بارتولون يبرز التطور المتواصل للعلاقات الجزائرية - الفرنسية ويؤكد:

يجب أن يكون للجزائر صوت في السياسات الأمنية المستقبلية

يجب أن يكون للجزائر صوت في السياسات الأمنية المستقبلية
  • 465
محمد . ب / وأج محمد . ب / وأج

أبرز رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية، كلود بارتولون، أول أمس، أهمية العلاقات الاقتصادية والتجارية الجزائرية - الفرنسية، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تعتبر "علاقات مستقرة ومكثفة وتشهدا تطورا متواصلا"، وثمن المسؤول الفرنسي، من جانب آخر، التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، مؤكدا على أن كافة أعمال التنسيق الإقليمي في مجال مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة ينبغي أن تستلهم من التجربة الجزائرية.

بارتولون ذكر في كلمته الافتتاحية للجنة البرلمانية المشتركة الكبرى الجزائر - فرنسا، أن الجزائر تملك تجربة متميزة في مجال مكافحة الإرهاب، حتمها التاريخ على الجزائريين "الذين حاربوا وحدهم منذ زمن ليس بالبعيد جنون هؤلاء الإرهابيين"، واعتبر في سياق متصل أنه "أيا كان مستقبل السياسات الامنية، فإنه يجب استشارة الجزائر بل أكثر من ذلك يجب أن يكون للجزائر صوت ذو وزن فيما يخص المشاريع المستقبلية".

وإذ أشار إلى أن الجزائر وفرنسا سيعملان معا على بناء السلم وهيئات إقليمية قادرة على ضمانه، اعتبر المسؤول الفرنسي أن هذا البناء "يستلزم تعزيز الاليات الثنائية من أجل تعاون عملي في منطقة الساحل".

وإلى جانب المحور الأمني ومكافحة الارهاب، أوضح السيد بارتولون أن اللجنة البرلمانية المشتركة الكبرى الجزائر - فرنسا، تطرقت إلى جانب المحور الأمني، إلى موضوع الشراكة الجزائرية - الفرنسية في مجال الاستثمار والتجارة، وأشار بالمناسبة إلى أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين "مستقرة ومكثفة وتشهد تطورا متواصلا"، لافتا إلى ان هذه العلاقات "تضاعفت بثلاث مرات".  

وبعد أن ذكر بأن فرنسا تعد الشريك الاقتصادي الثاني للجزائر والمستثمر الأول في الجزائر، أشار إلى أن البلدين "شريكان متميزان وعليهما عدم ادخار أي جهد لتحسين مرونة العلاقات بين مؤسساتهما"، مؤكدا بأن اللجنة الكبرى البرلمانية، تمثل أكثر من عمل دبلوماسي "بل هي إشادة شعب بسيادة الشعب الشقيق". 

البرلماني الفرنسي الذي ترأس مع رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة أشغال اللجنة البرلمانية المشتركة الكبرى بين البلدين، دعا في حوار لوكالة الأنباء إلى مواصلة تعزيز التعاون المتميز بين الجزائر وفرنسا في جميع المجالات، مبرزا أهمية الأدوات المؤسساتية التي وضعها البلدان، والتي من شأنها حسبه، الحفاظ على هذه الدينامية. 

وردا على سؤال مرتبط بالفعل المهين الذي أثاره الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس بنشره صورة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، قال السيد بارتولون "لا ينبغي أن يشغلنا ذلك الحدث عن عمق ونوعية العلاقات الفرنسية - الجزائرية منذ 2012"، مضيفا بقوله "نتفهم الشعور الذي أثاره الحدث ونتأسف لذلك، وعن أي نية خاصة، ستتناقض تماما مع نوعية الروابط المتميزة التي تسعى الحكومة الفرنسية الحالية إلى تطويرها مع الجزائر". 

ولد خليفة يؤكد:

استقرار المتوسط مرهون بحل عادل للنزاعات في المنطقة

من جانبه، شدد رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، في افتتاح الاجتماع، على أن ضمان الأمن والاستقرار في المتوسط يتطلب التوصل إلى حل عادل ودائم للنزاعات في المنطقة وخاصة قضية الصحراء الغربية وفلسطين، وأوضح أن إيجاد هذا الحل العادل من شأنه أن يحقق الغايات الكبرى التي أنشئت من أجلها الأمم المتحدة والمنصوص عليها صراحة في ميثاقها، خاصة ما تعلق بحق الشعوب في تقرير المصير واحترام حقوق الإنسان وصون الحياة وحل النزاعات بالطرق السلمية مع ضرورة التمييز بين الإرهاب وحق الشعوب المحتلة المشروع في المقاومة. 

كما ذكر المتحدث بأن التدخل الخارجي، أفرز فراغا مؤسساتيا وهشاشة الدول، مما جعلها أسواقا مفتوحة لتهريب السلاح والمخدرات ومخابر للتطرف، مؤكدا بأن عمليات بناء الأمن في المتوسط تقتضي تعميق التشاور البناء والصادق بين الدول مع احترام سيادة ورموز ومؤسسات كل الدول وتعزيز التعاون بمنطق رابح - رابح، من أجل ترقية الثقة المتبادلة وتفعيل سياسات قطاعية للتعاون الذي يتعدى مجرد تنقل السلع، إلى بناء الخبرات ونقل التكنولوجيا والتكوين العالي والاستثمار المباشر المنتج للقيم المضافة.

وحسب السيد ولد خليفة، فإن التعاون الإقتصادي المتكامل بين الجزائر وفرنسا سيساهم في تحقيق تعاون إيجابي يفيد الجميع، سواء من حيث الإنتاج المشترك للثروة وفرص العمل أو بالرفع من مستويات الإدخار المالي والرفع من حجم المبادلات التجارية بين البلدين وتعميق الروابط الإنسانية بين الشعبين. وأكد بأن الجزائر تطمح اليوم لأن تكون دولة صاعدة وشريكا هاما سياسيا وأمنيا وثقافيا واقتصاديا بتطويرها لنموذج جديد للتنمية، يركز على التنويع الإقتصادي وتقليص الإعتماد على المحروقات. 

واعتبر ولد خليفة الإجتماع الثالث للجنة البرلمانية المشتركة الجزائر-فرنسا، فرصة لفتح نقاش واسع وصريح بين برلمانيي البلدين حول الرهانات والتحديات التي تواجهها الدولتان، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين تحتاج إلى تعزيز التعاون البرلماني على مستوى التشاور الدوري وتنسيق المواقف في الجمعيات البرلمانية الجهوية والدولية. 

في سياق متصل، أشاد رئيس المجلس الشعبي الوطني خلال محادثاته الخاصة مع رئيس الجمعية الفرنسية بجهود الجزائر في الحفاظ على الاستقرار في محيطها الجيوسياسي ومنطقة الساحل بوجه خاص، واستشهد بنجاح الجزائر في جمع الفرقاء الماليين على توقيع اتفاق يحفظ وحدة تراب هذا البلد، مشددا في نفس الوقت على أن الجزائر لا تسعى لفرض الوصاية على أية دولة، وهي تحث دائما على انتهاج الحوار السلمي ونبذ العنف لحل النزاعات. 

بن صالح لدى استقباله رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية:

أمن شمال المتوسط مرتبط باستقرار جنوبه

بدوره، أكد رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، خلال استقباله السيد كلود بارتولون أن أمن شمال المتوسط وأوروبا عامة مرتبط بأمن واستقرار جنوب الحوض المتوسطي، مبرزا، حسبما جاء في بيان المجلس، الدور الذي يمكن أن يقوم به البرلمانيون الجزائريون والفرنسيون في تشجيع تكثيف التعاون وتنويعه خدمة للمصالح المتبادلة للبلدين، وكذا في مجال رفع مستوى التنسيق الأمني خاصة في مجال مكافحة الإرهاب.

وذكر بن صالح، بالمناسبة، بأن الجزائر التي بذلت مجهودات كبيرة من أجل تحقيق أمنها، تسعى لتحقيق الامن في دول الجوار وخاصة في الصحراء الغربية، انطلاقا من القرارات الأممية. 

وإذ سمح اللقاء الذي جمع بين صالح وبارتولون بالتطرق إلى مستقبل العلاقات الجزائرية - الفرنسية على ضوء التطورات والأحداث الأخيرة، فقد شكل حسب بيان المجلس فرصة "لتوضيح بعض النقاط التي أخذت أبعادا وتفسيرات توحي بأن العلاقات بين الجزائر وفرنسا في أصعب مراحلها"، حيث أكد السيد بن صالح في هذا الإطار بأن "الواقع والمنحى الذي تأخذه هذه العلاقات على ضوء الاتفاقيات المبرمة واللقاءات المتعددة بين مسؤولي البلدين تبين عكس ذلك"، فيما أشار رئيس الجمعية الفرنسية من جهته إلى أن الجزائر وفرنسا تربطهما علاقات تاريخية لا يمكن أن تتأثر بأحداث وتصريحات ظرفية من أطراف تريد استغلال هذه العلاقات لأغراض شعبوية". ونوه بتوافق الرؤى بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، معترفا بالمناسبة بأن "عودة الاستقرار والأمن بالمنطقة لن يتأتى إلا بحل القضية الفلسطينية وكذا القضية الصحراوية على أساس المقررات الدولية".  

للإشارة، فقد استقبل الوزير الأول، عبد المالك سلال، رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلود بارتولون، أول أمس، حيث سمح اللقاء بالتطرق إلى العلاقات الثنائية في المجال البرلماني والحوار السياسي وكذا في مجال التعاون الاقتصادي، وسجل الطرفان بالمناسبة الحركية التي تميز هذه العلاقات وكذا نوعية التشاور السائد الذي يتميز بتطابق الرؤى بين البلدين.