بعد اعتراض "الفيتو" الأمريكي العضوية الأممية لفلسطين.. خبراء لـ"المساء":

حنكة الجزائر بمجلس الأمن ستتجلى قريبا

حنكة الجزائر بمجلس الأمن ستتجلى قريبا
ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع
  • القراءات: 1054
مليكة. خ مليكة. خ

❊ تحركات الجزائر الدبلوماسية أحبطت مؤامرة كبرى لتصفية القضية الفلسطينية

❊ المحلل غزال: الجزائر تسعى لتكرار قرار السلم في أزمة الصواريخ بكوبا

❊ البروفيسور عنكوش: الجزائر تحمّلت مسؤوليتها ضمن تعهدات رئيس الجمهورية

أكد المحللان السياسيان في العلاقات الدولية جمال غزال و نور الصباح عنكوش، أمس، على الحنكة السياسية للجزائر في مجلس الأمن رغم استعمال الولايات المتحدة الأمريكية حق (الفيتو) بخصوص عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، مشيران إلى أن الأثر القانوني والأخلاقي والاستراتيجي لما قامت به الجزائر  في المحفل الأممي سيظهر جليا خلال السنوات القادمة.

قال الأستاذ جمال غزال، في اتصال بـ"المساء" إن الجزائر من خلال تقدمها بمشروع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، تريد تحميل المجتمع الدولي مسؤولية ما يقع، خاصة وأن مصير المجتمع الدولي يبقى مرتبطا بعضوية 5 دول لها حق (الفيتو).

وأوضح أن الجزائر تريد إيصال فكرة أنه مثلما تم اعتماد قرار 335 للسلم في أزمة الصواريخ بكوبا سنة 1961، والتي كادت أن تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، فإنه يمكن للجمعية العامة في الأمم المتحدة، في حال تعطّل مجلس الأمن في  إصدار القرارات، اعتماد آلية أخرى تحت مسمى الاتحاد من أجل السلم.

ويرى غزال، أنه عند الحديث عن عضوية فلسطين، نلاحظ نفاق الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد من الدول الأولى التي تنادي بحل الدولتين، فضلا عن تمسكها بمبادرة السلام التي تقدمت بها المملكة العربية السعودية في 2002، في حين أكد أن مبدأ الدبلوماسية الجزائرية يرتكز على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ووقوفها إلى جانب قضايا تصفية الاستعمار والقضاء على التسلّط الأجنبي.

كما أضاف محدثنا، أن (الفيتو) الأمريكي كان حاضرا دائما من أجل دعم اسرائيل، ولهذا تريد الجزائر من خلال كلمة مندوبها تحميل المجتمع الدولي مسؤولية ما يقع في الأراضي الفلسطينية، من خلال التنويه إلى المادة 22من ميثاق منظمة الأمم المتحدة، التيتنصعلىأنهعلى الجمعية العامة،اتخاذ ماتراه مناسبا من قرارات من أجل الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وفقا لاتحاد من أجل السلم.

وأشار المحلل السياسي، إلى أن الحديث عن العضوية وفق المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة التي تفتح المجال لكل الدول المحبّة للسلام للانضمام، هو أمر جميل حيث ستتمكن فلسطين بموجبها حضور جلسات الجمعية العامة والتصويت على مشاريع توصياتها، غير أنه يرى أن المشكل لا يمكن تصوره على هذا النحو لأن التوسع الجيو استراتيجي في المنطقة يفيد بوجود حرب بالوكالة، حيث تستخدم الولايات المتحدة الكيان الاسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، والذي يسعى إلى التخلص من قادة حركة حماس والقضاء عليها وفصل الشمال عن الجنوب، فضلا عن وجود مشروع لربط إيلات بالبحرين الأحمر والمتوسط، أي إنشاء قناة موازية لقناة السويس.

وعليه يعتبر محدثنا، أن حل الدولتين حل عادل ومنصف وهو ما تنادي به الجزائر مثلما تنادي به أغلبية الدول، غير أن الداعمين للكيان الصهيوني يتحججون بفكرة أن حركة حماس "منظمة إرهابية" وفق المادة 51من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على مبدأ الدفاع الشرعي، مما يسمح للكيان المحتل بتوجيه ضربات استباقية للحركة.

من جهته يرى البروفيسور نور الصباح عنكوش، في اتصال بـ"المساء" أن (الفيتو) الأمريكي كان منتظرا لأنه من صميم الموقف الأمريكي الاستراتيجي حيال إدارة منظومة الصراع في الشرق الأوسط منذ أكثر من نصف قرن، باعتبار أن للولايات المتحدة مفهومها وتصورها وفكرتها عن الدولة الفلسطينية في إطار مسار تفاوضي تراه ثلاثي الأبعاد، أي بينها وبين الكيان الصهيوني وجهة معينة من الفلسطينيين.

كما أن واشنطن لا ترى مفهوم الدولة في أطار القانون الدولي ومبادئ الحق والشرعية الدولية، حيث تريد دائما الانفراد بالقضية الفلسطينية في إطار ترتيبات معينة وذلك ما لوحظ في اتفاق (أوسلو) بعد مؤتمر مدريد الذي كان في إطار أممي، قبل أن تتبنّى الولايات المتحدة سياقا آخر.

وأضاف محدثنا، أنه على الرغم من أن الموقف الأمريكي غير جديد إلا أن الجزائر تحمّلت مسؤوليتها التاريخية في إطار وعود رئيس الجمهورية، ورؤية الدولة الجزائرية إلى طبيعة الصراع، فضلا عن مساعيها لإعادة القضية الفلسطينية إلى طاولة النقاش على المستويين القانوني والشرعي بعد أن تناستها العديد من الدول.

وذكر البروفيسور، بأن الجزائر كانت موطن الدولة الفلسطينية من حيث التأسيس في نوفمبر 1988، مما يجعلنا لا نتفاجأ بما قامت به في ظل الصمت الدولي خلال هذه المرحلة السلبية التي تعرفها المنطقة من أجل تصفية القضية من خلال موضوع غزّة. كما أضاف أن الجزائر بهذا التصرف الحكيم وتحركها الاستراتيجي أنقذت الفلسطينيين من مؤامرة كبرى لتصفية قضيتهم، مشيرا إلى أنه ومن منظور مستقبلي وفي إطار تعدد الأقطاب و التحولات التي يعرفها النسق الدولي في سياق التعددية القطبية، سوف يكون للدولة الفلسطينية موقعا في المرحلة القادمة، انطلاقا من أن الأثر القانوني والأخلاقي والاستراتيجي إزاء ما قامت به الجزائر سيتجلى خلال السنوات القادمة.