصل هو الصندوق، مسجلا من جانب آخر توافدا ملحوظا على مراكز التسجيل الانتخابي منذ انطلاق مراجعة القوائم الانتخابية، ”بفضل الضمانات الكثيرة التي جاء بها كل من قانون الانتخابات والسلطة المستقلة”.

لا تزال السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات، تستقبل على مستوى مقرها بنادي الصنوبر بالعاصمة الراغبين في الترشح للاستحقاق الرئاسي المقرر في 12 ديسمبر القادم. ففي حدود الساعة الحادية عشر، صادف تواجدنا بمقرها إقبال مواطن من أجل سحب استمارة اكتتاب التوقيعات، من دون أن يثير حضوره فضول العمال ولا حتى الصحافة، كونه شخصية غير معروفة، لم يسبق لها أن سجلت أي حضور في النشاط السياسي ولا الجمعوي. وقد تم استقباله من قبل الفريق المكلف بالتوجيه الذي رافقه إلى مكتب سحب الاستمارات، حيث تم تزويده بالوثائق الضرورية التي شحنها على متن مركبته وغادر المكان.. ليليه فيما بعد شخص آخر جاء لنفس الغرض، ليرتفع بذلك تعداد من سحبوا استمارات اكتتاب التوقيعات إلى 82 شخصا، بين شخصية حرة ورئيس حزب ومواطنين غير معروفين لدى الرأي العام الوطني. و هو عدد مرشح لأن يتضاعف في الساعات القادمة، لاسيما وأن فترة إيداع الملفات لا تزال مفتوحة إلى نهاية آجالها القانونية التي تمتد إلى 25 أكتوبر القادم.

وقد تم تخصيص قاعة لاستقبال الصحفيين، لاسيما مراسلي القنوات التلفزيونية الذين يقبعون بالمكان منذ بداية عملية إيداع سحب استمارات اكتتاب التوقيعات، وكلهم أمل في أن تطل عليهم شخصية وازنة تصنع افتتاحية نشرات الأخبار، إلا أن الواقع لم يكشف لحد الآن عن مفاجآت كبيرة، إذا ما استثنينا بعض الوجوه القليلة التي تعوّد الجزائريون على ترشحها وبعض الأسماء التي سبق وأن تقلدت مسؤوليات حكومية خلال الفترة الماضية مقارنة بالعدد الإجمالي للراغبين في الترشح.

وقد وزعت السلطة نشاطاتها على عدد من اللجان، أهمها لجنة الإعلام واللجنة القانونية ولجنة متابعة الفروع على المستوى المحلي والخارجي، لتنسيق العمل الخاص بالاستحقاق الرئاسي القادم، وقد لاحظنا أن القاضي المكلف بالشؤون القانونية ظل يتردد باستمرار على لجنة الإعلام للاستفسار عن بعض الأمور التقنية التي يثيرها بعض من سحبوا استمارات الترشح ومنها كتابة أسماء المترشحين بالطبع الآلي أو بالخط اليد.

إقبال مميز على التسجيل في القوائم الانتخابية

في سياق عملية التحضير لرئاسيات 12 ديسمبر القادم، في ظل الصلاحيات الجديدة التي منحت للسلطة المستقلة للانتخابات، أحصى الناطق الرسمي للسلطة علي ذراع، في تصريح لـ«المساء” استقبال 82 ملفا للراغبين في الترشح للانتخابات، موضحا في رده على استفسارنا حول عملية تطهير السجل الانتخابي من الوفيات والتسجيلات المتكررة، أن ”المراجعة تتم في ظروف جيدة”، حيث سجل في هذا الإطار إقبالا مميزا للراغبين في التسجيل في السجل الانتخابي، مشيرا إلى أن بعض البلديات سجلت طوابير ”وهي سابقة لم تشهدها مكاتب البلديات منذ عدة سنوات”.

واعتبر علي ذراع أن هذا الواقع ”إن دل على شيء فإنما يدل على ارتباط المواطن بالصندوق كحل وكإجراء دستوري للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد”.

ومن المقرر أن تستمر عملية مراجعة القوائم الانتخابية إلى غاية 6 أكتوبر القادم، حيث يؤطر القضاة اللجان البلدية التي تضم 3 ممثلين عن المواطنين وعمال البلدية في الإشراف على عملية تطهير القوائم، باعتبارها عملية مفصلية لضمان الانطلاق بقاعدة صلبة وصحيحة لإنجاح استحقاق 12 ديسمبر المقبل.

بعض رؤساء البلديات عرقلوا المترشحين لأسباب سياسية

وقد طفت الاختلافات السياسية إلى السطح، خلال التحضير للعملية الانتخابية، حيث أقدم بعض رؤساء البلديات حسب علي ذراع، على ”عرقلة ومنع ختم استمارات الراغبين في الترشح أو التدخل على مستوى المحضرين القضائيين، مدفوعين بقناعة سياسية وإيديولوجية، ذات الصلة برفض الانتخابات”. وقد أبلغت السلطة بتلك التجاوزات التي كانت متفرقة تم التدخل لتسويتها في آجالها، حسب محدثنا، الذي أضاف بأن ”السلطة ستكون مرافقة لجميع المترشحين عبر فروعها المحلية، في إطار السهر الجيد على سريان العملية الانتخابية التي يريد البعض عرقلتها مدفوعين بقناعات سياسية ضيقة”.

استقبال ملفات مرشحي ”الموالاة” دليل على حياد السلطة

وحول موجة الاستياء التي أثيرت عبر وسائط التواصل الاجتماعي ولدى الحراك الشعبي الذي أعاد في جمعته الـ32، رفع شعار ”لا للعهدة الخامسة”، بعد استقبال السلطة المستقلة للانتخابات لبعض المترشحين الذين كانوا محسوبين على ما كان يعرف بالموالاة، وكذا ممن تقلدوا مناصب حكومية خلال عهدات الرئيس المستقيل، وفي مقدمتهم الوزير الأول الأسبق، عبد المجيد تبون وقبله رئيس التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي، مع اعتزام حزبا الأرندي والأفلان أيضا تقديم مرشحيهما في قادم الأيام، رد علي ذراع بالقول، ”يجب النظر إلى هذه الأمور من زاوية مختلفة، وهي أن حياد السلطة وتجردها من أي صفة سياسية يجعلها اليوم تعامل جميع الراغبين في الترشح على قدم المساواة وتستقبلهم كغيرهم من الراغبين في الترشح لكرسي رئاسة الجمهورية”، موضحا أن ”القانون لا يمنع من الترشح لهذا المنصب، إلا من لديهم متابعات قضائية أو من لا تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في القانون الجديد للانتخابات.. وعلى هذا الأساس، يبقى في النهاية الصندوق هو الفيصل بين الجميع”.

الإعلام مقيد بالقانون خلال الحملة الانتخابية

وحول البداية المبكرة للحملة الانتخابية لبعض المتنافسين، لا يرى ممثل السلطة المستقلة للانتخابات أي حرج في نزول بعض الراغبين في الترشح أو أنصارهم ضيوفا على بلاطوهات التلفزيونات الخاصة، للحديث عن أفكارهم السياسية، ”لأن وقت السباق الحقيقي لم ينطلق بعد، وهو مرتبط ببداية الحملة التي سيتم خلالها تقسيم الوقت الساعي للمتدخلين من باب الإنصاف. ونفس الأمر ينطبق على الإشهار الخاص بالملصقات والجداريات بالأماكن العمومية المخصصة بالبلديات، حيث ضبط القانون ذلك بدقة وأقر عقوبات على المخالفين”.

أما فيما يتعلق بإمكانية ”تميع العملية الانتخابية” بسبب تهافت كل من هب ودب على نادي الصنوبر لسحب استمارات الاكتتاب، وإمكانية تكرار المهازل السابقة التي شهدتها العملية المماثلة بمناسبة الانتخابات التي تم إلغاؤها، لاسيما حادثة ظهور ”نكاز الميكانيكي” في آخر لحظة أمام الرأي العام الوطني والدولي، قال المصدر إن ”تلك الممارسات من مخلفات الماضي والسلطة تحرص على عدم تكرار مثل هذه المهازل”، وذكر في هذا الصدد بالضوابط التي وضعت في شروط الترشح، داعيا بالمناسبة الجميع إلى تحمل مسؤوليته من أجل إعادة الاعتبار للعملية الانتخابية، ”لأنها أساس بناء الديمقراطية والمؤسسات والدولة”.