وزارة التربية تقطع الطريق أمام الشائعات
صرامة التنظيم والرقابة تعيدان للامتحانات الوطنية مكانتها

- 88

❊ عملية تصحيح إجابات البكالوريا تجري في هدوء وسرية تامة
❊ رمضاني: ضوابط عملية التصحيح دعامة أساسية لحماية التلاميذ نفسيا ومعنويا
نجحت التدابير الصارمة التي تبنتها وزارة التربية الوطنية وعملت على ترسيخها ضمن التنسيق الحكومي في كسب رهان نزاهة الامتحانات الوطنية وترسيخ مصداقيتها وشفافيتها، عبر مسار صارم شمل مراحل التنظيم والرقابة، وهو ما انعكس بوضوح على نفسية الممتحنين الذين باتوا أكثر اقتناعا بأن النجاح في هذا الامتحان المصيري لم يعد رهين الحظ أو التسريبات، بل ثمرة اجتهاد مضمون بمبدأ تكافؤ حقيقي في الفرص، حيث سجلت هذه السنة تراجعا ملحوظا في مظاهر الغش وتسريب المواضيع، ومتابعة حازمة لعمليات التصحيح وصد محاولات التشويش على النتائج قبل إعلانها الرسمي.
تعكس حزمة القرارات التي اتخذتها وزارة التربية، مسعى الحفاظ على مصداقية امتحان شهادة البكالوريا، حيث يعد القرار الأخير بمنع أي تسريب أو تداول للمعلومات المتعلقة بسير عملية التصحيح، سواء فيما يخص المعايير المعتمدة أو نسب النجاح أو ملاحظات المصححين، تأكيدا على الحرص على الطابع السري لهذه المرحلة الحساسة من الامتحان، وفرضا للانضباط والاحترافية على كامل أطوار العملية التقييمية، بعد سنوات عرفت خلالها الساحة التربوية حالات متعددة من تسريب معلومات جزئية أو "تأويلات" انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وأحدثت حالة من البلبلة وسط التلاميذ وأوليائهم، وأثرت على مناخ الثقة الذي تحرص الوزارة على ترسيخه.
في هذا الإطار، تجرى عملية تصحيح إجابات المترشحين في سرية تامة، بعيدا أي محاولات للتشويش، ما يفند بصفة مطلقة ما روج له في الفترة الأخيرة من إشاعات واسعة النطاق على مختلف المنصات، تتحدث عن تراجع كبير في نسب النجاح، أو تساهل في التصحيح في بعض الشعب، وهي معلومات لا تستند إلى أي مصدر رسمي ولا أساس. وتسببت تلك المحاولات اليائسة في حالة من القلق الشديد لدى التلاميذ، حيث عبر كثيرون عن توترهم وخوفهم من الرسوب، ما انعكس سلبا على استقرارهم النفسي خلال فترة ترقب النتائج الرسمية. كما عبر أولياء التلاميذ عن امتعاضهم مما وصفوه بالتخويف من النتائج، الذي بات يسبق الإعلان عن النتائج في كل دورة تقريبا، جراء هذه التسريبات غير المسؤولة.
بناء على ذلك، أصدرت وزارة التربية تعليمات بمنع تداول الأرقام أو تقييمات الأداء، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، حين حذرت من أي نقاشات خارج الأطر الرسمية، أو نشر صور من داخل مراكز التصحيح، ولو حتى بشكل غير مقصود، كما اعتبرت أن كل مخالفة تعد إخلالا بالسر المهني، وقد تؤدي إلى متابعة إدارية أو حتى قضائية، في حال ثبوت مساسها بمصداقية العملية أو تسريب معلومات تم اعتبارها مصنفة سرية.
ويرى المهتم بالشأن التربوي يوسف رمضاني في مكالمة هاتفية مع "المساء" أن قرار منع أي تسريب أو تداول للمعلومات المتعلقة بسير عملية التصحيح، يعكس وعي الوزارة بضرورة حماية هذه المرحلة المفصلية في المسار الدراسي للتلميذ. كما يأتي ليكمل سلسلة الإجراءات الوقائية التي باشرتها الوزارة منذ سنوات، لضمان شفافية ونزاهة الامتحان بدءا من إعداد المواضيع، مرورا بإجراء الاختبارات، وصولا إلى إعلان النتائج، كما أنه يمثل تكريسا لثقافة المؤسسات، حيث يبقى تقديم المعلومة الدقيقة من مسؤولية الجهات المختصة وحدها، وفي توقيتها المناسب.
وأشار محدثنا إلى أن نجاح هذا القرار يبقى مرهونا بمدى التزام مختلف الفاعلين التربويين، من أساتذة ومفتشين وإداريين، بواجب التحفظ ووعيهم بأهمية حماية التلاميذ من أي ضغط نفسي قد ينتج عن إشاعات أو معلومات غير موثوقة، قد يتم تداولها قبل أوانها. كما اعتبر فرض ضوابط صارمة داخل مراكز التصحيح، دعامة أساسية لحماية التلاميذ نفسيا ومعنويا من تداعيات أي تسريبات أو تأويلات قد تروج هنا وهناك، وتؤدي إلى ارباك الممتحنين، وجعلهم يعيشون على وقع الترقب والقلق.
وتكرس قرارات وزارة التربية من خلال فرض الرقابة الصارمة، بما تتضمنه من التزام بالسرية ومنع لأي تجاوزات في نقل المعلومات، ثقافة الجدية والانضباط، وتعيد للامتحانات الرسمية هيبتها ومكانتها كأداة تقييم عادلة، تعترف بالمجهود وتضمن تكافؤ الفرص. كما تعتبر خطوة تندرج ضمن مقاربة أوسع تبنتها وزارة التربية في السنوات الأخيرة، لترقية المدرسة العمومية وترسيخ ثقة المواطن في مؤسسات الدولة. وتضاف هذه التدابير الى التنظيم المحكم والسير الحسن الذي ميز مجريات أيام الامتحان الشهر المنصرم، وذلك بفضل الإمكانيات المادية والبشرية التي تم تسخيرها من قبل مؤسسات الدولة و تنسيق محكم بين عدة قطاعات وزارية.