مختصون في التاريخ بشأن "أحداث ساقية سيدي يوسف":

محطة تاريخية جسّدت البعد المغاربي

محطة تاريخية جسّدت البعد المغاربي
  • القراءات: 634
رشيد. ك رشيد. ك

نظم أمس متحف المجاهد، ندوة تاريخية بمناسبة "أحداث ساقية سيدي يوسف" الموافقة للثامن فيفري من كل سنة، وهي المحطة التي امتزجت فيها دماء الشعبين التونسي والجزائري، وزادت في تلاحمهما، كما أنها أسست لمرحلة جديدة نزلت فيها دبلوماسية السلطة الاستعمارية حينها إلى الحضيض. أربعة محاضرين مختصين في التاريخ، سلطوا أمس الضوء على هذه "الذكرى الأليمة"، وأجمعوا على أنه رغم مرارتها، فإن نتائجها كانت في صالح الثورة التحريرية، ومرّغت أنف فرنسا الاستعمارية في التراب. وكانت هذه الجريمة الشنعاء التي اقترفها جيش الاحتلال، "القشة التي قصمت ظهر البعير" كما يقال، حيث فضحتها وسائل الإعلام والمنظمات الإنسانية التي عاينت موقع الجريمة ونقلت صورا مروعة عن همجية الاستعمار، حسبما ذكر المحاضر محمد كشود الذي أكد في تدخل مقتضب أن فرنسا التي جن جنونها بعد معركة الواسطة التي مني خلالها جيشها بهزيمة نكراء جاءت انتقامية، وراحت تخبط خبط عشواء، عندما استهدفت قرية آمنة بتونس الشقيقة، لإرغام الرئيس التونسي حينها الراحل الحبيب بورقيبة على القبول ببوليس دولي لحراسة الحدود الجزائرية ـ التونسية التي لم ينفع فيها خط شال المكهرب والملغم الذي كان الجزائريون يخترقونه.

وفي هذا السياق، أكد المحاضر محمد كشود أنه تم تسجيل 84 اختراقا لهذا الخط الذي أنجزته فرنسا لمحاصرة الثورة وعزلها عن دول الجوار، ومنها تونس الشقيقة التي كانت ملجأ للمواطنين الفارين من همجية الاستعمار ومصدرا للتموين. الدكتور محمد ودوع من جامعة بوزريعة، تطرق أيضا لمحتوى وثيقة تاريخية من أرشيف الجيش الفرنسي، ذكرت أن القوات الفرنسية اقترفت ثلاثة أخطاء جسيمة، الأول خطأ عسكري تكتيكي، لما أغارت على منطقة بها أناس عزل ليسوا "فلاقة" كما تصورت، والثاني دبلوماسي أمام المجتمع الدولي، تراجع معه عدد الدول الحليفة لها، والثالث أخلاقي يتمثل في قتل الأبرياء من الأطفال داخل فصول الدروس وفي رحبة السوق وتحويل المدنيين إلى أشلاء ودماء دون أن يكون هناك مبرر لارتكاب هذه الجريمة ضد الانسانية. أما الدكتور بن يوسف تلمساني، فذكر بالمناسبة أن الثورة الجزائرية اتخذت من هذه الواقعة حجة على خرق الدولة الفرنسية للمواثيق الدولية ومحاولة إخفاء حقائقها، لكن الصحافة فضحتها آنذاك، وأنه بعد ذلك - كما ذكر الدكتور بشير مديني- تحققت نتائج إيجابية وتقدم في مسيرة الثورة الجزائرية بانعقاد مؤتمر طنجة بالمغرب، بما يؤكد أن حادثة سيدي يوسف كان لها بعد مغاربي.