الرئيس تبون جدّد مواقف الجزائر تجاه أهم القضايا الدولية

دبلوماسية المبادئ والثوابت..

دبلوماسية المبادئ والثوابت..
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون
  • القراءات: 1742
مليكة . خ مليكة . خ

فلسطين والصحراء الغربية..ملفان لا يقبلان التنازل أو التفاوض

ندّية في العلاقات..ولا بديل عن احترام السيادة وتوازن المصالح

شراكة تاريخية مع دول كبرى..صداقة وتعاون "رابح-رابح"

الحوار والحلول السلمية لحلّ النزاعات وتكريس إرادة الشعوب

  بالرغم من التغيرات الإقليمية والدولية التي يعرفها العالم، ظلت الدبلوماسية الجزائرية ثابتة على مواقفها المبدئية التي نص عليها بيان أول نوفمبر، المرتكز على الدفاع عن قضايا التحرر وعدم التدخل في شؤون الغير، باعتبار الجزائر دولة نافذة في حركة عدم الانحياز، في حين لا تتردد في المقابل في المرافعة عن الحلول السلمية لتسوية النزاعات بعيدا عن الخيار العسكري، الذي لن يزيد سوى في تأجيج الأوضاع وتفشي الفوضى.

ففي الوقت الذي غيرت فيه دول مواقفها إزاء القضية الفلسطينية بسبب مصالح ضيقة، رفضت الجزائر التغريد خارج السرب، من خلال تأكيدها على عدم المساومة بالقضية الأم مهما كانت الظروف، بل أنها أكدت تمسكها بدعم كفاح الشعب الفلسطيني واستهجان الممارسات الأخيرة للكيان الصهيوني في المسجد الاقصى، حيث راسل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الأمين العام لمنظمة الامم المتحدة بشأن الاعتداءات الأخيرة على الشعب الفلسطيني، داعيا مجلس الأمن التعجيل بالتحرك من أجل ضمان الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين ومقدساتهم. وتراهن الجزائر على القمة العربية التي ستحتضنها شهر نوفمبر القادم لجعل القضية الفلسطينية أولوية الأولويات في جدول الأعمال، في الوقت الذي أكدت فيه كل الدول العربية مشاركتها بممثلها الأول مثلما أكد على ذلك رئيس الجمهورية، الذي يسعى لأن يكون هذا الموعد جامعا وشاملا بين الأشقاء العرب.

حق الشعب الصحراوي لا يسقط بالتقادم

بالنسبة للقضية الصحراوية التي تعد آخر مستعمرة في افريقيا، ترى الجزائر أن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره حتمي وثابت وغير قابل للتقادم، في الوقت الذي تؤكد فيه سعيها دوما بصفتها بلدا جارا ومراقبا للعملية السياسية، لتكون على الدوام مصدرا للسلم والأمن والاستقرار في جوارها. ويعد الدفاع عن قضايا التحرر من المبادئ الموروثة عن محددات توجه السياسة الخارجية الجزائرية منذ السنوات الأولى لاستقلال الجزائر، التي اتبعت سياسة مشددة مناهضة للإمبريالية العالمية، تتمثل في تضامنها مع العالم الثالث في عهد الرئيسين أحمد بن بلة وهواري بومدين، حيث جاء الميثاق الوطني لعام 1976 ليحدد الأساس المنطقي لمثل هذه السياسة الخارجية، والتي اعتمدت عليها القيادة الجزائرية في مجموعة 77 وحركة عدم الانحياز، كما نسقت الحكومة جهودها في خطوة لإنشاء نظام اقتصادي دولي جديد في العلاقات بين الشمال والجنوب.

الحل السلمي في تسوية النزاعات

ويشكل إقرار السلم في دول الجوار من أولويات السياسة الخارجية للجزائر، التي ترفض بشكل قطعي الخيار العسكري في تسوية النزاعات والوصول إلى حلول سلمية، من شأنها ضمان الأمن غير المنقوص للدول المحيطة بالجزائر وسواها، حيث تستمد هذه المبادئ قوتها من الثقل الجيوسياسي والجيو استراتيجي الذي تتمتع به الجزائر، بحكم الأبعاد الجغرافية والعسكرية والبشرية والدبلوماسية التي تتمتع بها الجزائر، ما يجعل قراراتها محورية في القضايا الأمنية الإقليمية. فالجزائر لم تتردد في تقديم يد المساعدة لإيجاد مخرج للازمة في مالي عبر مفاوضات شاقة، قادتها قرابة العام في الجزائر بين فصائل هذا البلد، ما أفضى إلى إبرام اتفاق السلم والمصالحة الوطنية عام 2015 ..

الجزائر التي رفضت منذ بداية الحل العسكري في ليبيا بقيادة الحلف الاطلسي، سعت إلى تقريب وجهات النظر بين أطراف الجارة الشرقية بطلب منها، باعتبارها تقف على مسافة واحدة من أطراف الازمة، في الوقت الذي تتمسك فيه بالحوار الشامل. وقد جدد رئيس الجمهورية في لقائه الصحفي الاخير توجهات السياسة الخارجية للبلاد، مؤكدا أن دورها المحوري في المنطقة جعل العديد من الدول تستشيرها في معالجة القضايا الافريقية، على غرار ملفات الساحل وليبيا. واغتنم المناسبة للرد على طلب الليبيين تنظيم مؤتمر دولي في الجزائر، بالقول إن" بلادنا التي تعمل على لم الشمل، لن تدخل في مبادرة قد تزيد من مؤشرات التفرقة بين الدول العربية". أما بخصوص العلاقات مع روسيا، فقد شدد رئيس الدولة على أن الجزائر دولة نافذة في حركة عدم الانحياز بأتم المعنى ولن تلتزم بأمور لا تهمها، غير أن ذلك لا يمنعها من أن تكون صديقة روسيا والولايات المتحدة والصين التي تربطها أيضا معها علاقات قوية.

الجزائر لا تنسى جميل الأصدقاء

كما أشاد رئيس الجمهورية بعلاقات الجزائر مع إيطاليا، من منطلق أن هذا البلد كانت له مواقف داعمة للجزائر في أحلك الظروف، حيث ساندها خلال العشرية السوداء ووقف إلى جانبها من خلال فتحه خطوط قروض بملايير الدولارات. وبالرغم من عدم رضا الرئيس تبون من الموقف الإسباني الاخير تجاه قضية الصحراء الغربية، واصفا إياه بغير المقبول أخلاقيا وتاريخيا، إلا أنه طمأن الشعب الإسباني بأن الجزائر "لن تتخلى عن التزامها بتموين إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف"، من منطلق أنه من الضروري التفريق "بين الحكومة الإسبانية والدولة الإسبانية التي لنا معها روابط متينة جدا". أما بخصوص العلاقات الجزائرية الفرنسية، فقد أكد بأن الجزائر لن تتخلى عن ذاكرتها باعتباره مبدأ راسخا، في حين عبر في رسالة التهنئة التي بعث بها إلى الرئيس ماكرون بعد إعادة انتخابه رئيسا للبلاد عن رؤية مجددة منطلقة من احترام السيادة وتوازن المصالح بين البلدين .

إرساء دبلوماسية يقظة واستباقية

من جهة أخرى، تعمل الجزائر على تكييف آلية دبلوماسيتها مع التطورات الراهنة، من خلال إرساء دبلوماسية "يقظة واستباقية"، حيث أمر الرئيس تبون ببناء دبلوماسية جديدة متكيفة مع المستجدات، لمواجهة الحملات العدائية الخطيرة والممنهجة التي تستهدف الأمن القومي، وذلك بتكثيف الجهود وتوحيد الصفوف قصد تحصين الجبهة الداخلية وتدعيم تماسك النسيج الوطني للشعب الجزائري ضد محاولات الاختراق والفتنة والتفرقة.