الدبلوماسية الجزائرية تحقق مزيدا من المكاسب النوعية

مواكبة التحوّلات دون الإخلال بالمبادئ المقدسة

مواكبة التحوّلات دون الإخلال بالمبادئ المقدسة
  • 892
  مليكة . خ مليكة . خ

دعم الحلول السلمية وعدم التدخل في شؤون الدول ميزة ثابتة في السياسة الخارجية

حققت الدبلوماسية الجزائرية قفزة نوعية في ظرف وجيز بفضل الرؤية الاستشرافية لوزير الخارجية رمطان لعمامرة، الذي ما فتئ يركز على الملفات الاقليمية التي تهم الجزائر بالدرجة الأولى، في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة، حيث ساهمت المعطيات الدولية الجديدة في بروز توجهات وتحالفات مختلفة، تجبر الجزائر على مواكبتها دون الإخلال بمبادئ سياستها الخارجية، في الوقت الذي تعمل فيه على تكييف أدواتها الدبلوماسية وفق التحديات التي باتت تفرض نفسها في التعاملات الدولية.

ويرى مراقبون أن التحركات الدبلوماسية الأخيرة للوزير لعمامرة، قد أعادت إلى الواجهة، المكانة التي كانت تحظى بها الجزائر خلال المرحلة الذهبية من فترة السبعينيات، عندما كانت تساهم في تسوية المعضلات العالمية، بفضل الوساطات الناجحة الداعمة للحلول السلمية التي جعلتها الجزائر مبدأ راسخا في تعاملاتها الدولية.

وقد تجلى ذلك عندما تنقل رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى تونس ومصر والسودان وإثيوبيا للوقوف عند التطورات التي تشهدها هذه الدول، فإلى جانب التأكيد على دعم الجزائر للخيارات التي تتبناها تونس على ضوء الإجراءات السياسية التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، فإن الجولة التي قام بها لعمامرة إلى الدول التي لها علاقة بأزمة سد النهضة، كفيلة بفتح آفاق جديدة لتسوية الملف بالنظر إلى حنكته والثقل الذي يحظى به على المستوى الافريقي.

ويجمع خبراء الشأن الدولي أن الرصيد الدبلوماسي الذي يحظى به الوزير لعمامرة، كان له الأثر الواضح، عندما نجحت الجزائر في شن حملة على قرار قبول انضمام إسرائيل إلى الاتحاد الافريقي كعضو ملاحظ، حيث وقعت عدة دول عضوة بالمجموعة الافريقية على عريضة رفض انضمام الكيان الصهيوني إلى الاتحاد تفاديا لحدوث انقسامات جديدة بين الأفارقة.

كما فرضت الدبلوماسية الجزائرية نفسها بقوة، عندما فرضت قراراتها السيادية المستلهمة من سياستها الخارجية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمحاولات التدخل في شؤونها الداخلية والمساس بوحدتها الترابية والتآمر على استقرارها و أمنها، حيث لم تتردد في قطع علاقاتها مع نظام المخزن الذي تمادى في سياسته العدائية ضد الجزائر، التي، ورغم ذلك، منحت المهلة الكافية لمسؤوليه للرد على الاستفسارات التي طلبتها منهم، خصوصا ما تعلق بالانزلاق الخطير للمفوض المغربي بنيويورك، الذي أدرج في مذكرة شفوية وزعت على المشاركين في اجتماع حركة عدم الانحياز ما سماه "بحق تقرير مصير الشعب القبائلي".

ويرى مراقبون أنه كان واضحا بأن الجزائر، ما كانت ستتغاضى عن الممارسات المغربية المتسمة بازدواجية التعامل، ولذلك كان الإعلان عن قطع علاقاتها مع المغرب متوقعا خصوصا بعد التهديدات التي أطلقها وزير الخارجية الاسرائيلي من الرباط ضد الجزائر وهي سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات العربية - العربية، لتزيد هذه السقطة في تعقيد الأمور أكثر فأكثر. كما ظهر التحرك المكثف لوزير الخارجية في الجارة الجنوبية مالي سعيا لتفعيل اتفاق الجزائر الموقع عام 2015، حيث كانت له عدة لقاءات مع السلطة الجديدة بهذا البلد ومسؤولين في الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.

وإذ يعتبر لعمامرة "مهندس" هذا الاتفاق إلا أنه عاد هذه المرة إلى مالي بصفتين اثنتين، الأولى مبعوثا خاصا للرئيس عبدالمجيد تبون، والثانية بصفته "قائد الوساطة الدولية" في الأزمة المالية، كما أن هذه الزيارة تعد الأولى لمسؤول جزائري منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عاصمي جويتا، شهر ماي الماضي على حليفه السابق باه نداو.

وشكل اللقاء مناسبة لتبادل الآراء حول التقدم المحرز في إطار عملية السلام في مالي وكذلك السبل والوسائل التي تمكن البلاد من جني ثمار السلم والمصالحة الوطنية، فضلا عن التركيز على "دعم الهيئة التشريعية لتنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر وأيضا حول آفاق تعزيز التعاون بين المؤسسات التشريعية في البلدين".

ويجمع محللون على أن هذه الزيارة تأتي في سياق تفادي التداعيات السلبية للانقلاب العسكري على الوضع الأمني الداخلي بمالي الهش أصلا، وعلى جيرانها خاصة مع تزايد النشاط الإرهابي لـ«داعش" والقاعدة في شمال البلد حيث باتوا على مشارف العاصمة باماكو.