مضمون دعوة الـ19 شخصية يثير استنكار الأحزاب السياسية

رفض التشكيك في شخص الرئيس والتدخل في قراراته

رفض التشكيك في شخص الرئيس والتدخل في قراراته
  • القراءات: 504
محمد. ب محمد. ب

لقيت الدعوة التي وجّهتها 19 شخصية وطنية للقاء رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة استياء من قبل العديد من الأحزاب التي اعتبرتها تشكيكا في مؤسسة الرئاسة وفي شخص رئيس الجمهورية، وتدخلا صارخا في صلاحياته وفي مهامه، مؤكدة أن لا أحد يحق له مساءلة رئيس الجمهورية المنتخب فيما عدا الشعب الذي انتخبه..

ولم تفوّت الأحزاب السياسية المعروفة بمساندتها لبرنامج رئيس الجمهورية على غرار حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر "تاج"، فرصة الرد على دعوة الشخصيات الـ19 التي طالبت بلقاء الرئيس بوتفليقة، حيث وصف "الأفلان" هذا المسعى بالفاشل، معربا عن سخطه من الطريقة التي اتبعها هؤلاء في إعلان دعوتهم، والشبيهة، حسبه، بـ "المساءلة" التي يحق لأيٍّ كان، حسبه، توجيهها للرئيس المنتخب إلى غاية 2019، سوى الشعب الذي انتخبه بكل حرية وشفافية ووضع ثقته فيه. وإذ تساءل الحزب العتيد عن هوية المفوّض لهؤلاء بإصدار دعوتهم، اتُّهم البعض من أصحاب هذه الدعوة بالبحث عن الظهور والعودة إلى الواجهة، عبر هذا المسعى الذي اعتبره "مسعى فاشلا".

ومن جهته، رد التجمع الوطني الديمقراطي "أرندي" بلهجة شديدة، على الشخصيات الـ19، منتقدا تشكيكها في قدرة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على قيادة البلاد، واتهامها له  بـ "المساس بمؤسسات الدولة وبمصالح الجزائر".

وبدوره، ذكر الأرندي بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "مسؤول أمام الشعب الذي انتخبه فقط"، مستغربا كون الأشخاص الذين وقّعوا على الدعوة "لا تجمعهم قواسم مشتركة كثيرة"، وهو ما يكشف، حسبه، "هوية صاحب هذه المبادرة"، الذي حدده في رئيس حزب سياسي ما فتئ يتكالب في الأشهر الأخيرة ضد الدولة وضد القاضي الأول للبلاد"، وفي ذلك تلميح واضح بأن لويزة حنون التي تُعتبر الشخصية الوحيدة التي تقود حزبا سياسيا ضمن قائمة الموقّعين، هي من تكون وراء هذه الدعوة..

ولفت الحزب، في سياق متصل، إلى أن رئيس الجمهورية، يملك مسارا سياسيا لعشرات السنين طابعه الالتزام لمصلحة الوطن منذ اندلاع الثورة التحريرية، مذكرا بأن الشعب الجزائري منح ثقته له منذ سنة 1999 على أساس هذه المراجع الوطنية.  

كما ذكّر بالإنجازات التي حققها الرئيس بوتفليقة على مدار 16 سنة من تواجده على سدة الحكم في الجزائر، والتي تمكن خلالها من إعادة بعث المؤسسات وإعادة بناء البلاد وتثمين المصالح الاقتصادية الوطنية، وتعزيز الرصيد الدولي للجزائر، مجددا، بالمناسبة، دعمه المطلق وثقته في الرئيس في معركته لخدمة الجزائر.ومن جانبه، عبّر حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" عن رفضه التشكيك في مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أنه عكس ما ورد في رسالة الشخصيات الـ19، فإن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يضطلع بمهامه الدستورية بطريقة عادية، مستدلا بمتابعته الشخصية وإشرافه المباشر على كل ما يجري داخل وخارج الوطن من خلال اجتماعات مجلس الوزراء وتوجيهاته للحكومة، ولقاءاته مع رؤساء الدول والحكومات الأجنبية. وإذ عبّر عن احترامه لحرية التعبير والرأي في إطار ديمقراطي، اعتبر "تاج" أن الوضع في الجزائر في غنى عن حالة الاستقطاب والتجاذبات السياسية، داعيا إلى ضرورة الاستثمار في مساحات التقارب والتوافق للحفاظ على مكتسبات الأمن والتنمية والاستقرار.

في المقابل، احتسبت بعض أحزاب المعارضة دعوة الشخصيات الـ19 لصالحها، واعتبرت ما ورد في رسالتها بخصوص "الوضع القائم في البلاد"، تأييدا لطرحها من قبل شخصيات تُعرف، حسبها، بمساندتها لرئيس الجمهورية.

وأمام التجاذب الحاصل بين المؤيدين والساخطين على دعوة الشخصيات الـ19 للقاء رئيس الجمهورية وما تضمنته رسالة الدعوة التي حُررت الإثنين الماضي وتم نشرها بوسائل الإعلام يوم الأربعاء المنصرم، فإن طبيعة الشخصيات الموقّعة وكذا التوقيت الذي يصادف هذه الدعوة، حسب العديد من المتتبعين، يثير بعض الشك في النوايا الحقيقية لأصحابها، حيث لم يتخلف بعض المعلقين عن هذه الرسالة في اعتبارها، محاولة من أصحابها لكسب الامتيازات والمناصب السامية في الدولة بعد سلسلة التغيرات والتطورات التي عرفتها البلاد في الفترة الأخيرة، ولاسيما تلك التي قررها رئيس الجمهورية على مستوى بعض المصالح الأمنية والعسكرية.

وينتقد بعض المحللين الطريقة التي تم بها الإعلان عن طلب الشخصيات الـ19، عقد لقاء مع رئيس الجمهورية، والتي اتّخذت شكل التشهير والنشر في وسائل الاعلام، في الوقت الذي كان يُفترض أن يتبع طلب الاستقبال القنوات الرسمية المتعارف عليها، ولا سيما أن قائمة الموقّعين تضم مجاهدين بالإضافة إلى رئيسة حزب سياسي.

كما يعاب على رسالة الدعوة مضمونها الذي يحمل تشكيكا في القرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية من جهة، وفي الوضع القائم في البلاد من جهة أخرى، حيث لم يتوان أصحاب الدعوة في تصوير هذا الوضع بالخطير، "وغير المتلائم مع قناعات الرئيس وتاريخه وأخلاقياته"، وقد يُفهم ذلك على أنه طعن من أصحاب الدعوة في كافة القرارات والخيارات التي تبنّاها رئيس الجمهورية في الفترة الأخيرة، وهو ما يؤكد الطابع الشخصي للدعوة التي لا تعبّر في حقيقتها وبعدها عن واقع معيش أكثر مما تعكس نزوات ورغبات خاصة، وحسابات ضيّقة تخص أصحابها فقط، لا سيما أن هذه الدعوة جاءت بعد أيام قليلة فقط من إعلان رئيس الجمهورية عن المحاور الكبرى للتعديل الدستوري، والذي قربت آجال تجسيده، حسبما أعلن عن ذلك الرئيس بوتفليقة في رسالته للأمة عشية الفاتح نوفمبر الجاري، وهو المشروع الوطني الذي يأتي كتتويج لسلسلة من الإجراءات التي تم اتخاذها في إطار برنامج الإصلاحات الشاملة، الذي خاضت الدولة أشواطه بثبات منذ الإعلان عنه من قبل رئيس الجمهورية في 2011.

وبالموازاة مع حرصه على استكمال تنفيذ المحاور الكبرى لهذه الإصلاحات ومتابعته الخاصة لمدى تنفيذ برامجه التنموية على مختلف المستويات، وكذا التدابير التي أقرها في إطار مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي ترتبت عن أزمة أسعار النفط، فقد أكد الرئيس بوتفليقة وفاءه بالتزاماته كرئيس للدولة، وحرصه على تأدية مهامه الدستورية بشكل عادي، من خلال إشرافه على استقبال الرؤساء والوفود الأجنبية التي تزور الجزائر، والتي كان آخرها الوفد الروسي المرافق لرئيس مجلس "الدوما"، وهي الحقيقة التي تثير التساؤل حول النوايا الكامنة وراء التشكيك في قدرات الرئيس في تسيير شؤون البلاد وكذا في سدادة قراراته، والتي تعود حملاتها من حين لآخر لتزرع الخوف في نفوس المواطنين، وتثير القلاقل في أوساط المجتمع.

ويعلم الجميع في الجزائر وحتى خارجها بأن الشعب الجزائري الذي يضع كل ثقته في الرئيس بوتفليقة الذي انتخبه لعهدات متتالية، هو في غنى عن هذه القلاقل التي لا تخدم المصلحة العليا للوطن وتمس باستقراره.. لا سيما في ظل الدعوات المتكررة للرئيس بوتفليقة بضرورة تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة مختلف التحديات وكذا التهديدات التي تحدّق بأمن البلاد واستقرارها.