رئيس الجمهورية يستخدم لغة الأمل والطمأنة رغم الإشارة إلى حدة الأزمة الراهنة

معركة التنافسية والإنتاجية لكسب الاستقلال الاقتصادي

معركة التنافسية والإنتاجية لكسب الاستقلال الاقتصادي
  • القراءات: 794
حنان. ح حنان. ح

مرة أخرى، جدد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة طمأنته للشعب بخصوص الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد، دون أن ينفي وجود تحديات هامة تستدعي التجند ومساهمة جميع فئات المجتمع، من أجل تجاوز الأزمة الراهنة. ويرى الرئيس بوتفليقة في الانجازات التي تحققت منذ 1999 وكذا في المؤهلات التي تمتلكها الجزائر في مجالات الصناعة والسياحة والفلاحة والموارد البشرية، إضافة إلى سنة الحوار الاجتماعي، إمكانات باستطاعتها أن تقي البلاد تبعات أزمة يعتبر أنها لن تنتهي في القريب العاجل.

وبالنسبة لرئيس الجمهورية، فإن الاحتفال بالذكرى الـ61 لثورة التحرير المظفرة، مناسبة للتذكير بمكاسب الثورة والاستقلال وأهمها تمكن الجزائريين من بناء بلدهم بعد عقود من الاستعمار الذي عمل على تدمير كل مقومات الدولة الجزائرية. وهو ما جعله يقول في الرسالة الموجهة للشعب في هذه الذكرى "بعد استعادة الاستقلال والحرية والسلم والأمن، استطاع صناع ثورة نوفمبر وأبناؤها أن يبرهنوا للعالم أجمع على قدرتهم على البناء. فذلكم ما حدث بعد الاستقلال، عندما كان على بلادنا المنهكة أن تتكفل بإقدام وتصميم، بمئات الآلاف من الأرامل واليتامى، وبملايين المواطنين الذين فقدوا أراضيهم ومنازلهم، كل ذلك في ظل افتقاد فادح إلى الموارد والخبرة". 

وعاد الرئيس لمختلف الانجازات التي عرفتها الجزائر خلال العقدين الأخيرين، خاصة في مجالات التعليم والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، دون إغفال ما تم خارج البلاد، بما سمح للجزائر أن تصبح "شريكا لا غنى عنه وذات كلمة مسموعة كلما تعلق الأمر بحق الشعوب في السلم وفي التنمية". وكانت استعادة السلم والأمن ـ بفضل الوئام والمصالحة الوطنيين ـ الدافع لتحقيق تنمية في عدة قطاعات، أهمها السكن الذي عرف إنجاز ملايين الوحدات السكنية، وعرف أكبر عمليات الترحيل في تاريخ الجزائر لاسيما على مستوى العاصمة، مع إطلاق برامج سكنية لكل الفئات، استطاعت أن تعيد الأمل للكثيرين من أجل الحصول على مسكن خاص.

جهود كبيرة عرفها قطاع التربية كذلك، ذكره الرئيس عندما أشار إلى استلام أكثر من 3.000 إكمالية وثانوية، في وقت أخذت الجامعات تستقبل ما يفوق المليون ونصف المليون طالب وطالبة. يضاف إليها الجهود المبذولة لمكافحة البطالة التي أدت إلى انحسارها بشكل معتبر، من خلال الصيغ التشغيلية المختلفة التي وجهت خصوصا للشباب البطال وتشجيع روح المقاولاتية.

على صعيد ذي صلة، ورغم إشارته إلى تضاعف الاستثمار الاقتصادي، فإن الرئيس بوتفليقة اعترف بأنه "لم يبلغ المستوى المأمول". وتسعى الحكومة من خلال قانون استثمار جدي تمت المصادقة عليه مؤخرا، في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك تشجيع الشراكة سواء بين المتعاملين الوطنيين والأجانب أو بين القطاعين العام والخاص، إلا أن مناخ الاستثمار مازال حجرة عثرة لرفع حجم الاستثمارات، وهو ما أكده آخر تقرير للبنك الدولي. وأمام العزم الكبير الذي عبّر عنه الرئيس لمواصلة مجهود التنمية الوطنية، "بالرغم من أزمة المحروقات العالمية التي كلفتنا نصف إيراداتنا الخارجية، وهي الأزمة التي قد تدوم مدة من الزمن بسبب جملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية"، كما قال، فإن المعركة القادمة هي معركة "الاستقلال الاقتصادي" التي لايمكن كسبها في نظر رئيس الجمهورية إلا برفع تحدي "الانتاجية والتنافسية". 

شرط قال إنه سيسمح بـ«تكريس استقلال البلاد وفرض سيادتها في المجال الاقتصادي وتزويد الجزائر بهذين المكسبين وهي تدخل العولمة التي لا مكان فيها للضعفاء". كما شدد رئيس الجمهورية على أهمية الدور الذي سيلعبه الشباب الجزائري في هذه المعركة، وهو ما سيتجسد في دسترة ترقية مكانة الشباب ودعوة الرئيس إياه للمساهمة الفعّالة في معركة البناء بنفس الروح التي حرر بها أجداده البلاد من الاستدمار. وتعكس القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس بوتفليقة في آخر مجلس وزاري، هذا العزم على كسب المعركة الاقتصادية، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد بعد الانهيار المتواصل لأسعار المحروقات، والذي أدى إلى تراجع معتبر في إيرادات البلاد، في وقت مازالت فيه الواردات تشكل عبئا هاما على الميزانية. ومواجهة لخطابات التشكيك والتخويف، فإن الرئيس اختار لغة الأمل الممزوجة بالاقتناع بقدرة الجزائريين على اجتياز الأزمة الراهنة، مثلما اجتاز أزمات سابقة.