وثيقة أمريكية تؤكد:
واشنطن تراهن على الجزائر كقوة إقليمية لإحباط الاعتداءات الإرهابية

- 480

أكدت وثيقة أمريكية أن واشنطن تراهن على الجزائر كقوة إقليمية عسكرية لإحباط أي اعتداءات إرهابية، مشيرة إلى أنها تبذل جهودا أحرزت من خلالها تقدما كبيرا على مسار مكافحة الإرهاب، كما أقرت في السياق بالإشكاليات الأمنية المعقّدة التي مازالت تواجهها الجزائر على طول حدودها مع ليبيا وتونس والنيجر وشمال مالي، مما يتطلب زيادة نشر المزيد من الجنود لتأمين الحدود.
الوثيقة التي تداولتها وسائل إعلام أمريكية أشارت إلى البرامج الممولة من قبل الولايات المتحدة في بناء القدرات لإحباط تهديدات متواصلة للمصالح الجزائرية والغربية وفي المناطق الصحراوية الواسعة من الجنوب والجنوب الشرقي، وأبرزت مواصلة الجماعات الإرهابية على استغلال المناطق غير الآمنة على طول الحدود للانخراط في أنشطة غير مشروعة بما في ذلك الاتجار غير المشروع بالمخدرات.
حسب هذه الوثيقة فإن برنامج المساعدات الخارجية الأمريكية للجزائر يقدر بـ2.3 مليون دولار سنة 2017، مضيفة أن "تصميم الولايات المتحدة على تقديم المساعدات الخارجية الثنائية إلى الجزائر، يهدف إلى تعزيز قدرتها على مكافحة الإرهاب والجريمة وبناء المؤسسات في إطار سيادة القانون التي يمكن أن تزيد من الإسهام في أمن واستقرار البلاد والمنطقة".
كما تمت الإشارة إلى أن الجزائر نجحت في كسب تأييد إدارة أوباما، لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، خاصة أن الجزائر كانت منذ بداية الأزمة الليبية من المؤيدين الأوائل لتشكيل حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، وهي فكرة صارت محل تأييد الآن من قبل المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة.
كما تم التطرق في هذا الصدد إلى استخدام الجزائر دوائر سياسية واقتصادية في الولايات المتحدة لإقناع الإدارة الأمريكية بقبول حكومة الوفاق الوطني الليبية، وبالتالي اكتساب القبول ذاته من المجتمع الدولي، لا سيما أن ليبيا كانت تحتاج إلى مساعدة واشنطن لدعم التسوية السياسية الوليدة في البلاد التي مزقتها الحرب. حسب الوثيقة دائما فإن سفير الجزائر بواشنطن، مجيد بوقرة، كان قد تحدث قبل الغارات الأمريكية على سرت لموقع "المونيتور" من مكتبه بواشنطن عن واجب الجزائر في دعم شركائها قائلا "إن من واجبنا كشركاء وأصدقاء ليبيا مساعدة الحكومة على تشكيل جيش وطني يساعد على حفظ الأمن القومي".
الوثيقة أبرزت أن الدور الجزائري في تنصيب حكومة السراج، ينبع من التوجس من تمدد التنظيم الإرهابي "داعش" إلى جوارها وحدودها الشرقية، بعدما عانت لسنوات طويلة من مسلّحي "القاعدة"، وأيضا مراهنة إدارة أوباما عليها في مسائل ضبط الحدود.
موقف الجزائر من الأزمة الليبية يحظى بإجماع فرقاء هذا البلد كونها كانت تدعو دوما إلى ضرورة الوصول إلى اتفاق سياسي يتم من خلاله تزكية حكومة الوحدة الوطنية لتتولى إدارة الشأن العام في البلاد بحكم موقعها الجغرافي الذي يرتبط بحدود مشتركة مع جميع الدول المغاربية.
الأطراف الليبية ترى أن الجزائر بحكم هذا الموقع وثقلها السياسي "المحور الأساسي" في المنطقة من حيث الحركة السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، فضلا عن دورها المرتكز على العمل من أجل الحفاظ على وحدة ليبيا ورفضها لأي تدخل عسكري أجنبي فيها"، مما يؤكد "بأنها ليس لها أي أطماع في ليبيا على غرار بعض الدول الأخرى". سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر جوان بولاشيك، كانت قد أشارت فيما سبق إلى أن بلادها تؤيد المقاربة الجزائرية في حل الأزمات التي تعاني منها منطقة الساحل الإفريقي لا سيما الليبية والمالية. وأوضحت أن "القدرات التي تملكها الجزائر تخولها لعب دور ريادي في منظمة الاتحاد الإفريقي، وكذا المساهمة في إيجاد الحلول السلمية في كل من ليبيا ومالي". بالنسبة للأزمة الليبية أكدت السفيرة الأمريكية أن الإدارة الأمريكية تساند المقاربة الجزائرية لتجاوز الأزمة في هذا البلد الذي يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي. وأبرزت أن الولايات المتحدة "لازالت تؤمن بأن أفضل الطرق لحل هذه الأزمة هو مواصلة العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة ومواصلة مسار المفاوضات"، وحيّت السفيرة الأمريكية الجهود التي بذلتها الجزائر في مجال بحث حل للأزمة، وقالت إنها باتت "تلعب دورا كبيرا في المنطقة ومع جيرانها ويمكنها أن تضاعف من جهودها بالنظر إلى تجربتها الطويلة في مكافحة الإرهاب".