عالم الاجتماع الفرنسي ماتيو ريغوست في مقال بـ"لوموند ديبلوماتيك"

مظاهرات 11 ديسمبر أفشلت خطط فرنسا الاستعمارية في الجزائر

مظاهرات 11 ديسمبر أفشلت خطط فرنسا الاستعمارية في الجزائر
  • 1004
و. أ و. أ

كتبت المجلة الشهرية الفرنسية "لوموند ديبلوماتيك" في مقال نشرته في عددها الأخير، أن مظاهرات 11 ديسمبر 1960 كانت بمثابة منعرج لـ"قلب النظام الاستعماري" الذي كرسه المحتل الفرنسي في الجزائر.

وكتب ماتيو ريغوست، عالم الاجتماع الفرنسي في مقال حول تلك الأحداث المفصلية في الكفاح التحرري الجزائري أنه "منذ ستين سنة خلت، وفي الوقت الذي ادعت فيه باريس أنها قضت نهائيا على جيش التحرير الوطني، خرج الجزائريون بالآلاف إلى قلب مدن البلاد للمطالبة بالحرية والاستقلال. وأضاف أن السلطات الاستعمارية واجهت تلك الاحتجاجات بقمع وحشي، عمدت الدولة الفرنسية إلى طمسه دون أن تمنع الاحتجاجات من تحقيق هدفها في قلب النظام الاستعماري وكانت محطة على طريق افتكاك استقلال الجزائر وكرست التزام شرائح الشعب الجزائري الشعبية وتضامنها مع جنود جيش التحرير الوطني. وذكر عالم الاجتماع الفرنسي في هذا المقال الذي حمل عنوان "حراك قبل الأوان: ديسمبر 1960 الجزائريون ينتفضون"، بخروج عشرة آلاف جزائري وجزائرية إلى شوارع حي  بلكور الشعبي في قلب العاصمة، بمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي، شارل ديغول إلى الجزائر للترويج لخطة "الطريق الثالث" التي تضمنت استراتيجيته  هدفها " تشجيع تنصيب إدارة موالية مهمتها الأساسية الدفاع عن المصالح السياسية والاقتصادية  الفرنسية في الجزائر.

وأضاف أن الأمر كان يتعلق بمشروع أطلق عليه اسم "الجزائر جزائرية" الذي "أجهضته المظاهرات، الاحتجاجية التي ازدادت حدتها خلال زيارة الجنرال، وتوسع نطاقها  لتشمل باقي مناطق البلاد الآخر واستمرت على مدار ثلاثة أسابيع تقريبا، رغم قراره "التفاوض" مع جبهة التحرير الوطني. وذكر الكاتب في سياق سرده لمختلف الأحداث التي صاحبت تلك المظاهرات وجولة الرئيس شارل ديغول مع اجتماع الجمعية العامة الأممية الذي خصص لمناقشة الإعلان الخاص باستقلال البلدان والشعوب المستعمرة يوم 14 ديسمبر 1960، وأيضا مع مناقشة ملف " القضية الجزائرية" يوم 19 من نفس الشهر على مستوى نفس الجمعية. وأكد صاحب المقال أن المظاهرات كان لها وقعها الإيجابي على تلك المناقشات وخاصة وأنها وقعت أمام أعين صحافيي العالم ولم يعد أمام السلطات الاستعمارية، الادعاء بأنها تلقى مساندة أغلبية الجزائريين في وجه من أسمتهم بـ"شرذمة من الإرهابيين". وذكر ماتيو ريغوست في سياق مقاله المطول بالمصادقة على الإعلان الأممي  واللائحة التي أكدت على "الحق في حرية تقرير المصير كقاعدة لتسوية القضية الجزائرية".

وإذا كانت الدولة الفرنسية اعترفت بمقتل 112 جزائريا في مظاهرات  العاصمة ما بين يومي 9 و16 ديسمبر 1960، إلا أن كاتب المقال دحض في هذا الرقم وقال إنه بعد التحقيق تأكد "مقتل 260 متظاهرا على الأقل على أيدي الشرطة، والجيش والمدنيين الفرنسيين خلال مواجهات 9 ديسمبر 1960 في عين تيموشنت و 6 جانفي 1961 في تيارت"وتطرق الكاتب من جهة أخرى إلى النتائج الإيجابية لتلك المظاهرات على صيرورة أحداث الثورة بعد أن سمحت بـ"تخفيف الضغط العسكري على الجبال وإعادة تشكيلها" ومكنت جبهة التحرير الوطني على إعادة تنظيم صفوف مقاتليها، إضافة إلى أن "مشروع انقلاب اليمين المتطرف الاستعماري والعسكري قد أطيح به". وقال إن تمرد جنرالات الجيش الفرنسي "لم يدرس بشكل كاف مما جعل خلفياته تبقى مجهولة إلى حد الآن في ضفتي البحر الأبيض المتوسط وفي بقية العالم"وتابع قوله إنه إذا لم تكن هناك أطروحات من الجانب الجزائري حول الموضوع باستثناء عدد خاص من المجلة الجزائرية نقد (5) الصادر في عام 2010، فان هذه المظاهرات والقمع الذي أعقبه، "اختفت بكل بساطة من التاريخ الرسمي وتم إخفاؤها" لدى الجانب الفرنسي. وخلص إلى التأكيد في الأخير أن شرائح المجتمع الجزائري، وبعد ثلاث سنوات من معركة الجزائر، تمكنت "في استعادة المبادرة الثورية وساهمت بقوة في انتزاع الاستقلال، من خلال الإطاحة بآليات الإدارة الإمبريالية الفرنسية في مستعمراتها السابقة".