المحلل الاقتصادي عبد القادر مشدال لـ"المساء":

نجاح الخوصصة مرهون بتحسين مناخ الاستثمار

نجاح الخوصصة مرهون بتحسين مناخ الاستثمار
الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي عبد القادر مشدال
  • القراءات: 648
شريفة عابد شريفة عابد

اعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي عبد القادر مشدال، خوصصة المؤسسات الاقتصادية العمومية العاجزة وتلك التي هي على مشارف الإفلاس، إجراء مفيد يندرج في اطار الحلول الاقتصادية التي تبحث عنها الحكومة، لرفع معدلات التنمية الاقتصادية والحفاظ على مناصب الشغل. وأشار إلى أن مباشرة تنفيذ هذا الإجراء "الاستدراكي" سيتم على ضوء التشخيص الذي ستقدمه وزارة الصناعة، مبرزا بالمناسبة أهمية استباق عملية الخوصصة بتحسين المناخ العام للاستثمار، لا سيما عبر القضاء على العراقيل البيروقراطية وإعادة النظر في بعض التعاملات البنكية وتطويرها لتشجيع المستثمرين على شراء أصول المؤسسات العاجزة.

وتطرق الأستاذ مشدال، في تصريح لـ"المساء" إلى السياق العام لخوصصة المؤسسات المفلسة والمتميز ـ حسبه ـ بانخفاض في أسعار برميل النفط والأزمة الاقتصادية بشكل عام، "مما أثر على إيرادات الخزينة العمومية".

وأوضح أن التشخيص الذي تقوم به وزارة الصناعة، سيضبط بالتحديد قائمة المؤسسات الاقتصادية العمومية المعنية بعملية الخوصصة من أجل إعادة بعث نشاطها الاقتصادي الراكد ببرامج عصرنة يحملها المستثمرون الخواص، غير أنه أشار إلى أن هذا التطهير لن يتأتى إلا من خلال تحسين الجو العام للاستثمار، "حيث يكون ذلك عبر الرفع الفعلي لجميع العراقيل البيروقراطية والعمل على إدخال القطاع الموازي في المنظومة الرسمية، حتى تستفيد الخزينة العمومية من الإيرادات الضريبة ويتم خلق مناصب الشغل، فضلا عن اعتماد تسهيلات بنكية، كمراجعة معدل الفائدة على القروض الاستثمارية، حتى وإن كان بنك الجزائر قد اعلن عن تخفيضات في مستوى الاحتياطي الإجباري على البنوك".

وفي رده على سؤال متعلق بالإجراءات المفترض اتخاذها حتى لا تتكرر عمليات بيع القطاع الصناعي العمومي بالدينار الرمزي، مثلما وقع في برنامج الخوصصة وإعادة الهيكلة الذي أشرف عليه الوزير الأسبق عبد الحميد تمار، خلال إطلاق البرنامج أكد أستاذ الاقتصاد، أن وزارة الصناعة ستستشير  ـ لا محالة ـ الشركاء الاجتماعيين في عمليات الخوصصة حتى تتفادى تكرار مثل هذا السيناريو، مضيفا أن "الهدف الذي كان يسعى إليه من اشتروا المؤسسات الاقتصادية العمومية خلال تلك الحقبة، هو الحصول على العقار الصناعي بأبخس الأثمان والدليل على ذلك أن العديد ممن اشتروا المؤسسات العمومية لم يطوروا أداءها ولم تكن إعادة نجاعتها الاقتصادية أولوية بالنسبة لهم، وإنما كانت أعينهم على العقار الصناعي الذي حول لأغراض أخرى تحت غطاء الخوصصة".

وعن المؤسسات العمومية المفترض عدم إدراجها في برنامج الخوصصة الجديد، أكد محدثنا أن التقاليد الاقتصادية حتى في الدول الرأسمالية، تستثني من برامج الخوصصة المؤسسات الوطنية الاستراتيجية، لأنها ملك للمجموعة الوطنية وإرث مشترك تحافظ عليه الدولة، ويتعلق الأمر في هذا الشأن ـ حسبه ـ بكل من شركة سوناطراك و"نفطال" والشركة الوطنية للسكك الحديدية "لأنها تعتبر عصبا هاما ولا تستغني عنها الدولة".

في المقابل تبقى هناك ـ حسب الأستاذ مشدال ـ إمكانية لفتح رأس مال بعض المؤسسات الأخرى التي تعرف صعوبات مالية، وذلك وفقا لتقديرات السلطات المختصة، حيث ذكر في هذا الصدد شركة الخطوط الجوية والشركات الخاصة بالنقل البري للمسافرين، "والتي يمكن فتح رأسمالها في اطار شروط محددة من الحفاظ على مناصب العمل و تحقيق النجاعة الاقتصادية المطلوبة، حسب العروض الاستثمارية والبرامج المقدمة والأهداف المسطرة".

وفي تعليقه حول علاقة توجه الحكومة نحو الخوصصة بالتدابير المتصلة بالتحضير لظروف الاستدانة الخارجية، باعتبار أن المؤسسات المالية العالمية أول ما تشترطه هو برامج إعادة الهيكلة الذي تكون الخوصصة في صلبها، اعتبر المحلل أن "هذا يمكن أن يكون خطوة استباقية للحكومة، حتى وإن كان الاقتراض الخارجي غير مطروح الأن في أجندتها لأن الحكومة قررت الاعتماد على التعبئة المالية الداخلية عبر تحصيل الضرائب والديون".

ولم يخف المتحدث تخوفه من عدم إيجاد مستثمرين خواص يرغبون في اقتناء المؤسسات العمومية المعروضة للخوصصة، لا سيما في ظل تعقد المشهد الاقتصادي والشروط التي قد تفرض في عمليات البيع، لافتا إلى أن المناخ الذي كان سائدا في برنامج الخوصصة الأول مختلف عن السياق العام الآن.