في ذكرى "المسيرة الحمراء" المغربية في الصحراء الغربية

محمد السادس يتيه في دوامة أحلامه الاستعمارية

محمد السادس يتيه في دوامة أحلامه الاستعمارية
  • القراءات: 1187
و. عبد الله و. عبد الله

عكس خطاب ملك المغرب، محمد السادس بمدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة بمناسبة الذكرى الأربعين لما أسمته الدعاية المغربية زيفا وظلما بـ«المسيرة الخضراء"، وتم من خلالها زرع أكثر من 35 ألف مستوطن مغربي إيذانا باحتلال الصحراء الغربية درجة التخبط التي وجد المخزن المغربي نفسه فيها ضمن وضع لم يعد يؤمن به إلا هو ومن تبعه من زبانية المخزن والمنتفعين من ريوعه.

وسقط الملك محمد السادس طيلة المدة التي استغرقها خطابه في زيف سيل التناقضات التي جانبت حقيقة الواقع في الصحراء الغربية وما يعانيه الصحراويون تحت الاحتلال، وراح يؤكد على حقائق واهية في صحراء محتلة، مدعيا أنه يعمل من أجل تنمية مدن الصحراء وكأنها امتداد طبيعي لإقليم مملكته وراح جاهدا في إقناع نفسه ورعيته بحقيقة واهية. وعندما كان الملك يتحدث عن سياسة جديدة في الصحراء الغربية لـ "تمكين أبنائها من حقهم في التنمية والانتفاع من خيرات باطن أرضهم"، إنما أراد أن يذر الرماد في العيون وهو يعلم علم اليقين أنه لا أحد من أبناء الشعب الصحراوي يصدقه في زيف حقائقه.

وهو ما يجعل حديثه عن مشاريع ضخمة لأبناء إقليم الصحراء الغربية مجرد سراب إذا علمنا أن الاقتصاد المغربي بلغ درجة كساد وعجز لا يمكنه حتى تلبية أقوات الشعب المغربي وأصبح يعتمد على قروض الهيئات المصرفية الدولية والدول "الصديقة" لمنع ثورة مجتمع مغربي طغى على سكانه الفقر وصعوبة الحصول على قوت يومه. ويكفي فقط  تذكر شتى أنواع القمع والإهانة التي تعرض لها قبل أسبوع إطارات صحراويون عاطلون عن العمل أمام اتحاد الشغل المغربي بمدينة العيون للمطالبة بمناصب شغل تقيم ضنك العيش للحكم على مزاعم ملك مغربي لا أحد يصدقها من الصحراويين.

كما أن الملك محمد السادس عندما كان يتحدث عن قطيعة مع اقتصاد الريع، فإنه يعلم علم اليقين أن المنتفعين منه ليسوا حتما من أبناء الصحراء الغربية بقدر ما هم زبانية المخزن الكاتمين على السكان الأصليين أنفاسهم والحارمين إياهم من حقوقهم بعد أن استأثروا بخيراتهم منذ استوطنوا أرضهم وأحكموا قبضتهم على خيراتها بقوة الحديد والنار. ثم إن الأسهم التي يمتلكها المخزن المغربي في مناجم الفوسفات والنهب الممنهج الذي تتعرض له أكبر خيرات الشعب الصحراوي في خرق واضح للقوانين الدولية، يذهب نقيض خطاب الملك الذي أراد أن يسوق سرابا لأبناء الشعب الصحراوي رغم إدراكه المسبق أنهم لا يثقون فيه ولا في وعوده بقدر ما يصرون على استقلالهم وتقرير مصيرهم.

ثم هل للملك المغربي الشاب حتى وإن صدقنا بحسن نيته، القدرة على كسر منطق الأقوياء الذي تفرضه شبكات المنافع التي تجذرت طيلة أربعة عقود في مختلف المدن الصحراوية إذا عملنا أن باروناتها من أقرب مساعديه في الرباط ويقومون بإدارة مصالحهم بتحريك أذنابهم في المدن المحتلة. وإذا كانت تلك هي نية البلاط المغربي، فلماذا سكت الملك محمد السادس طيلة عقدين منذ اعتلائه عرش المملكة وكان بإمكانه تغيير واقع مر خلال السنوات الأولى لحكمه على اعتبار أن الاحتلال وأساليب الانتفاع والنهب مر عليها آنذاك عشرون عاما أيضا ولكنه فضل مواصلة سرقة خيرات الشعب الصحراوي ولكن بوتيرة أقوى وأسرع.

وعندما يحرم الصحراويون من مناصب العمل بإتباع سياسة التهميش والإقصاء بإيعاز من القصر الملكي في الرباط ضمن خطة مدروسة وبتنفيذ من إدارة محلية متسلطة بقوة النار التي تفرضها مختلف أجهزة الأمن المغربية، ندرك أن خطاب الملك ما هو إلا خطاب فرضته هذه المناسبة ـ النكبة التي كانت وبالا على الشعب الصحراوي الذي شرد عشرات الآلاف منهم في الشتات واللجوء بينما خضع ممن بقوا في الصحراء الغربية يعاني ويلات استعمار مقيت. وكان يمكن أن يصدق الصحراويون مزاعم الملك المغربي لولا أن الأمين العام الأممي، بان كي مون أخلط عليه خطته وجعل خطابه فاقدا لأي معنى عندما طالب أول أمس الطرفين المغربي والصحراوي بالعودة إلى طاولة المفاوضات لبحث سبل تقرير مصير الشعب الصحراوي. 

وهي الدعوة التي جعلت الملك المغربي يتيه في واد الوهم الاستعماري للصحراء الغربية، بينما تطالب المجموعة الدولية بحق ضائع لشعب محتل وإقليم ينتظر تصفية الاستعمار منه.  وقوله إن عائدات الموارد الطبيعية الصحراوية سيتم صرفها لصالح أصحاب الأرض، فإن الملك المغربي اعترف بحقيقة وجود عمليات نهب خيرات الشعب الصحراوي وثانيها أن عائداتها لا يستفيد منها هؤلاء وإنما تنهب وتودع في بنوك سويسرا وفرنسا ومختلف "جنان" التهرب الجبائي في مختلف مناطق العالم.