فيما وصف كوبلر دور الجزائر بالنّشط جدا والبنّاء

مساهل: مجبرون على أن نكون طرفا في مساعدة ليبيا للخروج من أزمتها

مساهل: مجبرون على أن نكون طرفا في مساعدة ليبيا للخروج من أزمتها
  • 418
 مليكة خلاف   مليكة خلاف

قال الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة لليبيا، مارتن كوبلر، أمس، إن الجزائر التي تدرك مخاطر الإرهاب المتأتي من ليبيا نجحت في إحداث التوازن بين الالتزام في موقفها من جهة وتقديم الدعم المثالي من جهة أخرى لهذا البلد، واصفا دورها في التعاطي مع الملف الليبي بالنشط جدا والبنّاء والقوي، وأوضح أن ذلك كان مآله النجاح في معالجة تداعيات الأزمة، في حين أشار وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، أن بلادنا مجبرة على أن تكون طرفا في مساعدة ليبيا لإيجاد مخرج لازمتها رغم أن بلادنا لم تكن سببا فيها. 

جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها الممثل الأممي بمقر وزارة الخارجية بعنوان "آفاق معالجة الأزمة الليبية"، مضيفا أنه سعيد جدا بموقف الجزائر من معالجة  أزمة جارتها، وأنه إذا ما طلب منها المساعدة كان ردها فوريا، مما يعزّز دور البعثة الأممية التي تحتاج لدعم أصدقائها السياسيين.

كوبلر أكد أهمية توجه الأطراف الليبية نحو المصالحة لوضع حد لسفك الدماء وإعادة بناء المؤسسات وذلك بالاستفادة من تجارب دول الجوار على غرار الجزائر، في حين أوضح أنه لا يمكن لأي أحد أن يعبّر عن الإرادة التصالحية إلا الليبيين أنفسهم بمختلف الشرائح والذين سيستفيدون بطبيعة الحال من المرافقة الدولية.

المبعوث الأممي أقر بالنتائج المشجعة المحققة ميدانيا بعد التوقيع على الاتفاق السياسي في ليبيا وما سيليه من عقد اجتماعات كل 6 أو 8 أسابيع لمرافقة مسار السلم وتفعيل هذا الاتفاق من خلال إضفاء الشرعية على مؤسسات الدولة كمجلسي الرئاسة والدولة، والعمل على  إقناع غرفة النواب لتمكين الحكومة من الحديث مع المجلس الرئاسي، كما عرّج على التطورات والتحديات التي تواجه هذا البلد المتمثلة في الجانبين الأمني والاقتصادي.

في هذا الصدد أوضح أن  الجماعات المسلّحة يمكنها الاستجابة للاتفاق السياسي بترك أسلحتها وإدماجها في القطاع العسكري، مبرزا ضرورة أن تنضوي مختلف الفصائل العسكرية تحت القيادة العليا للمجلس الرئاسي. وكشف كوبلر في هذا الصدد عن مساع لبعثته من أجل إيجاد حل مع الشركاء في المجموعة الدولية قصد إقناع الأطراف الليبية للوصول إلى حل بهذا الخصوص، مضيفا أنه من غير المعقول أن يفوق عدد الأسلحة  المقدرة بـ26 مليون سلاح متنقل تعداد السكان الذي لا يتعدى 6 ملايين، بمعنى حيازة كل مولود جديد لـ3 أو 4 أسلحة. 

فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب سجل المبعوث الأممي تحقيق تقدم في مكافحة الظاهرة، مشيرا إلى أن القوات الموالية للنظام تقاوم التنظيم الإرهابي "داعش" وتوشك العملية على الانتهاء. وقال إنه تم في هذا السياق استرجاع 240 كلم من الشريط الذي كان يحتلّه التنظيم بمدينة سيرت ولم يتبق منه إلا القليل.

كما استعرض كوبلر الوضع الإنساني المتردي في هذا البلد وتصاعد ظاهرة الهجرة غير الشرعية بهلاك 3 آلاف شخص غرقا في عرض البحر، في حين وصل 100 ألف مهاجر غير شرعي ليبي إلى الأراضي الإيطالية، علاوة على تدنّي الخدمات الاستشفائية وعدم تمدرس الأطفال ونزوح السكان، معلنا في هذا السياق عن فرار 75 ألف شخص من مناطقهم وهم بحاجة للمساعدة الإنسانية.  

من جهة أخرى فنّد المبعوث الأممي ما يتم تداوله بخصوص انحياز البعثة الأممية في ليبيا لصالح طرف دون آخر باستثناء التنظيمات الإرهابية، مشيرا إلى أن هيئته تعمل بناء على قرار مجلس الأمن من أجل إرساء التوافق بين الأطراف المختلفة.

من جهته جدد السيد عبد القادر مساهل، موقف الجزائر فيما يتعلق بمعالجة الأزمات، مذكّرا في هذا السياق بتحذير الجزائر من تعقّد الأوضاع منذ بداية تفجر الوضع الليبي وتداعياته على المنطقة ككل، مشيرا إلى أن الجزائر قدمت مقاربتها سنة 2014 مع المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون، المنصبة على ضمان الاستقرار في ليبيا عبر الحوار السياسي الشامل، فضلا عن أنه لا وجود لحل خارج الحفاظ على الوحدة الترابية وسلامتها والحفاظ على انسجام الشعب الليبي.

كما تطرق في هذا الصدد إلى الجولات التي احتضنتها الجزائر العاصمة وهي الوحيدة  التي جمعت لأول مرة كافة الفرقاء الليبيين دون تدخل أي طرف. الوزير اغتنم المناسبة لتجديد التأكيد بأن منظمة الأمم المتحدة تظل الإطار الأمثل لتوحيد رؤى كافة الأطراف، وأنه لا بأس من إشراك دول الجوار التي تتقاسم الحدود مع ليبيا لعرض مساهماتها من أجل إيجاد مخارج للمشاكل التي يعاني منها البلد. كما يرى أنه لا مانع من تقديم المساعدة للحكومة الشرعية في هذا البلد إذا ما طلبت ذلك، واستدل في هذا الصدد بما قامت به الجزائر في تكوين وحدات الشرطة الليبية.

في هذا الصدد أشار الوزير إلى أن الجزائر عاشت أوضاعا أصعب من ليبيا، غير أن مقرات الحكومة والبرلمان والصحافة بقيت في العاصمة، مضيفا أنه لا شيء أخطر من التدخلات الخارجية حتى وإن كانت نتائجها ايجابية على المدى القصير فقط، مضيفا  أنه لا بد من دعم المؤسسات الشرعية في ليبيا، والبحث عن العراقيل والتفكير في مرافقة الليبيين لتجاوزها، فضلا عن رفع الأرصدة المالية المجمّدة لمواجهة الضغط الاجتماعي.  

 دور الديمقراطية في مكافحة التطرف العنيف...  مساهل يعلن عن احتضان الجزائر للورشة يومي 7 و8 سبتمبر

أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، السيد عبد القادر مساهل، أن احتضان الجزائر لورشة حول "دور الديمقراطية في مكافحة التطرف العنيف" سيكون يومي 7 و8 سبتمبر الجاري، مشيرا إلى أن الجزائر ستعرض خلال هذا الاجتماع تجربتها في مجال المصالحة الوطنية.

مساهل كان قد أعلن عن احتضان الجزائر لهذا الاجتماع خلال أشغال الجلسة المغلقة لاجتماع وزراء الشؤون الخارجية العرب التحضيري للقمة العربية العادية الـ27 في العاصمة الموريتانية (نواكشوط) التي انعقدت نهاية جويلية الماضي.

وكان الوزير أوضح في هذا الصدد "أن الجزائر عملا بمنهجها التضامني كانت ولا تزال شريكا دائم الالتزام بمساندة الدول العربية التي تمر بأوضاع صعبة وتضع خبراتها المعترف بها دوليا في مجال مكافحة الإرهاب التي اكتسبتها بحكم التجربة المريرة التي مرت بها خلال العشرية السوداء موازاة مع رغبتها في تقاسم التجارب الناجحة مع الأشقاء في هذا المجال".

وترى الجزائر بأن محاربة التطرف والإرهاب مسؤولية جماعية تقتضي إعداد إستراتيجية تشمل الأبعاد التربوية والدينية والاجتماعية والتنموية وإعلاء قيم الحوار والمصالحة الوطنية، فضلا عن الأبعاد الأمنية للقضاء على هذه الآفة التي أصبحت تهدد أمن واستقرار العديد من الدول. 

للإشارة، أصبحت الجزائر المتمرسة في مكافحة الإرهاب الذي عانت من ويلاته لسنوات، شريكا أساسيا في هذا المجال، حيث تستشيرها العديد من الدول المجاورة والافريقية والعربية وخاصة القوى الغربية التي اكتشفت متأخرة الآثار المدمرة لهذه الظاهرة العالمية.

وقد كثفت الجزائر سنة 2015 من مقاربتها بالتعاون مع شركائها من أجل استتباب السلم في مختلف بؤر التوتر التي تعاني من الحروب والإرهاب. وفي هذا السياق أشاد كاتب الدولة الأمريكي جون كيري مؤخرا بالدور "الإيجابي والبناء" الذي تلعبه الجزائر في مكافحتها للإرهاب على المستوى العالمي، معربا عن استعداد بلده للعمل "بالتعاون الوثيق" مع الجزائر في هذا المجال. في حين أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهاية شهر أكتوبر الفارط في رسالة وجهها للرئيس بوتفليقة عن ارتياحه لكون الجزائر "من بين الدول المؤثرة في العالم الإسلامي"، مشيرا إلى استعداده للتعاون مع الجزائر حول مختلف المسائل الإقليمية والدولية لا سيما تسوية الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب.