الثلاثية الـ18 تبرز وعي جميع الأطراف بضرورة تقوية آداة الإنتاج

توافق في الرؤى والمساعي بين الحكومة والشركاء

توافق في الرؤى والمساعي بين الحكومة والشركاء
  • القراءات: 1280
محمد. ب محمد. ب
أكدت الثلاثية الـ18 التوافق الحاصل بين الحكومة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، حول ضرورة تجند جميع الأطراف الفاعلة للإسهام في الجهود الوطنية لتقوية الاقتصاد الوطني وتعزيز السلم الاجتماعي، عبر تدعيم أداة الإنتاج الوطنية وتكثيف الاستثمار لبناء اقتصاد متنوع والخروج من التبعية لعائدات المحروقات، وخلق الثروة ومناصب الشغل، حيث أظهرت الأطراف الثلاثة تفهمها ووعيها الكامل بوجوب إنجاح هذه الجهود لتجاوز الظروف العصيبة المترتبة عن تأثيرات الاضطرابات الحاصلة في السوق الدولية على الاقتصاد الجزائري.
وشكلت الدورة الـ18 لهذا الاجتماع الثلاثي، الذي انعقد بعروس الزيبان بسكرة، كونها مثالا للولايات الواعدة لما تزخر به من إمكانيات ومؤهلات اقتصادية تجمع بين مختلف قطاعات النشاط الحيوية، مناسبة ليجدد كل طرف من الأطراف الثلاثة التزامه بالتوصيات التي انبثقت عن الدورات السابقة، وكذا القرارات والمساعي الجديدة المتخذة حديثا من قبل الحكومة، ولا سيما منها تلك المتضمنة في مشروع قانون المالية لسنة 2016، والتي صاحبتها توجيهات صارمة من قبل رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي أبرز أهمية التدابير التي بادرت إليها الدولة في سبيل تذليل كل الصعاب ورفع العراقيل أمام المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين وحدد مسؤولية هؤلاء وواجب إسهامهم في إنجاح سياسة الدولة لتقوية وتنويع الاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، أجمعت الأطراف الثلاثة التي حظيت خلال هذه الدورة بتنويه خاص وتشجيع معلن من قبل المنظمة الدولية للعمل، التي حضر أمينها العام أشغال الدورة ببسكرة، على ضرورة تجسيد الحلول الفعلية التي تم ضبطها للتصدي لانعكاسات الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد جراء تراجع الأسعار العالمية للنفط على الاقتصاد الوطني، ومن ضمن أهم الحلول المقترحة في هذا المجال توجيه جهود الدولة نحو الفروع التي تتوفر فيها الجزائر على إمكانيات هامة ولا سيما الفلاحة، من اجل مواجهة الوضعية الاقتصادية الصعبة الناجمة عن التبعية للمحروقات.
كما أكد المشاركون على ضرورة دعم الاستثمار الوطني المنتج من خلال تحسين محيط المؤسسة، ومرافقتها بشكل متواصل لتحسين مردوديتها ورفع مستوى تنافسيتها.
وحول هذه النقطة، جدد الوزير الأول التأكيد على التزام الحكومة برفع العراقيل التي ظلت تؤرق المستثمرين وأصحاب المؤسسات، ولا سيما منها ما تعلق بحصولها على العقار الصناعي، حيث طمأن المتعاملين الاقتصاديين في هذا الصدد بتأكيده على أنه سيتم التخلص نهائيا من هذا العائق في غضون 6 أشهر المقبلة، مشيرا إلى تلقي الولاة ورؤساء المجالس الشعبية البلدية تعليمات حازمة، من أجل إنشاء مناطق جديدة للنشاطات الصناعية.
كما أشار وزير الصناعة والمناجم، عبد السلام بوشوارب، في نفس السياق إلى أن مشروع قانون المالية 2016 يسمح للمتعاملين الاقتصاديين الخواص بإنشاء وتسيير مناطق نشاطات أو مناطق صناعية، شريطة أن لا تنجز فوق أراض فلاحية، معلنا بالمناسبة عن فتح 31 حظيرة صناعية من أصل 49 المبرمجة عبر التراب الوطني في 31 أكتوبر الجاري.
من جانب آخر، ذكر الوزير الأول بمسعى الحكومة للاستفادة من كافة الموارد والجهود الوطنية المتاحة، بما فيها تلك التي تنشط في القطاع غير الرسمي، وأشار في هذا الخصوص إلى قرار إلى إدماج النشاطات الموازية في مسار الإنعاش الاقتصادي، وتشجيع الدولة للفاعلين في هذا النشاط لإيداع أصولهم بكل ثقة في البنوك والتصريح بأجرائهم، حتى يتمكنوا من الاستفادة من المزايا والإجراءات التسهيلية المتخذة من طرف الدولة في إطار تشجيع الاستثمار، مطمئنا المعنيين بهذا الإجراء بتأكيده على أنه "لن تكون هناك أية متابعة قضائية أو ضريبية ضد هؤلاء الفاعلين".
في سياق متصل، أعرب المشاركون في اجتماع الثلاثية عن ارتياحهم للتقدم الملموس المسجل في تجسيد مختلف جوانب العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو ودعوا إلى إثراءه على ضوء التطورات المسجلة منذ إبرامه، كما نوهوا بأهم التدابير التي تم اتخاذها في إطار تطبيق بنود هذا العقد، على غرار مراجعة المادة 87 مكرر من القانون المتعلق بعلاقات العمل  وتحديد القطاعات ذات الأولوية المستفيدة من الدعم العمومي ودعم النشاط المنتج عبر  تخفيف الضغط الجبائي.
ولاحظ الشركاء الثلاثة بأن العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو مكن منذ توقيعه في فيفري 2014 من إضفاء المرونة اللازمة على طرق تسيير العقار وعلى ترقية الإنتاج الوطني من خلال إعادة العمل بالقرض الاستهلاكي بالنسبة للمنتجات الجزائرية وتعزيز ضبط الأسواق ومراقبتها في ظل التجسيد الملموس لعدد كبير من إجراءات التسهيل المرتبطة بممارسة الأعمال، فيما جدد الشريك الاجتماعي دعوته إلى بذل كافة الجهود لإنجاح المعركة الاقتصادية ببعدها الاجتماعي لمواجهة ظرف دولي صعب، مبرزا الدور الهام الذي يمكن ان تضطلع به الصناعة الوطنية في هذا السياق.
وذكر الاتحاد على لسان أمينه العام، عبد المجيد سيدي السعيد، بمقاربته، القائمة على ضرورة جعل المؤسسة فاعلا متميزا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومراعاة حتمية توفير مناخ ثقة بين فاعلي عالم الشغل، مبرزا في هذا الصدد محاسن الحوار والتشاور كإطار انسب لتبادل الانشغالات والاقتراحات بين الحكومة وشركائها.
وحددت الثلاثية موعدا جديدا للتقييم يرتقب ان يتم تنظيمه قبل نهاية العام الجاري، طبقا لما أعلن عنه الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي أشار في هذا الشأن إلى أن لقاء آخر يجمع الحكومة والمركزية النقابية وممثلي أرباب العمل المحليين، سينظم قبل نهاية السنة الجارية من اجل تقييم عملية تجسيد الالتزامات المتخذة في إطار ثلاثية بسكرة وكذا تلك المتعلقة بالعقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو، كاشف بالمناسبة عن جملة من الإجراءات المقرر اتخاذها في القريب العاجل ضمن مساعي الحكومة لتقويم الوضع الاقتصادي والاجتماعي عامة.
وذكر في هذا الخصوص بإمكانية تعديل نظام التقاعد بشكل يضمن استفادة الدولة من كل القوى والطاقات المتاحة، حيث "لا يعقل حسبه، أن يحال عمال على التقاعد في سن الـ50 أو اقل لأنهم استكملوا 32 سنة من الخدمة في الوقت الذي يتكفل الصندوق الوطني للتقاعد بمعاشاتهم". كما أعلن سلال خلال اللقاء عن إطلاق الدول لمشروع ضخم في سنة 2016 يتمثل في انجاز الميناء التجاري الجديد لمنطقة الوسط  بين مدينة شرشال وتنس، يتم ربطه بمحاور الطرق السريعة لنقل السلع إلى مختلف ولايات الوطن وكذا المدن الإفريقية.
وحظيت أشغال الثلاثية بإشادة خاصة من قبل المدير العام للمكتب الدولي للعمل غاي رايدر الذي ثمن النتائج التي حققتها الجزائر في مجال تعزيز الحوار الاجتماعي بفل هذه الآلية الهامة، مبرزا في السياق نفسه المكاسب التي حققتها الجزائر بالتوقيع على العقد الوطني والاقتصادي للنمو، والذي يعكس حسبه التزام الجميع تجاه السياسات الاقتصادية والاجتماعية  الهادفة إلى تحقيق نمو متوازن وشامل. وترجمت الهيئة الدولية للعمل اهتمامها بالتجربة الجزائرية في مجال الحفاظ على السلم الإجتماعي، بالتوقيع على  اتفاقية مع الجزائر تتعلق ببرنامج تمويل التعاون جنوب- جنوب في مجال الحوار الاجتماعي والحماية الاجتماعية.