الرئيس تبون يضع المنشآت القاعدية في صلب المخططات الاستثمارية

مشاريع السكك الحديدية على "سكة" التنمية الحقيقية

مشاريع السكك الحديدية على "سكة" التنمية الحقيقية
  • القراءات: 1389
كريمة . ب كريمة . ب

رافد تنموي متكامل بأبعاد استراتيجية اجتماعية واقتصادية

شهد قطاع السكك الحديدية بفضل عديد الإنجازات المحققة في الهياكل القاعدية ووقعها المباشر على الاقتصاد وحياة المواطن قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، حيث أضحى يشكل محركا حقيقيا للتنمية في الجزائر، بفضل مساعي الدولة التي تضع المنشآت القاعدية في صلب مخططاتها الاستثمارية. عرفت الجزائر إطلاق برامج مهمة مكنتها من التزود بشبكة سكك حديدية كبيرة تغطي جزءا كبيرا من أراضيها الشاسعة، ما ساهم في جهود التنمية الاقتصادية التي عرفتها البلاد منذ الاستقلال. وتتوفر الجزائر حاليا على شبكة من السكك الحديدية طولها 4200 كلم ويرتقب أن تصل إلى نحو 12500 كلم في أفاق 2030، بفضل ورشات ضخمة أطلقت لإنجاز خطوط جديدة وعصرنة أخرى، لاسيما بالهضاب العليا والجنوب الكبير وهي مناطق غابت عنها هكذا مشاريع لفترة طويلة.

وتسعى السلطات العمومية إلى التوصل لربط جميع مناطق البلاد وإعطاء دفع جديد للديناميكية التجارية والاقتصادية وللتنقل على المستوى الوطني، فمن بين أهداف البرنامج الوطني الخاص بالسكك الحديدية، إعطاء وسيلة النقل هذه في الجزائر بعدا قاريا من خلال ربط أهم الموانئ بولايات الجنوب الكبير. وبعد أن كانت تتوفر غداة الاستقلال على شبكة لا يتعدى طولها 1000 كلم تغطي شريطا ضيقا بشمال البلاد، سجلت الجزائر تطورا ملحوظا لشبكتها التي انتقلت إلى 1800 كلم سنوات 2000 ثم إلى 4200 كلم حاليا، منها مئات الكيلومترات من السكك المنجمية، حسب معطيات وزارة النقل، التي تراهن على شبكة أمثل تغطي التراب الوطني بغية توفير الظروف الكفيلة بتحقيق تنمية اقتصادية متوازنة.

فضلا عن البعد الرامي إلى فك العزلة عن مناطق شاسعة من البلاد من خلال تمكينها من الاستفادة من خدمات النقل بالسكك الحديدية للمسافرين وللسلع، تركز البرامج الاستثمارية التي تم إطلاقها على التحديث والإنارة وازدواجية شبكة السكك الحديدية الموجودة وإعادة تهيئة المحاور وإدخال نظام مواصلات سلكية ولاسلكية عصري. كما يتم إيلاء اهتمام خاص لتجديد عربات السكك الحديدية التي تسيرها الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية التي تتوفر على برنامج طموح لاقتناء قطارات جديدة عصرية ومريحة للمسافرين وإعادة تأهيل الحظيرة الموجودة لتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمسافرين.

ربط العاصمة بتمنراست وأدرار

تشهد وتيرة إنجاز السكك الحديدية والمحطات الجديدة وأشغال الإنارة والعصرنة تزايدا مستمرا، لاسيما بعد دخول الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية، حيز النشاط قصد تمكين الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية من التركيز على نقل الركاب والبضائع. وتمت ترقية القطاع خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى مصف قطاع استراتيجي، حيث أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، بالإطلاق الفوري للدراسات التقنية من أجل تمديد وتوسيع شبكة السكك الحديدية من شمال إلى جنوب البلاد بين الجزائر العاصمة- تمنراست-أدرار.

يتعلق الأمر بمشروع استراتيجي وهيكلي يندرج في إطار تعزيز الشبكة الوطنية من خلال إعطائها طابعا قاريا، وهذا بالموازاة مع برمجة خطوط أخرى بين الشمال والجنوب. وتخص هذه المشاريع ربط ميناء الحمدانية (تيبازة) وتمنراست (1200 كم) بسرعة 220 كلم في الساعة، خط ميناء جن جن حاسي مسعود (572 كلم) والخط الرابط بين ميناء وهران وتندوف (1650 كلم)، فيما يمتد الخط الرابع من ميناء عنابة إلى الوادي مرورا بحاسي مسعود.

وتعكف الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية، التي تتكفل بجانب الاستثمار والإنجاز على تنفيذ المخطط الوطني للنقل بالسكك الحديدية، حيث انطلقت في تشغيل العديد من خطوط السكك الحديدية عبر كامل أرجاء الوطن، منها مشروع الطريق الاجتنابي الشمالي وخطوطه الفرعية بين وهران وعنابة (1250 كلم) الذي يربط 22 ولاية، ودراسة خط فائق السرعة بطول 1200 كم شرق- غرب، بالإضافة إلى الطريق الاجتنابي للهضاب العليا على مسافة 1160 كلم، ناهيك عن خطوط أخرى جديدة منها المسيلة ـ بوغزول وتيارت ـ سعيدة وتيسمسيلت ـ تيارت ـ غليزان وخط بوغزول ـ تيسمسيلت الذي تم تشغيله نهاية ديسمبر الفارط.

إنجاز شبكة بطول 1300 كلم

أنجزت الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية، حتى الآن ما مجموعه 1299 كلم من الهياكل القاعدية الخاصة بالسكك الحديدية والأشغال المتعددة، كما قامت بتجديد 1284 كلم من السكك الحديدية توجد حاليا قيد الاستغلال. وإضافة إلى 417 كلم من السكك الكهربائية التي تغطي عدة ولايات من الوطن، تم إنجاز 22 محطة للمسافرين ولشحن البضائع في إطار هذا البرنامج الواسع الذي يهدف إلى تعزيز وعصرنة الشبكة الوطنية من خلال توسيعها إلى 12400 كلم حسب آخر حصيلة لهذه الوكالة. وسمحت المشاريع المدرجة في إطار برنامج العصرنة بتجهيز 555 كلم بأنظمة حديثة للإشارة والمواصلات السلكية واللاسلكية.

وبخصوص الجانب المرتبط بأشغال الهياكل القاعدية والمنشآت الفنّية تم حفر 57 كلم من الأنفاق وبناء 62 جسرا. وتجاوزت نسبة إنجاز مشروع الطريق الإجتنابي الشمالي وخطوطه التي تغطي 22 ولاية 73 بالمائة بـ920 كلم من السكك المنجزة، فيما بلغت نسبة إنجاز منفذ السكة الحديدية غرب (وهران ـ بشار) 43 بالمائة. وستستفيد من هذا المشروع 6 ملايين نسمة في الولايات التسع التي يغطيها.

أما الطريق الإجتنابي للهضاب العليا الذي يغطي 11 ولاية، فقد أنجزت منه 628 كلم بنسبة تقدم بلغت 54 بالمائة. وفيما يتعلق بمشروع منفذ الطريق وسط الذي يستفيد منه 7,9 مليون نسمة على طول 290 كلم، فقد بلغت نسبة الإنجاز 65 بالمائة، وتكفلت الوكالة منذ 2007 بإنجاز برنامج طموح بأكثر من 9600 كلم من السكك الحديدية بمحطات وتقنيات بناء عصرية، إضافة إلى محطات سكك حديدية ذكية وعصرية من الحدود الجنوبية للجزائر إلى الموانئ الأساسية شمال الوطن. ويتمثل الهدف في التوصل إلى ربط مختلف مناطق الوطن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، بشبكة سكك حديد متطورة بقطارات بسرعة تتراوح ما بين 160 إلى 220 كلم في الساعة. كما يتعلق الأمر بإنجاز خطوط لوجستية لربط الموانئ ومناطق النشاطات والمناطق الصناعية والمواقع المنجمية والأقطاب النفطية بشبكة السكك الحديدية.