المختص الفرنسي في قضايا الاستعمار ماتيو ريغوست:
مجازر 8 ماي امتداد للقمع الذي رافق الغزو الفرنسي للجزائر

- 477

❊ التعويضات المرجوة وإتاحة الأرشيف يجب انتزاعهما بالنضال
❊ الذاكرة المشتركة تبينها الطبقات الشعبية في فرنسا والجزائر
اعتبر المختص الفرنسي في قضايا الاستعمار، ماتيو ريغوست، مجازر 8 ماي 1945 "امتداد لعمليات القمع الواسع الذي رافق الغزو الفرنسي منذ 1830، ما يؤكد ـ حسبه ـ بأن الجرائم واسعة النطاق كانت تندرج في سياق ترتيبات متكررة أقرها النظام الاستعماري.
وأشار السيد ريغوست، في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية، إلى أن "استعمال السفن الحربية والطائرات لقصف و تدمير القرى وكذا المدرعات والمشاة والفيلق الأجنبي يدل على المركزية العسكرية و الظاهرة الحربية لهذا النظام". ولدى تطرقه لدور المدنيين الأوروبيين في المجازر التي استهدفت السكان الأصليين في ماي 1945 تأسف الباحث المستقل في العلوم الاجتماعية، لتلك المساهمة المباشرة في قمع المقاومات المناهضة للاستعمار "من خلال الميليشيات المسلحة تحت سلطة محافظي الشرطة أو تلقائيا".
ومن بين الجرائم الأخرى التي ارتكبتها السلطات الاستعمارية لقمع المقاومات الشعبية، ذكر "المحكمات السريعة والسجن كعقوبة جماعية والتعذيب وعمليات الإعدام بإجراءات موجزة والمقابر الجماعية وأفران الجير لإخفاء الجثث وتنظيم مراسم الرضوخ للعلم الفرنسي". كما تأسف ريغوست، لمواقف ساسة فرنسيين أمام المجازر المرتكبة في الجزائر في مايو 1945، مشيرا إلى أن "جزءا كبيرا من اليسار الفرنسي وحتى الحزب الشيوعي شارك في تبرير هذا الاضطهاد".
ماكرون يتظاهر بالسعي إلى تحقيق تقدم في الاعتراف
وبخصوص مصالحة الذاكرة، شدد المختص في قضايا الاستعمار على أن "الدول تسير سياسات الذاكرة بطريقة تستجيب لمصالح الطبقات المهيمنة"، مبرزا وجود مقاربتين بفرنسا "تتمثل الأولى في جعل الاعتقاد بأن الإمبريالية وإفريقيا الفرنسية قد ولى عهدهما، بهدف إعادة بعث سياسة الاستعمار الجديدة". وقال في هذا الصدد أن "ماكرون يتظاهر بسعيه إلى تحقيق تقدم في الاعتراف بالجرائم الاستعمارية وتسهيل الاطلاع على الأرشيف غير أن الواقع يشير إلى عكس ذلك".
وأضاف أن "الأمر يتعلق بالنسبة للدولة الفرنسية بالحفاظ على شرعيتها لدى قسم كبير من الأجيال الأخيرة من الأوروبيين المنحدرين من الجزائر من جهة، ولدى طبقات واسعة من اليمين واليمين المتطرف الذي يرى في الاعتراف بالجرائم الاستعمارية مساسا بـ"شرف فرنسا"، من جهة أخرى وأشار إلى أن "مناهضة الاستعمار والعنصرية لا تزالا تمثلان أهدافا بالنسبة للجيش والطبقة البورجوازية الفرنسية، مثلما أظهره مقال الجنرالات الفرنسيين الذي نشر في جريدة لليمين المتطرف في التاريخ الرمز 21 أفريل (انقلاب الجنرالات يوم 21 أفريل 1961). في هذا الاطار، اعتبر السيد ريغوست، أن "التعويضات المرجوة وإتاحة الأرشيف يجب انتزاعهما بالنضال"، مضيفا أن "الطبقات الشعبية في فرنسا والجزائر هي التي يمكنها السعي إلى بناء ذاكرة مشتركة قوامها التضامن".