الفرق بين سوق الجملة والتجزئة تجاوز الـ60 بالمائة في رمضان

غياب ثقافة الاستهلاك وآليات الضبط وراء ارتفاع الأسعار

غياب ثقافة الاستهلاك وآليات الضبط وراء ارتفاع الأسعار
  • القراءات: 561
زولا سومر زولا سومر

عرفت أسعار الخضر والفواكه وبعض المواد كثيرة الاستهلاك في شهر رمضان، ارتفاعا في أول يوم من الصيام بسبب كثرة الطلب الذي سجل زيادة بنسبة 30 بالمائة نتيجة غياب ثقافة الاستهلاك، وتهافت المواطنين على اقتناء كميات كبيرة من هذه المنتوجات خوفا من نفادها. الأمر الذي استغلّه بعض التجار لرفع أسعارهم وتحقيق الربح السريع، حيث بلغ فارق الأسعار بين سوق الجملة وسوق التجزئة أكثر من 60 بالمائة. ليبقى التساؤل مطروحا ككل سنة عن كيف يمكن ضبط هذه الأسعار ودور مصالح الرقابة في وضع حد لهذه الممارسات التي تجذّرت في شهر من المفروض أن يكون شهرا للرحمة.

أكد السيد حاج الطاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين في تصريح لـ«المساء" أمس، أن أغلب المنتوجات سجلت خلال الـ48 ساعة الأخيرة ارتفاعا في أسعارها بسبب زيادة الطلب عليها بنسبة كبيرة مقارنة بالأيام الماضية، مضيفا أن المواطن يتحمّل جزءا كبيرا من مسؤولية هذه الأسعار لأن لجوءه إلى اقتناء منتوجات بطريقة غير عقلانية شجّع التجار على زيادة الأسعار.

وبالرغم من وفرة الإنتاج خلال هذه الفترة من خضر وفواكه فإن غياب الثقافة الاستهلاكية للمواطنين كلما حل شهر رمضان، واقتنائه كميات كبيرة من المنتوجات في اليوم الأول من الصيام يبقى عاملا رئيسيا في ارتفاع الأسعار التي يحددها أغلب التجار بطريقة عشوائية كلما زاد الطلب، ضاربين بالقوانين التي تحدد هامش الربح بين سوق الجملة والتجزئة عرض الحائط، ومبررين ممارساتهم بأنهم ينشطون في سوق حرّة تخضع أسعارها لقانون العرض والطلب، غير أن الواقع عكس ذلك لأن العرض متوفر وبالتالي فإن زيادة الطلب أمام وفرة العرض من المفروض أنها لن تؤدي إلى رفع الأسعار.

ورغم أن وزارة التجارة تتحدث عن مخططات عمل لتكثيف عمل مصالح الرقابة بالقيام بعمليات رقابة في الأسواق كلما حل شهر رمضان، فإن هذه العمليات تبقى غير كافية ولم تتمكن من ضبط الأسواق ووضع حد لهذه الممارسات الناتجة عن جشع بعض التجار الذين يستغلون شهر رمضان لمضاعفة أرباحهم. 

 عدم إشهار الأسعار يسمح للتجار بالتلاعب بها

ويبقى عدم الالتزام بقانون إشهار الأسعار عاملا يشجّع التجار على مواصلة ممارساتهم غير القانونية، حيث يلجأون إلى عدم إشهار هذه الأسعار عمدا حتى لا تكشف مصالح الرقابة أمرهم. بالرغم من أن إشهار الأسعار أمر إلزامي ينص عليه القانون، ومن المفروض أن يتعرض كل مخالف له لعقوبات لكن ما يقارب 90 بالمائة من التجار في بلادنا في كل المجالات لا يمتثلون لهذا القانون ويتلاعبون بالأسعار كما يريدون. 

وسمح غياب هيئات لضبط الأسواق التي من المفروض أن تتدخل إلى جانب مصالح وزارة التجارة وقمع الغش، بانتشار الممارسات التجارية غير الشرعية، عكس ما هو معمول به في الدول المتطورة التي يتدخل فيها المجتمع المدني من جمعيات للمنافسة وجمعيات للمستهلك لإحباط هذه الممارسات.

وكان مجلس المنافسة قد طالب في مرات عديدة بإعادة النظر في القانون المنظم لعمله، مشيرا إلى أنه بعد التعديلات التي مسته في السنوات الأخيرة أصبح عاجزا عن أداء مهامه بسبب حرمانه من الإمكانيات البشرية والمادية، وخصوصا من استقلاليته التي تمكّنه من أداء دوره في ضبط السوق خاصة في الفترة الراهنة. 

وسبق لمجلس المنافسة أن دعا إلى تعديل الأمر رقم 03-03 الصادر في جويلية 2003 المتعلق بالمنافسة بما يسمح بتجسيد المبادئ التي نص عليها دستور 2016 في مادته الـ43، التي تنص على "تكفّل الدولة بضبط السوق ومنع الاحتكار والمنافسة غير النزيهة". 

وفرة الإنتاج ستخفّض أسعار الخضر والفواكه

من جهة أخرى طمأنت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، المواطن بانخفاض أسعار المنتوجات الفلاحية ابتداء من نهاية الأسبوع، لعاملين أولهما تراجع الطلب عليها مقارنة بالأيام الأولى لرمضان، وثانيها نضج كميات كبيرة من الخضر والفواكه التي ستدخل الأسواق ابتداء من الأسبوع المقبل كالبطيخ والدلاع والفلفل، الطماطم، البصل، وحتى اللحوم البيضاء التي ستعرف أسعارها انخفاضا بحوالي 20 إلى 30 دينارا حسب السيد بولنوار. علما أن أكثر من 50 بالمائة من الخضر والفواكه التي ستكون متوفرة بالأسواق سيتم اقتناؤها من الولايات المجاورة لتلك الأسواق مما سيقلص من تكاليف نقلها وبالتالي تراجع أسعارها.

وحذرت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين المواطن من خطورة استهلاك المواد الغذائية التي تباع في الأسواق الموازية على الأرصفة والطرقات، حيث تكون عرضة لأشعة الشمس ودرجة الحرارة المرتفعة مما يشكل خطرا أكيدا على صحة من يستهلكها. حيث أكدت بعض الجهات المختصة أن العديد من التسمّمات الغذائية التي تسجل سنويا بالجزائر، والتي تصل إلى 6 آلاف حالة سببها تناول منتوجات يتم اقتناؤها من هذه الأسواق التي عادة ما تكون منتهية الصلاحية أو غير محفوظة في درجة برودة ملائمة.

وعرف عدد الأسواق الموازية مع حلول شهر رمضان زيادة مقارنة بما كان عليه الوضع من قبل منذ انتهاج الدولة سياسة القضاء على هذه الأسواق. وخصص معظم هذه الأسواق لبيع المواد الغذائية التي يكثر عليها الطلب في شهر الصيام من عصائر، وحلويات تقليدية، وخضر وفواكه، وحتى اللحوم والأسماك، البيض والأجبان التي يجب أن تحفظ في الثلاجة. مما يعرض صحة المستهلك للأخطار والأمراض بسبب انعدام شروط حفظ هذه المنتوجات التي تباع تحت أشعة الشمس مما يعرضها للتلف. ناهيك عن أن البعض منها قد تنتهي صلاحيته ويستمر تسويقه مادامت هذه الأسواق غير قانونية ولا تراقب من طرف مصالح الرقابة وقمع الغش، حيث أكدت الجمعية أن ما يقارب 80 بالمائة من المواد الغذائية منتهية الصلاحية التي من المفروض أن ترمى، يمررها أصحابها عبر هذه الأسواق ويبيعونها.