داعيا إلى إغلاق باب الفتوى أمام الدهماء

شكاط: القرض السندي له خصوصية ترفعه عن الإثم

شكاط: القرض السندي له خصوصية ترفعه عن الإثم
  • القراءات: 1350
جميلة.أ جميلة.أ

انتقد عضو جمعية العلماء المسلمين ومؤسس رابطة علماء الساحل السيد كمال شكاط، الأصوات الداعية إلى “أسلمة” الأنظمة والأشياء لإضفاء صفة الشرعية عليها، ومنها الدعوة إلى إنشاء نظام تمويل إسلامي بالجزائر، والذي قال إنه ضرب من المحال. الشيخ وجّه دعوة صريحة ومباشرة إلى الدعاة وأشباه المفتين، بالكف عن تحليل وتحريم المعاملات التجارية، مشيرا إلى أن القرض السندي له خصوصياته التي ترفعه عن إثم الربا؛ على اعتبار أننا نتعامل من خلاله مع الدولة، التي قال إنها بمثابة “ولي أمر”، لها وزنها ووقعها في مثل هذه المسائل.

خرجت سلسلة لقاءات “ما بعد العمل” التي ينظمها بشكل دوري جيل منتدى رؤساء المؤسسات، عن المألوف باستضافتها سهرة أول أمس، عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وعضوا مؤسسا لرابطة دول الساحل السيد كمال شكاط، الذي تطرق لمواضيع هامة ودقيقة ذات علاقة مباشرة بشهر رمضان والمعاملات التجارية والاستثمارية من منظور الدين والشريعة الإسلامية، وعن الربا والقروض والحلال والحرام، وهي المواضيع التي شدت أصحاب المؤسسات وأعضاء منتدى “الافسيو”، الذين حضروا بقوة للسهرة إلى جانب المقاولين وأصحاب المشاريع الشباب ممن استفسروا كثيرا عن أمور دينهم وعملهم، في أمسية استمرت إلى ساعات متأخرة من الليل.

 الشيخ كمال شكاط وخلال اللقاء، كان صريحا إلى أقصى درجة، ورفض الوقوع تحت ضغط رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات، الذين سعوا جاهدين لاقتلاع فتوى من الشيخ لتحليل الممارسات الربوية التي يتعاملون بها مع البنوك بحكم القروض التي يتلقونها من قبل البنوك لتمويل مشاريعهم. الشيخ وبصريح العبارة، أكد أن الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة.

والضرورة عند السيد كمال شكاط لا يمكن الإفتاء فيها بشكل عام، بل تؤخذ حالة بحالة وبشكل فردي، مشيرا إلى أن الربا كما الرشوة، يمكن أن يفتى بجوازهما في حالات مدروسة بدقة ولا يمكن لأي أحد الخوض فيها بشكل عام. في الموضوع انتقد المتحدث بشدة شلة الدعاة والمفتين الذين لا يترددون في تحليل وتحريم بعض الأمور الكبيرة عنهم وعن مستواهم، داعيا إلى ترك بعض المسائل لأهل الاختصاص للبتّ فيها، ومنها مسألة القرض الوطني للنمو الاقتصادي “القرض السندي”، والذي قال إنه موضوع جاد لا يجب أن تخوض فيه الدهماء.

المتحدث وبتواضع كبير قال: “لا يجوز لي أن أفتي في مسألة القرض السندي والبت فيها. وأنصح من هو في مرتبتي بأن لا يبتّ لوجود اختصاصات ودوائر فقهية معتمدة، تتمتع بكفاءة علمية عالية، “غير أنه عاد إلى فتوى الشيخ محمد الشريف قاهر فيما يتعلق بالقروض البنكية، وبالتحديد في مسألة القرض الوطني، مشيرا إلى أن الحاكم؛ أي الدولة بالمفهوم الحالي، لها وزنها ووقعها في مثل هذه المسائل، وعليه تسقط أي فتوى أمام علم المشايخ؛ تفاديا للفتنة وإحداث أي أزمة. وأضاف: “المجالس العلمية التابعة لوزارة الشؤون الدينية وفروع الفتوى التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، لم تعترض على المسألة ولم تعقب أو تتحدث عن تحريمها، وهو ما يؤكد حالة الضرورة التي وقعت فيها بلادنا، والتي تحيلها إلى القاعدة التي تقول: “للأزمات شروطها والضرورات تبيح المحظورات”، وبالتالي فإن الظرف يقدَّر بقدره، ولا حديث عن محظور بالأساس يقول السيد شكاط، الذي تكلم في المسألة بكل أريحية، خاصة عشية استعداد “الافسيو” لتنظيم سهرة تضامنية حول القرض السندي اليوم.

التمويل الإسلامي مفهوم شائع لكن لا أساس له، وهو التأكيد الذي ركز عليه السيد كمال شكاط، الذي قال إن المطلوب شرعا من المسلم هو أن يعمل ويجتهد كي يكون عمله في إطار التصور الإسلامي، وهو التصور الذي يتماشى مع العدل والإنسانسة وكل ما هو جميل، وعليه نحن لسنا مطالبين بإنشاء نظام مصرفي يصطلح على تسميته بـ “النظام البنكي الإسلامي”، بل مطالبون بنظام بنكي عادل خال من الظلم والجور بالطريقة ذاتها التي كان عليها في عهد الرسول والخلفاء الراشدين.

واعتبر المتحدث المساعي الرامية إلى أسلمة الأشياء والأنظمة لجعلها شرعية، ضربا من الجنون؛ لأننا مطالَبون بالسير وفق تعاليم ديننا وأن نكون أقرب ما يمكن من العدل من غيرنا، مضيفا أن الإسلام أشار بوضوح وبصريح العبارة في كتابه بالقول: “وأحلّ الله البيع وحرم الربا”، لكنه لم يقل أتيتكم بنظام إسلامي أو شيء من هذا القبيل من التسميات، يضيف المتحدث.

 وفي رده على استفسار حول نجاح آليات التمويل الإسلامي لدى دول من أمريكا وأوربا على غرار ألمانيا، اعترف المتحدث بمساهمة هذه الآليات وقت الأزمة، وهو ما أثبتته تجربة بعض الدول الغربية التي خاضت تجربة فتح نوافذ إسلامية، مبرزا أن هذا النظام جنّب بعض الدول الأزمات والصدمات المالية التي عرفوها في السنوات الأخيرة، غير أن الوضع في الجزائر صعب للغاية، حسب المتحدث، الذي قال إن خلق هذا النظام في الجزائر لا يمكن أن يكون إلا موازيا للنظام العالمي الحالي والذي تتعامل به مع دول العالم، مشيرا إلى أن قلة من سيغامرون في تبنّيه لما يتطلبه من وقت ومال، عوائد استثماره بعيدة وطويلة..

المتحدث خلص إلى القول إنه لا يجوز لنا الحديث عن وجود أزمة في الجزائر، وإن وُجدت فإن بوادر انفراجها أعظم عندنا مما هي الحال في أوربا، مضيفا أننا لسنا قوم استهلاك، وإن كنا كذلك فإننا لم نصل إلى درجة الاستدانة، كما هي الحال في أوربا.