العمق الإفريقي أولوية في السياسة الخارجية للجزائر

دعم غير مشروط لمسار التحرّر السياسي والاقتصادي

دعم غير مشروط لمسار التحرّر السياسي والاقتصادي
  • 177
     مليكة. خ      مليكة. خ

يحظى البعد الإفريقي باهتمام كبير في السياسة الخارجية للجزائر، التي يزخر رصيدها بدعم غير مشروط لمسار التحرّر السياسي والاقتصادي ضد أشكال الاستعمار التقليدي والحديث في القارة السمراء، ما مكّنها من الاضطلاع بدورها الريادي وفق رؤية جديدة تواكب التغيّرات الدولية مع الاستثمار في رأسمالها الرمزي التاريخي في إفريقيا.

ركزت الجزائر جهودها منذ الاستقلال على لم شمل القارة، قناعة منها بأن امتدادها الإفريقي ووزنها كقوة إقليمية يدفعها للعمل ضمن هذا المسعى، فضلا عن المساهمة في تمكين إفريقيا من بسط سيادتها الكاملة على أراضيها وثرواتها واستقلالية قرارها السيادي، ومن ثم التخلص من مخلّفات الاستعمار الذي يتحمّل بقدر كبير مسؤولية الوضع المزري الذي تعيشه القارة.

ولم تتأخر الجزائر التي تتمتع بثقل سياسي في إفريقيا، عن الدعوة إلى التضامن والتآزر بين دول القارة قصد إعطاء دفع قوي للتنمية الشاملة، بالنظر لما لها من مقومات تمكنها من المضي قدما نحو تحقيق النّماء والرقي والازدهار وتأكيد حضورها الاقتصادي.

وفي سياق تأكيدها على أهمية توفير الأسباب المساعدة لتحقيق النّهضة الاقتصادية الإفريقية ، تحرص الجزائر على تعزيز الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، مع ضرورة تكريس مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية بعيدا عن التدخلات الأجنبية.

ولعل ذلك ما جعل مجلس الأمن الدولي، يثمّن في كل مرة دور الجزائر كمدافع عن مصالح الاتحاد الإفريقي، وحرصها على مواصلة دعم التنمية والسلم في القارة، من خلال التعاون الوثيق مع الدول الإفريقية دعما لاستقرارها واحتراما لسيادتها. كما يقر الأفارقة بدور الجزائر في نصرة القضايا الإفريقية والوقاية من الإرهاب ومكافحته، باعتبار أن رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الناطق باسم إفريقيا في ميدان مكافحة الإرهاب والمخول له صلاحية متابعة هذا الملف قاريا، ما يعكس التزام الجزائر بدورها القاري وتمسكها بعمقها الإفريقي كخيار استراتيجي.

وانطلاقا من تشبثها بمبادئ ثورتها الداعية إلى حسن الجوار وإقامة علاقات صداقة وتعاون في فضائها الإقليمي والدولي، فإن الجزائر وباعتبارها كفاعل رئيسي في تحقيق التكامل والاستقرار في إفريقيا، حريصة على تقديم المساعدات في مـختلف المجالات، العسكرية والاقتصادية والإنسانية، رغم محاولات التشويش على دورها ومكانتها القارية. 

كما أولى رئيس الجمهورية، منذ توليه سدّة الحكم حيّزا هاما لعلاقات الجزائر مع عمقها الإفريقي، استنادا إلى مقاربة شاملة متعددة الأبعاد ومرتكزة على ثلاثية الأمن والسلم والتنمية، في ظل قناعة الجزائر بتبنّي عديد المبادرات والاستراتيجيات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة، والتي ترجمتها استثمارات عديدة في شتى الميادين.

وبرز اهتمام الجزائر جليا بهذا التوجه الجديد من خلال إطلاقها مبادرات مع دول غرب إفريقيا بحكم موقعها الجغرافي المحاذي لها، عبر التركيز على المشاريع التنموية الكبرى وتمويلها لاسيما في مجالات الطاقة والنّقل والاتصالات، بهدف تحقيق الاستقرار والأمن وتعزيز التنمية المستدامة. 

 وتتمثل المشاريع التي تعكف الجزائر على إنجازها مع محيطها الإفريقي جنوبا في مشروع الطريق العابر للصحراء، مشروع شبكة الألياف البصرية العابرة للصحراء، مشروع الطريق الرابط بين تندوف ومدينة الزويرات الموريتانية، مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء بين نيجيريا والجزائر عبر النيجر وربطه بأوروبا، وكذا شبكة السكك الحديدية نحو مدن الجنوب لتمتد بعدها إلى دول الجوار الإفريقية، فضلا عن إنشاء مناطق حرّة بين الجزائر وهذه الدول.

فقد خصصت الجزائر في هذا الصدد وبقرار من رئيس الجمهورية، مبلغ 1 مليار دولار من خلال الوكالة الوطنية للتعاون الدولي التي أنشأتها عام 2020، من أجل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة الإفريقية، منحها مؤخرا مبلغ مليار دولار لتمويل مشاريع تنموية في عدد من دول الساحل ، تشمل مجالات البنية التحتية، الصحة، التعليم والطاقة. كما أن تصنيف اقتصاد الجزائر الثالث إفريقيا، من شأنه أن يشجع هذه الدول على إرساء معالم جديدة للتعاون البيني، باعتبار أن الجزائر تحظى بمكانة جيو- استراتيجية بالنسبة لعديد دول القارة التي استفادت في مرحلة سابقة من دعمها من أجل التحرّر من ربقة الاستعمار.