بعد فوزه برئاسة حزب المحافظين وقيادة الحكومة البريطانية

هل ينجح بوريس جونسون في إتمام عملية "بركيسيت" ؟

هل ينجح بوريس جونسون في إتمام عملية "بركيسيت" ؟
هل ينجح بوريس جونسون في إتمام عملية "بركيسيت" ؟
  • القراءات: 556
م. م م. م

ينتظر أن تقوم الملكة البريطانية، اليزابيث الثانية اليوم بتعيين وزير الخارجية السابق، بوريس جونسون في منصب الوزير الأول وتكليفه بمهمة تشكيل حكومة جديدة خلفا للوزيرة الأولى البريطانية، تريزا ماي المستقيلة.

وحسم بوريس جونسون معركته الانتخابية مع خليفته وزير الخارجية الحالي، جيريمي هونت لقيادة حزب المحافظين الحاكم  بفوز مكنه من تولي رئاسة الحكومة البريطانية بعد منافسة شرسة بينهما امتدت على مدى الشهرين الأخيرين لشغل كرسي قصر 10 داونينغ ستريت.

وفاز بوريس جونسون بمنصب رئاسة حزب المحافظين بنسبة 69 بالمئة بعد أن حصل على تأييد أكثر من 92 ألف عضو من أعضاء حزب المحافظين المتكون من  حوالي159 ألف، بينما لم يحصل هونت سوى على 46 ألف صوت.

ويعد جونسون رئيس بلدية لندن الأسبق قبل توليه حقيبة الخارجية البريطانية من اكبر الداعين الى خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي ضمن مهمة ستكون من بين أولويات حكومته وفرصة له لتأكيد نجاحه حيث فشلت سابقته تريزا ماي في إتمام عملية "بريكسيت"، التي خاضت جولات مفاوضات عسيرة مع الاتحاد الأوروبي أرغمتها في النهاية على تقديم استقالتها.

وشكلت هذه القضية مسألة جوهرية في أول خطاب يلقيه بعد فوزه وذهب الى حد تحديد تاريخ 31 أكتوبر القادم كآخر موعد لتجسيد عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد أن كانت مقررة ليوم 29 مارس الماضي وتم تأجيلها لمرتين متتاليتين بعد ذلك بعد أن فشلت ماي في إقناع نواب مجلس العموم بخطتها.

وشكل فوز بوريس جونسون بمنصب الوزير الأول، عودة قوية لأنصار فكرة الخروج من الاتحاد الأوروبي ممن وقفوا في وجه تريزا ماي التي كانت من المتحمسين لبقاء بلادها تحت المظلة الأوروبية.

ورغم ذلك فإن ترتيبات الخروج المعقدة من المنتظم الأوروبي  ستبقى تحديا كبيرا أمام الوزير الأول البريطاني الجديد وخاصة وأن مسألة الانسحاب تعد بمثابة اكبر قضية تشغل الرأي العام البريطاني منذ الحرب العالمية الثانية بالنظر إلى أهميتها وتبعاتها الجيو ـ إستراتيجية وأيضا بالنظر إلى الحساسية المفرطة التي خلفتها في أوساط المجتمع البريطاني بين مؤيد لها وبين معارض لقطع الصلة مع تكتل قاري شكل قوة أوروبا في وجه التكتلات الأخرى ورمز وحدتها لقرابة ستة عقود.

وهي المعضلة التي جعلت الحكومات البريطانية المتعاقبة تفشل منذ استفتاء الخروج في 23 جوان 2016 في إدارة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لاستكمال عملية الطلاق بالتراضي بينهما.

فهل سينجح جونسون حيث فشلت ماي ويضمن لبلاده خروجا سلسا ودون خسائر بدأت مؤشراتها تلوح في أفق المملكة المتحدة بعد إعلان عشرات الشركات العالمية نقل مقراتها من لندن إلى عواصم بلدان أخرى بسبب مخاوف من هزات عنيفة قد تضرب الاقتصاد البريطاني على خلفية تبعات الـ«بريكسيت".

وهي أسئلة تفرض نفسها وخاصة وأن تريزا ماي فشلت في ثلاث مرات متتالية في إقناع نواب البرلمان بخطتها للخروج من تحت مظلة بروكسل، رغم اتفاقها مع الدول الأوروبية شهر نوفمبر من العام الماضي لإتمام عملية الانفصال.

ومازال البريطانيون يتذكرون تلك الانتكاسات المتلاحقة التي منيت بها ماي وجعلتها ترضخ في النهاية للأمر الواقع وتعلن مكرهة انسحابها وهو ما جعلهم يتساءلون عن طبيعة الخلطة السحرية التي حضرها جونسون لتفادي الوقوع في فخ الأخطاء التي وقعت فيها سابقته والتي عجزت في النهاية في إقناع نواب مجلس العموم بخطتها للخروج.

ووضع جونسون المعروفة عنه مواقفه الارتجالية، خيارين لتجاوز عقبة هذا الامتحان حددهما في خوض مفاوضات مع الدول الأوروبية بنية الخروج باتفاق معها وفي حال استعصى ذلك فقد أكد أن بلاده ستكون مضطرة لمغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، مؤكدا قناعته أنه سيكون لبلاده غد مشرق كدولة متحررة من كل التزاماتها التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على منتسبيه.

وهو خيار يحمل في طياته مخاطر مغامرة غير محسوبة العواقب وجعلت وزير المالية البريطاني الحالي، فليب هاموند يقسم على مقاومة مثل هذا المسعى لمنع إتمامه بالنظر الى عواقبه الكارثية على المملكة المتحدة وانه سيعمل على منع تحقيقه حتى وان كلفه ذلك إسقاط حكومة جونسون، بما يؤكد على  حقيقة المتاعب التي تنتظر جونسون وتدفع الى التساؤل ما إذا كان سيتمكن من تجاوزها وكسب رهان الـ "بريكسيت" حيث فشلت تريزا ماي التي خرجت من الباب الضيق لقصر 10 داونينغ ستريت.