الرئيس بوتفليقة يخاطب الجزائريين في الذكرى 61 لثورة التحرير المجيدة:

تعديل الدستور سيرسي دعائم ديمقراطية هادئة

تعديل الدستور سيرسي دعائم ديمقراطية هادئة
  • القراءات: 506
حنان حيمر حنان حيمر

جاءت رسالة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة إحياء الذكرى الـ61 لاندلاع ثورة نوفمبر 1954، حاملة لرسائل هامة، تضمنت ملامح التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ستميز الأيام المقبلة، من خلال ما كشفه بالخصوص حول مشروع تعديل الدستور، وكذا السياسة التنموية للبلاد في ظل الأزمة الحالية. كما كانت مناسبة، خاطب من خلالها الشعب الجزائري عموما والشباب خصوصا، مطالبا إياهم بجعل قيم الفاتح نوفمبر دافعا لمقاومة محاولات التشكيك والتخويف، ورفع التحديات باستعمال الموارد الهامة التي تمتلكها بلادنا.

فعن مشروع تعديل الدستور المنتظر منذ مدة، أكد الرئيس بوتفليقة أنه سيتم الإعلان "عما قريب" عنه، موضحا أن هذا المشروع يتطلع إلى "إرساء دعائم ديمقراطية هادئة في جميع المجالات"، مشيرا إلى أنه يسير في نهج "الإنجازات الكثيرة" التي تحققت، والتي ينتظر بعضها الآخر "التعزيز أو الاستكمال". 

ضمانات جديدة وتنشيط آليات المراقبة في مشروع الدستور

وقال رئيس الجمهورية في رسالته: "لقد تحققت إنجازات كثيرة ومازال منها ما ينتظر التعزيز أو الاستكمال، وذلك هو الشأن في المجال السياسي والحوكمة، ذلكم هو النهج الذي يسير عليه مشروع مراجعة الدستور الذي سيتم الإعلان عنه عما قريب". 

وحسب التوضيحات التي قدّمها الرئيس فإن الدستور الجديد سيعمل على تعزيز الوحدة الوطنية "حول تاريخنا، وحول هويتنا، وحول قيمنا الروحية الحضارية"، مضيفا أنه سيعمل على "تدعيم مكانة الشباب، ودورهم في مواجهة تحديات الألفية"، كما سيحمل "ضمانات جديدة" لتعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة، فضلا عن "تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها، وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكّنها من أداء دور أكثر فاعلية، بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري". 

إضافة إلى ذلك، فإن مشروع التعديل الدستوري سيتضمن "تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات"، تأكيدا على رغبة الرئيس بوتفليقة في "تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية".  

وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن تسهم مراجعة الدستور هذه، "في تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة في سائر المجالات، وفي مزيد من تفتّح طاقات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد"، كل ذلك خدمة لمصالح الشعب، مذكرا بأن الأخير هو دون سواه "مصدر الديمقراطية والشرعية"، ومضيفا أن الشعب "هو الحكم الأوحد صاحب القول الفصل في التداول على السلطة". 

ولأن المناسبة هي ثورة أول نوفمبر التي وضعت من خلال بيانها الشهير، أسس الدولة الجزائرية بعد الاستقلال، من خلال رؤية مستقبلية دافع من خلالها مفجرو الثورة على مبدأ "إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية"، فإن رئيس الجمهورية استغل هذه السانحة ليجدد تأكيده عزم الدولة على مواصلة مجهود التنمية الوطنية بالرغم من أزمة المحروقات العالمية، مطمئنا بأن البلاد تملك من المكسبات ما يمكّنها من تجاوز هذه المرحلة الصعبة. 

جهود التنمية تتواصل والشباب مدعوّون للمساهمة الفعالة

وأوضح يقول: "إننا عازمون كل العزم على مواصلة مجهود التنمية الوطنية، هذا بالرغم من أزمة المحروقات العالمية التي كلفتنا نصف إيراداتنا الخارجية، وهي الأزمة التي قد تدوم مدة من الزمن بسبب جملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية". 

وبالنسبة للرئيس فإن ذلك ممكن بالنظر إلى الإنجازات التي تمت في الجزائر منذ 1999؛ "حيث تراجعت أزمة السكن بإنجاز الملايين من الوحدات السكنية، واستلمت المنظومة التربوية أكثر من 3.000 إكمالية وثانوية، وأخذت الجامعات تستقبل ما يفوق المليون ونصف المليون طالب وطالبة. كما انحسرت البطالة  وتضاعف الاستثمار الاقتصادي... وإن لم يبلغ المستوى المأمول"، فالجزائر تملك الإمكانيات، كما أشار إليه، لمواصلة الإنجازات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي رغم صعوبة الوضع الراهن. وتضاف إليها مكتسبات أخرى ذات أهمية، لاسيما "سنّة الحوار بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، الحوار الذي به يتحقق التوافق الكفيل بمرافقة الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، والحفاظ على ديمومة العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني". 

وفي هذا الإطار دعا السيد بوتفليقة الجزائريين إلى كسب معركة الإنتاجية والتنافسية لتكريس استقلال وسيادة البلاد في المجال الاقتصادي. 

وقال في هذا الخصوص: "ما من شك أنكم ـ بني وطني الأعزاء ـ ستوفَّقون، على غرار رفاقكم أو أسلافكم صنّاع ثورة نوفمبر، إلى كسب معركة الإنتاجية والتنافسية، خاصة أن الأمر يتعلق، من ثم، بتكريس استقلال البلاد، وفرض سيادتها في المجال الاقتصادي، وتزويد الجزائر بهذين المكسبين، وهي تدخل العولمة التي لا مكان فيها للضعفاء". 

والشباب مدعوّون أكثر من غيرهم إلى المساهمة بفعالية في بناء جزائر التنمية والرقي، وهو الأمل الذي عبّر عنه الرئيس بوتفليقة عندما قال: "وإنه ليحذوني أمل كبير على إثر عمليات تشبيب الأطر المسيّرة لمؤسسات الدولة في أن يتمكن جيل الشباب من مساهمة فعالة في بناء جزائر التنمية، والرقي بنفس الروح التي حرر بها آباؤه الإنسان والأرض". 

من جهة أخرى، أهاب رئيس الجمهورية بكل الجزائريات والجزائريين "أن يدركوا ويعوا رهانات المرحلة، وعدم الارتباك أمام التحديات التي كثيرا ما يجري تهويلها، لتخويف الشعب والتشكيك في قدراته وهز ثقته في قيادته وأطره". 

الشعب الجزائري سيتجاوز المرحلة الحالية الحبلى بالأزمات

وأعرب رئيس الدولة عن يقينه من أن الشعب الجزائري "المتمرس على مقارعة الخطوب ومواجهة التحديات، سيتجاوز المرحلة الحالية الحبلى بالأزمات، مرتكزا في ذلك على ما جبل عليه من صبر وثبات، ومن حبه للوطن، والدفاع عن مقدساته، ومقدراته، والذود عن حرية وسيادة قراره مهما اشتد الظرف وعظم الخطب". 

كل هذه الدعوات وكل هذا العزم والتحدي للظروف الراهنة تقوم مرجعيتها من ثورة نوفمبر 1954، التي كانت ـ كما جاء في الرسالة ـ "تأكيدا على تمسّك أسلافنا على مر الحقب والعصور بأرضهم وبحريتهم وبكرامتهم، وأصبحت بهذا سند تعريف بلادنا وتعريف هوية شعبنا".

فنوفمبر "هو مستند رفض الجزائر لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في شؤونها وللتواجد الأجنبي فوق أرضها". والثورة "لم تحرر شعبنا من السيطرة الاستعمارية فحسب، بل إنها أعادت الجزائر إلى الوجود بعد أن جُردت طيلة مائة واثنين وثلاثين عاما من تاريخها ومن ثقافتها وحتى من شعبها، من خلال تلك المحاولات اليائسة التي رامت تحويلها إلى مجرد عمالات مضافة إلى عمالات الدولة المحتلة لها"؛ فاستحقت بذلك الاحترام في كل القارات؛ "إكبارا وتقديرا لبسالة الشعب الجزائري المكافح، وعرفانا للمجد الذي جلبته للعالم العربي، ولقاء لما كان لها من أثر في تعجيل استقلال غيرها من البلدان الإفريقية". 

«لقد كُتب على الشعب الجزائري أن يكافح وحيدا بلا نصير، من أجل بقاء وطنه، ويقارع إرهابا أعمى عديم الإنسانية مقارعة كان إبانها المجاهدون الأشاوس مضربا للأمثال في روح المواطنة والتجند من أجل نجدة الوطن". 

«بعد ذلك أبى شعبنا إلا أن يبرهن للعالم برهانا ساطعا على حبه لوطنه وعلى تقديسه الحياة التي كرّمها القرآن الكريم"، يضيف الرئيس بوتفليقة في رسالته، مشيرا إلى أن الوئام المدني والمصالحة الوطنية سيظلان مثلا في حب الوطن، وتأكيدا لسموّ الجزائر فوق كل شيء ولدى الجميع، وتكريسا للوحدة الوطنية.

رسالة رئيس الجمهورية بمناسبة إحياء الذكرى الـ61 لاندلاع ثورة أول نوفمبر

 بعث رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس برسالة بمناسبة إحياء الذكرى الـ61 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة. هذا نصها الكامل: 

«سيداتي الفضليات، 

سادتي الأفاضل، 

إنني لفي سعادة غامرة وأنا أشارككم إحياء الذكرى الواحدة والستين لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 المجيدة، وأترحم معكم على أرواح شهدائنا الأبرار. 

وفي المقام هذا، أزف التحية إلى رفاقي في الكفاح، أخواتي المجاهدات وإخوتي المجاهدين، داعيا لهم بدوام الصحة والعافية وبطول العمر لكي يشاهدوا المزيد من تقدم الجزائر التي ضحوا من أجلها بزهرة شبابهم، الجزائر التي استشهد في سبيلها الأبطال الأمجاد من أخواتنا وإخواننا في السلاح. 

على ذكر الجزائر المجاهدة، أزجي تحية الإكبار إلى ضباط وضباط الصف وجنود الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، وكذا أعضاء مختلف الأسلاك الأمنية، الذين يسهرون على حرمة الوطن وأمن المواطنين. 

سيداتي الفضليات، 

سادتي الأفاضل، 

لقد وسمت ثورة نوفمبر العظيمة التاريخ المعاصر بميسمها. من ثم، إنها باتت تحظى خارج حدودنا، بالاحترام في كل القارات، إكبارا وتقديرا لبسالة الشعب الجزائري المكافح وعرفانا للمجد الذي جلبته للعالم العربي ولقاء لما كان لها من أثر في تعجيل استقلال غيرها من البلدان الإفريقية. 

ولعل اللائحة التاريخية رقم 1514 الصادرة عن الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة والمصادق عليها في ديسمبر 1960 التي قضت بحق الشعوب والبلدان المستعمرة في الاستقلال، خير رجع لصدى تلك الانتفاضة السلمية التي أكد شعبنا من خلالها أن جيش التحرير كان يكافح باسمه وأنه لا ينشد من وراء كفاحه إلا استقلال الجزائر دون سواه. 

سيدات الفضليات، 

سادتي الأفاضل، 

إن ثورة نوفمبر المجيدة لم تحرر شعبنا من السيطرة الاستعمارية فحسب، بل إنها أعادت الجزائر إلى الوجود بعد أن جردت طيلة مائة واثنين وثلاثين عاما من تاريخها ومن ثقافتها وحتى من شعبها، من خلال تلك المحاولات اليائسة التي رامت تحويلها إلى مجرد عمالات مضافة إلى عمالات الدولة المحتلة لها. 

وكانت ثورة نوفمبر كذلك تأكيدا لتمسك أسلافنا، على مر الحقب والعصور، بأرضهم وبحريتهم، وبكرامتهم، ومن ثم صارت سند تعريف هوية بلادنا وتعريف هوية شعبنا. 

أجل، نوفمبر هو مستند رفض الجزائر لأي شكل من أشكال التدخل في شؤونها أوللتواجد الأجنبي فوق أرضها. 

نوفمبر هو الينبوع من حيث ينهل شعبنا ما يحتاج إليه من الطاقة ليقدم على وثباته الوطنية كلما واجهته عظائم التحديات التي كانت المأساة الوطنية أشدها إيلاما. 

لقد كتب على الشعب الجزائري أن يكافح، وحيدا بلا نصير، من أجل بقاء وطنه، ويقارع إرهابا أعمى عديم الإنسانية مقارعة كان إبانها المجاهدون الأشاوس مضربا للأمثال في روح المواطنة والتجند من أجل نجدة الوطن. 

بعد ذلك، أبى شعبنا إلا أن يبرهن للعالم برهانا ساطعا على حبه لوطنه وعلى تقديسه الحياة التي كرمها القرآن الكريم. 

سيظل الوئام المدني، ثم المصالحة الوطنية مثالين في حب الوطن، وتأكيدا لسمو الجزائر فوق كل شيء ولدى الجميع، وتكريسا للوحدة الوطنية التي بفضلها تكون في متناولنا كل غاية ننشدها. 

سيدات الفضليات،  

سادتي الأفاضل، 

بعد استعادة الاستقلال والحرية والسلم والأمن، استطاع صناع ثورة نوفمبر وأبناؤها أن يبرهنوا للعالم أجمع على قدرتهم على البناء. 

فذلكم ما حدث بعد الاستقلال، عندما كان على بلادنا المنهكة أن تتكفل، بإقدام وتصميم، بمئات الآلاف من الأرامل واليتامى، وبملايين المواطنين الذين فقدوا أراضيهم ومنازلهم، كل ذلك في ظل افتقاد فادح إلى الموارد والخبرة. 

وفي غضون عقدين من الزمن، استطاع الشعب الجزائري التغلب على التحديات في مجالات التعليم، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وصارت الجزائر على الصعيد الخارجي، شريكا لا غنى عنه وذات كلمة مسموعة كلما تعلق الأمر بحق الشعوب في السلم وفي التنمية. 

وفي عهد غير بعيد، كنتم العاملين وكنتم الشاهدين على ما أنجزته الجزائر منذ أن انطفأت، بفضل من الله، نار المأساة الوطنية. 

لقد تراجعت أزمة السكن بإنجاز ملايين الوحدات السكنية، واستلمت المنظومة التربوية أكثر من 3000 إكمالية وثانوية، بينما أخذت الجامعات تستقبل ما يفوق المليون ونصف المليون طالب وطالبة. كما انحسرت البطالة، وتضاعف الاستثمار الاقتصادي، وإن لم يبلغ المستوى المأمول. تلكم هي بعض الأمثلة مما أنجزته الجزائر منذ 1999. 

إننا عازمون، كل العزم، على مواصلة مجهود التنمية الوطنية هذا بالرغم من أزمة المحروقات العالمية التي كلفتنا نصف إيراداتنا الخارجية، وهي الأزمة التي 

قد تدوم مدة من الزمن بسبب جملة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. 

إن الجزائر تملك من المكسبات ما يمكنها من تجاوز هذه المرحلة الصعبة ومن مواصلة إنجازاتها الاقتصادية والاجتماعية، سواء أتعلق الأمر بتكوين الشباب، أم بالمنشآت القاعدية الأساسية، أو بالشبكة الصناعية التي باتت بعد معتبرة، أو بالقدرات الفلاحية والمنجمية والسياحية. 

ولنا من المكسبات ما يمكن كذلك في سنة الحوار بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، الحوار الذي به يتحقق التوافق الكفيل بمرافقة الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، والحفاظ على ديمومة العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني. 

ما من شك أنكم، بني وطني الأعزاء، ستوفقون على غرار رفاقكم أوأسلافكم، صناع ثورة نوفمبر، إلى كسب معركة الإنتاجية والتنافسية، خاصة وأن الأمر يتعلق، من ثم، بتكريس استقلال البلاد وفرض سيادتها في المجال الاقتصادي وتزويد الجزائر بهذين المكسبين، وهي تدخل العولمة التي لا مكان فيها للضعفاء. 

سيداتي الفضليات، سادتي الأفاضل، 

 لقد دأبت، منذ أن حبوتموني بثقتكم وانتخبتموني رئيسا للجمهورية، على العمل في سبيل التجدد الوطني الذي ناديت به عام 1999. 

لقد تحققت بعد إنجازات كثيرة وما زال منها ما ينتظر التعزيز أوالاستكمال، وذلك هو الشأن في المجال السياسي والحوكمة، ذلكم هو النهج الذي يسير عليه مشروع مراجعة الدستور الذي سيتم الإعلان عنه عما قريب. 

والأمر سواء بالنسبة للتطلع الذي يعكسه هذا المشروع، أي التطلع إلى تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا وحول هويتنا وحول قيمنا الروحية والحضارية. 

والأمر سواء بالنسبة لصدوره عن إرادة غايتها تدعيم مكانة الشباب ودوره في مواجهة تحديات الألفية. 

والأمر سواء كذلك بالنسبة للضمانات الجديدة التي سيأتي بها مشروع التعديل هذا، من أجل تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة. 

ونفس المقاربة هذه تحدو تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها، وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري. 

وقصارى القول، سيكون تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات من بين ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية. 

آمل أن تسهم مراجعة الدستور هذه في تعزيز دعائم ديمقراطية هادئة في سائر المجالات، وفي مزيد من تفتح طاقات الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين في البلاد، في خدمة مصالح الشعب، الشعب الذي هو، دون سواه، مصدر الديمقراطية والشرعية، الشعب الذي هو الحكم الأوحد صاحب القول الفصل في التداول على السلطة. 

  سيداتي الفضليات، 

  سادتي الأفاضل، 

إن الخيارات الكبرى والإنجازات العظمى في تاريخ الحضارات والشعوب، كانت على الدوام نتيجة منطقية لتصميم وإرادة قويتين، ولحدس صادق مع التاريخ وإيمان لا يتزحزح بالقدرات الذاتية، وبالرصيد القيمي لتلك الأمم. من هذا المنطلق دخلت ثورة نوفمبر المباركة عن استحقاق وجدارة مسرح الثورات الكبرى، مفجرة قيما شتى، ظلت وستظل على الدوام مرجعا لطلاب الحرية والاستقلال. 

وإنه ليحدوني أمل كبير على إثر عمليات تشبيب الأطر المسيرة لمؤسسات الدولة في أن يتمكن جيل الشباب من مساهمة فعّالة في بناء جزائر التنمية والرقي بنفس الروح التي حرر بها آباؤه الإنسان والأرض. 

وإني لأهيب بكل الجزائريات والجزائريين أن يدركوا ويعوا رهانات المرحلة، وعدم الارتباك أمام التحديات التي كثيرا ما يجري تهويلها، لتخويف الشعب، والتشكيك في قدراته، وهز ثقته في قيادته وأطره. 

وإني لعلى يقين من أن شعبنا المتمرس على مقارعة الخطوب، ومواجهة التحديات سيتجاوز المرحلة الحالية الحبلى بالأزمات، مرتكزا في ذلك على ما جبل عليه من صبر وثبات، ومن حبه للوطن، والدفاع عن مقدساته، ومقدراته، والذود عن حرية وسيادة قراره، مهما اشتد الظرف وعظم الخطب. 

تلكم هي رسالة الترحم والأمل التي أردت أن أتقاسمها وإياكم، سيداتي الفضليات وسادتي الأفاضل، في وقفة التذكر والترحم هذه، سقتها لكم مشفوعة بأصدق تمنياتي بالسؤدد للجزائر وبالسعادة والرفاه لشعبها. 

المجد لشهدائنا! 

والخلود للجزائر!".