أكد الحركية غير المسبوقة وأن المستحيل ليس جزائريا.. رئيس الجمهورية:
جاحد وحسود من لا يعترف بالإنجازات
- 145
مليكة. خ
أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أمس، أن من يحاربون الجزائر لم يهضموا إنجازاتها والأشواط التي قطعتها في مختلف المجالات، بمحاولاتهم تطويق البلاد بانتقادات سلبية لا تمت بصلة للواقع، مشيرا إلى أن الأرقام المسجلة اليوم في نسب إنجاز المشاريع صحيحة بشهادة الهيئات الدولية.
حمل الخطاب الذي وجهه رئيس الجمهورية، للأمة أمام البرلمان بغرفتيه بحضور رئيسي البرلمان والوزير الأول والطاقم الوزاري، فضلا عن ممثلين عن برلمان الأطفال بقصر الأمم، تقييما شاملا لسلسلة الإنجازات السياسية، الاقتصادية والاجتماعية المحققة خلال سنة 2025 والتزاما جديدا لمواصلة نهج الإصلاحات خلال السنة الداخلة، من خلال المضي قدما بالعهد الذي قطعه أمام الشعب في إطار دولة اجتماعية لا تحيد عن بيان أول نوفمبر 1954.
وإذا اعتبر خطابه بمثابة عرفان وتقليد دستوري، نوّه الرئيس تبون بالحركية التي طبعت نشاط البرلمان في الفترة الأخيرة، والتي مكنت من إضفاء ديناميكية للسلطة التشريعية واستعمال حقها في المبادرة باقتراح القوانين من بينها قانونا الجنسية وتجريم الاستعمار في الجزائر. وعليه، أوضح الرئيس تبون أن التزامه بمخاطبة الشعب من خلال النواب "يعبر بصدق عن الإرادة السياسية التي لا محيد عنها في التجسيد الصارم للالتزامات" التي يعمل على تجسيدها ميدانيا، مشيرا إلى أنه يتمسك بوعده الذي سبق أن أطلقه العام الماضي من هذا المنبر والقاضي بإطلاق الحوار السياسي.
سنستجيب في الحوار لكل ما تطلبه الأحزاب السياسية
وقال رئيس الجمهورية إنه سيتم البت في الحوار ريثما يصادق البرلمان على قانون الأحزاب، مبرزا التزامه خلال لقاءاته مع ممثلي التشكيلات الوطنية بأن يكون الحوار بنّاء مع تجسيد المطالب المطروحة، مؤكدا أنه انطلاقا من التعهدات التي قطعها على نفسه، فإنه ملتزم بخدمة الشعب والدفاع عن سيادة الوطن "ولا تثنينا الصعوبات ولا التشويش في الداخل والخارج".
ومن هذا المنطلق، أكد الرئيس تبون مواصلة الإصلاحات على كافة الجبهات وكل القطاعات المعنية لمواصلة جهود التنمية المستدامة وتلبية احتياجات المواطن، مضيفا أن كل هذه الإصلاحات تخدم مصلحة المواطن في إطار الشفافية وتأسيس قواعد الحوكمة ومحاربة الفساد وتفادي التقاعس واللامبالاة.
ومن باب السعي للقضاء على المظاهر التي تكبح التنمية الوطنية، أكد القاضي الأول في البلاد أن العدالة ستكون بالمرصاد للفساد وكل أنواع الاختلال، والتحلي بالواجب المهني في أداء المسؤوليات، وطمأن في المقابل بحماية كل إطارات الدولة ومستخدميها النزهاء، مذكرا بمراجعة القانون العضوي الأساسي للقضاة حماية للمهنة الشريفة.
حركية غير مسبوقة للاستثمار في الجزائر
وإبرازا للإنجازات المحققة في الشق الاقتصادي، استرسل رئيس الجمهورية بحماس كبير في عرض الخطوات العملاقة التي حققتها مختلف القطاعات الحيوية كرد على مروّجي الخطابات المغلوطة والمحبطة لآمال المواطنين، حيث أكد على اندماج الجزائر في حركية غير مسبوقة في مجال الاستثمار بناء على النتائج التي خلصت إليها الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار والتي أكدت على سداد السياسة المنتهجة .
وأشار الرئيس تبون أنه تم تسجيل في ظرف سنة ونصف 19 ألف مشروع استثماري بقيمة 8242 مليار دج أي ما يعادل 61 مليار دولار، مع التمكن من خلق 500 ألف منصب شغل، كما استغل المناسبة للرد على محاولي الترويج لانغلاق واهم للجزائر في إشراك الأجانب في حركية الاستثمار، مبرزا وجود 309 مشروع مسجل لصالحهم، بقيمة إجمالية تقدر بـ 9.5 مليار دولار .
كما أوضح أن النتائج غير المسبوقة للتجارة البينية الإفريقية تدل بما لا يدع مجالا للشك على الزخم الذي يكتسيه الاستثمار في الجزائر، فضلا عن المكانة التي باتت تحظى بها الجزائر على المستويين الإقليمي والدولي وأن معالم العهد الجديد تبرزه مؤشرات تؤكدها كل الهيئات الدولية وتبين قدرة اقتصادنا على امتصاص الصدمات بفضل الحفاظ على الاستقرار المالي والتوازنات الاقتصادية. وفي هذا السياق عبر رئيس الجمهورية عن فخره لتحقيق الجزائر نسبة تضخم تقدر بـ 2.8%، متعهدا بخفضه خلال السنة القادة إلى أقل من 2%، مضيفا أن الوصول إلى هذا المستوى يعد بحد ذاته معجزة إذا ما تم مقارنة ذلك بالسنوات الماضية .
وبنبرة اتسمت بالأريحية إزاء النتائج المحققة، أكد الرئيس تبون أن الاقتصاد الجزائري بات في حالة سالمة بفضل جهود رجال الميدان، حيث اغتنم المناسبة لتوجيه تحية لهم قائلا في هذا الصدد "الذي لا يعترف بهذه الإنجازات فهو جاحد"، في حين لم يتوان في الإشادة بالكفاءة الجزائرية في إنجاز آلاف الكيلومترات من السكك الحديدية والجسور في ظرف سنة و نصف سنة.
وعبر رئيس الجمهورية عن طموحه لتحقيق المزيد من النتائج خلال العام القادم عبر توسيع قطاعات استراتيجية، مشيرا إلى تسجيل الاقتصاد الوطني منذ 2023 ناتج داخلي خام بـ 4%، متعهدا بمواصلة الجهود أكثر في المجالات المدرة بالأرباح على غرار القمح الصلب والصناعات الغذائية والتي صارت تهيكل النمو وتعزز الابتكار وتفتح آفاقا اقتصادية إيجابية.
وإذ أعرب عن اعتزازه بترقية الإنتاج الوطني، فقد أشار الرئيس تبون أن هذا الأخير بدأ يشكل ملامح التحوّل الاقتصادي الذي مكن من تطوير الصناعة في الناتج الداخلي الخام ، بعد أن عانت البلاد التصحر الصناعي في كل الولايات، مذكرا أن الصناعة الجزائرية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين كانت تمثل 18% من الدخل الخام، قبل أن تنخفض إلى 3% بشكل مقصود من أجل الإضرار بالجزائر.
إعادة توطين الصناعة وفق سياسة منتهجة ومدروسة
ومن هذا المنطلق جاءت رؤية الرئيس تبون لإعادة توطين الصناعة وفق سياسة منتهجة ومدروسة ، لا تفرق بين القطاعين العمومي والخاص، ما مكن من تسجيل نسبة 10% من هذا الناتج اليوم، في انتظار تحقيق نسبة تتراوح بين 12 إلى 13% في نهاية العهدة، لتصبح بذلك الجزائر بلدا مصنعا.
كما أشاد بالخطوات التي سجلتها الصناعة الصيدلانية بفضل المداخيل المحققة خاصة في مجال تغطية حاجيات الأدوية بنسبة 82%، مؤكدا أن الجزائر أضحت رائدة في إفريقيا والعالم العربي وستعزز مكانتها أكثر مادامت أضحت تنتج أدوية معقدة خاصة وأنها تصنف من بين خمس دول في هذا المجال، كما أنها تعد الدولة الوحيد التي تنتج الأنسولين وكاشف مرض السكري .
وبعد أن أرجع هذه النتائج الإيجابية إلى توفير الدولة لأرضية صلبة للباحثين الجزائريين الأكفاء، أوضح الرئيس تبون أن الصناعة الصيدلانية وفرت للخزينة ما قيمته 250 مليون دولار خلال 2025، كما تباهى أيضا بالمؤسسات الناشئة التي حققت الكثير من الخطوات الإيجابية والتي يقدر عددها بـ 11 ألف منذ 3 سنوات ونصف سنة، في انتظار أن يرتفع إلى 20 ألفا مع نهاية العهدة.
وأشار إلى أن بناء منظومة قوية مكن من خلق 545 حاضنة من بينها 292 حاضنة معتمدة، ووجه رئيس الجمهورية في هذا الصدد تحية للشباب المبدع في هذا المجال والذي ترك انطباعا جيدا خلال تلقيه تكوينا في الدول المتقدمة، مضيفا أن طموحهم يضاهي طموح الذين حرروا البلاد، وأن شباب المؤسسات الناشئة آمنوا بقدراتهم وقدرات بلدهم وشرفوه بالخارج.
أول قطار منجمي يصل وهران من غارا جبيلات جانفي المقبل
وفي قطاع المناجم، أكد الرئيس تبون أن كافة المشاريع تعرف تقدما على غرار مشروع استغلال غارا جبيلات بتندوف الذي أصبح حقيقة ملموسة للذين كانت لهم إرادة ولم تكن لديهم الإمكانيات اللازمة، مضيفا بالقول "لقد وفقنا في تجسيد حلم ما كان يحلم بأن تكون الجزائر قوية بمناجمها".
كما أشار إلى أنه في نهاية جانفي سيصل أول قطار منجمي من غارا جبيلات إلى مصانع وهران، ما يعد انتصارا تاريخيا للشعب الجزائري في انتظار الانطلاق الفعلي لاستغلال منجم واد أميزور للزنك والرصاص والانطلاق في استغلال فوسفات بلاد الحدبة بتبسة، وذكر أن 20 منجما مستغلا حاليا وتسد جزءا من حاجيات الجزائر، غير أنه أكد أنها لا تعطي الاستقلالية للمحروقات لأن هناك مناجم أخرى غير مستغلة مما يتطلب العمل أكثر من منطلق أن حرب المخصبات بدأت تظهر والتي أساسها الفوسفات. وإذ عبر عن إرادته في الوصول إلى إنتاج 10 ملايين طن سنويا من الفوسفات، أكد الرئيس تبون على مواصلة تطوير الطاقات المتجددة من خلال الشروع في إنجاز 25 محطة شمسية بـ3200 ميغاواط ، مبرزا التكامل بين الغاز ومحطات توليد الكهرباء التي تنتجها الألواح الشمسية.
من جهة أخرى، أوضح رئيس الجمهورية أن الاستراتيجية المعتمدة في الفلاحة مكنت من تقليص الواردات الزراعية وتوسيع المساحات المزروعة، مضيفا أن مساحات زرع الذرة بلغت 30 ألف هكتار ما سيغطي الاحتياجات الوطنية، مؤكدا أنه أسدى تعليمات للاهتمام بشعب القمح الصلب ثم القمح اللين وبعدها الشعير وأخيرا الذرة لضمان الاستقلال التام.
وإذ أشاد بجهود تقليص مشكل زراعة البقوليات، طمأن الرئيس تبون بقرب تحقيق الاكتفاء الذاتي منوّها في هذا الصدد بكل التقنيات التي أدخلها الفلاحون والصناعيون لرفع الإنتاج، في حين لم يخف الفشل في إنتاج اللحوم بكل أنواعها بسبب سلوكات البعض التي حدت من تطوير القطاع، مشيرا إلى أن أبناء الجزائر أولى بأموال استيراد اللحوم. كما ألح على ضرورة إيجاد مداخيل إضافية بالنظر إلى النمو الديمغرافي الذي تشهده البلاد والذي سيتجاوز قبل نهاية العهدة 50 مليون نسمة، في حين نوّه بمعدل العمر الذي أصبح يتمتع به الجزائريون والذي يصل إلى 77 سنة، ما يعني القضاء على كل أمراض الفقر وتوفير العيش الكريم.
وحرص رئيس الجمهورية على التمسك بمبدأ الدولة الاجتماعية وعدم التخلي عنه ولن يكون غيره لا في الطابور الخامس أو السادس أو السابع، مؤكدا أنه لن يتم التوقف عن المساعدة الاجتماعية للمواطن البسيط، وجدد التزامه برفع الأجور ليصل إلى 100%، مع رفع منحة البطالة إلى 18 ألف دج العام المقبل، مؤكدا بالقول "كنا على شفا حفرة في 2019 والخطاب السياسي كان يؤكد عدم القدرة على دفع الأجور".
كما عدد المكاسب المحققة في قطاعات التعليم والصحة والسكن، مشيرا إلى وجود استهداف للطبقة الوسطى لكن سيتم إعادة بنائها عبر السكن الذي أصبح فعالا جدا في الدخل القومي، من خلال إنجاز مليون و700 ألف وحدة سكنية منذ بداية العهدة الأولى، كما أمر رئيس الجمهورية الوزير الأول بالشروع في إنشاء محطتين للمياه بتندوف وتمنغست.