جرائم فرنسا لا يطويها النسيان

رعاية التاريخ والذاكرة.. الرئيس يتمسك بالتزاماته

رعاية التاريخ والذاكرة.. الرئيس يتمسك بالتزاماته
  • القراءات: 405
إيمان بلعمري إيمان بلعمري

يظل ملف الذاكرة يحظى باهتمام كبير من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الذي اعتبره في طليعة انشغالات الجزائر الجديدة وشبابها، حيث رفض في عديد المرات منذ توليه سدة الحكم أي محاولة المساومة أو المتاجرة بهذا الملف مهما كانت طبيعة العلاقات مع الطرف الفرنسي. 

حرص الرئيس تبون، على ملف التاريخ والذاكرة كونه نابع من تقدير الدولة لمسؤوليتها تجاه رصيدها التاريخي، وأحد مقومات الهوية الوطنية الجزائرية، فضلا عن كونه مرتكزا جوهريا لبناء الحاضر واستشراف المستقبل على أسس ومبادئ رسالة نوفمبر الخالدة، وهو حرص ينأى ـ حسب رئيس الجمهورية ـ عن كل مزايدة أو مساومة لصون ذاكرتنا”، حيث اعتبر في هذا الإطار، أن ”تاريخنا المجيد يزداد إشعاعا ورسوخا في الوجدان كلما اشتد حقد الذين لم يتخلصوا من تطرفهم وارتباطهم المزمن بالعقيدة الاستعمارية البالية البائسة، والذين لم تعلمهم خيباتهم الكف عن محاولات حجب حقائق التاريخ بالتضليل أو الدفع إلى النسيان”.

كما أن اعتماد رئيس الجمهورية الثامن ماي من كل سنة، يوما وطنيا للذاكرة، دليل على الاهتمام الخاص الذي يوليه لهذا التاريخ الذي يشكل منعرجا حاسما في مسار الكفاح التحرري للشعب الجزائري، بالنظر الى فظاعة المجازر التي تجاوز صداها حدود البلاد لاسيما وأن العدو ارتكب جرائم ضد القيم الحضارية.

ولم يبالغ رئيس الجمهورية، عندما أقر بوحشية المستعمر الغاشم، مشيرا إلى أن هذه المجازر ”كشفت بصفة قطعية عن الوجه الحقيقي للاستعمار الفرنسي الاستيطاني”، كونها ستظل وصمة عار في جبين قوى الاستعمار التي اقترفت في حق شعبنا طيلة 132 سنة، جرائم لا تسقط بالتقادم رغم المحاولات المتكررة لتبييضها.

وسرعان ما ترجم رئيس الجمهورية، اهتمامه بملف التاريخ من خلال إعطائه تعليمات بإطلاق قناة تلفزيونية وطنية خاصة بالتاريخ، حتى تكون سندا للمنظومة التربوية في تدريس هذه المادة لضمان استمرارها حية مع كل الأجيال. كما لم تتوقف مساعي الرئيس تبون، عند هذا الحد، بل أعطى توجيهات لإطلاق أسماء شهداء المقاومة الشعبية وثورة التحرير المجيدة على المجمعات السكنية وأحياء المدن، والتوسع في ترميم المعالم التاريخية، لتبقى شاهدة على مر الأجيال على الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الجزائري في التصدي لوحشية الاحتلال الاستعماري. كما دعا المؤرخين إلى استجلاء جميع جوانب هذه المحطة وغيرها من المحطات في ذاكرة الأمة، إنصافا لحق الأجيال الصاعدة في معرفة ماضيها بأدق تفاصيله، من خلال اعتماد أعلى درجات الصدق في النقل.

وتنبع قناعة الرئيس تبون، من منطلق أن ”الأمة التي تحفظ تاريخها إنما تحفظ ذاتها وتزيد في قدرتها على إنضاج الوعي الشعبي في التصدي لمناورات تيارات ولوبيات عنصرية على الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، توقف بها الزمن في عهد قبرته إرادة الشعب إلى غير رجعة”.

وبعد استرجاع رفات 24 من قادة المقاومة الشعبية الأبطال في القرن التاسع عشر ورفاقهم الذين كانوا محتجزين في أقبية المتحف الفرنسي بباريس، وإعادة دفنهم إلى جانب إخوانهم من الشهداء والمجاهدين، بكل ما يستحقونه من إجلال وتكريم على المستويين الشعبي والرسمي جدد رئيس الجمهورية، التزامه بمواصلة هذه العملية الى غاية استرجاع رفات جميع الشهداء المهجرين والمنفيين.

ومازالت الجزائر تطالب بملفات مهمة، منها قضية المفقودين الجزائريين في الثورة التحريرية، وكذا التعويض عن الأضرار التي خلفتها التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، ليبقى الطريق طويلا أمام الجانبين لتحقيق المصالحة التاريخية المنشودة التي يبدو أنها تأجلت إلى أجل غير مسمى.