لعمامرة في حوار لجريدة "لوبينيون" الفرنسية:

تصريحات المسؤولين المغربيّين ضد الجزائر استعراض مؤسف

تصريحات المسؤولين المغربيّين ضد الجزائر استعراض مؤسف
  • القراءات: 762
م. خ م. خ

أكد وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، السيد رمطان لعمامرة، أن تصريحات المسؤولين السامين المغربيين ضد الجزائر "استعراض مؤسف" و"رهان مغربي على الأسوأ"، وذلك في رده على الخطاب الأخير لملك المغرب محمد السادس، حيث أعرب عن أمله بخصوص ملف الصحراء الغربية في أن تؤخذ وساطة الأمم المتحدة بـ "جدية"، وأن يتم مباشرة مفاوضات "جادة" بين طرفي النزاع، وهما  المغرب وجبهة البوليساريو.  وقال رئيس الدبلوماسية الجزائرية في حوار للجريدة الفرنسية "لوبينيون" نشرته أمس، إن "رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة جدد مؤخرا موقف الجزائر لكريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، وفق ما تقتضيه المواقف المبدئية المطابقة للقانون والشرعية الدولية في مجال تصفية الاستعمار".   

وكان وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي قد رد على تصريحات العاهل المغربي خلال الندوة الصحافية التي نشّطها بمعية نظيرته الكولومبية ماريا أنخيلا هولغوين بالجزائر الشهر الماضي، بالقول: "على حد فهمنا سيكون هناك المزيد من التفكك والتمزق بين الإخوة والنضالات المتأخرة، كما شهدنا خلال السنوات الأربعين المنصرمة، في حين أن العالم يمضي قدما ويعبّر أكثر فأكثر عن تمسّكه بالقيم الأساسية والمبادئ المؤيدة عالميا، على غرار تقرير مصير الشعوب". واستطرد لعمامرة قائلا إن "الخديعة التي وقعت يوم 6 نوفمبر 1975 أسفرت عن رهن المصير المشترك للشعوب المغاربية؛ من خلال توسع إقليمي على مر أربعين سنة من الزمن"، مبرزا أن "الجزائر تسعى لتكون على الدوام مصدّرة للسلم والأمن والاستقرار في جوارها، وخاصة لما يتعلق الأمر بهذه المسألة (الصحراء الغربية)".

وبخصوص الوضع في مالي أكد السيد لعمامرة أن المناخ في هذا البلد "إيجابي" و"بنّاء" منذ التوقيع على اتفاقات الجزائر، مضيفا أن "الحركات السياسية والعسكرية تحترم الآن وقف إطلاق النار، والحكومة تفي بوعودها، ويتم تطبيق إجراءات ثقة"، قبل أن يستطرد بالقول: "نلاحظ مناخا إيجابيا وبنّاء". وأشار إلى أن "أعداء السلام هم الجماعات الإرهابية التي لم توقّع على الاتفاق، والتي ليس لديها مصلحة في استتباب السلم وعودة دولة القانون وإقامة اقتصاد مدرّ للثروات بدل النشاطات الإجرامية.  وأكد السيد لعمامرة أنه ينبغي السعي لأن تكون القوات المالية المشكّلة من جديد والقبّعات الزرقاء "قادرة على الدفاع عن الاتفاق وعدم ترك الجماعات الإرهابية تنتشر من جديد"، معترفا بأنه "خلال الثلاثة الأشهر الأولى التي تبعت التوقيع على الاتفاق المنبثق عن مسار الجزائر يوم 20 جوان بباماكو، كان التطبيق في غاية الصعوبة". واعتبر أن المناخ السياسي العام "مرهون بطريقة تطبيق الاتفاقات الأمنية على أرض الواقع من قبل الأطراف الموقّعة". وبخصوص مسألة الإرهاب، أكد وزير الدولة أن الظاهرة تتطلب ردا "شاملا"، موصيا في هذا الإطار، باستراتيجية "متناسقة" و"طويلة الأمد"، و"حركيات" بين البلدان الملتزمة بمكافحة هذه الآفة. 

وأوضح الوزير: "لقد دفعنا ثمنا باهظا خلال محاربتنا، ولوحدنا، الإرهاب، الذي يتطلب ردا شاملا"، مضيفا أنه يجب إعلان الحرب على "الأعمال الإرهابية وكذا على الأسباب العميقة" لهذه الظاهرة. وإذ أشار إلى أن التهديد الإرهابي "يخيّم على العالم بأسره"، فقد أوضح أن اليقظة ضرورية لجميع الدول"، مشيرا إلى مثال الجزائر التي طوّرت مسعى مكافحة التطرف على المستويين الوطني والإقليمي، من خلال سلسلة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تهدف إلى "إضعاف نفوذ وتأثير الدعاية الإرهابية، لاسيما على الشباب". أما على الصعيد الديني، فقد أكد الوزير أنه من أجل الحد من هذه الظاهرة يجب تحسين تكوين الأئمة الذين يعمل بعضهم - كما قال - "وهو جاهل بالتعاليم الحقيقية للإسلام". 

وأضاف رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن "الكثير من الحكومات تركز على الأبعاد الأمنية والإنسانية والسياسية، ولا تدمج في كفاحها للإرهاب الأبعاد الاجتماعية والثقافية والدينية"، مؤكدا أن برامج مكافحة التطرف "لا تحتل مكانا كافيا". كما أبرز الوزير أن مكافحة الإرهاب "تبدأ من البرامج المدرسية وكذا من العائلة والمسجد والجمعيات"، موصيا بضرورة "توفير آفاق للتائبين من الجماعات الإرهابية، كما قمنا به نحن في الجزائر"، قبل أن يستطرد أن ذلك "ينطبق سواء على المجتمعات الإسلامية أو الأوروبية". أما بالنسبة لإفريقيا فقد ذكّر الوزير بضرورة "الوعي" بأن الإرهاب يُعد "خطرا على كامل القارة وليس فقط على بعض المناطق"، و"الاستثمار" في برامج مكافحة التطرف التي "يمكن إضافتها إلى المشاريع الأخرى المخصصة للشباب، بما في ذلك التكوين والقروض المصغرة والتشغيل".         

وبخصوص ليبيا، أكد السيد لعمامرة على ضرورة تعزيز "مكاسب الأشهر الأخيرة" من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، قائلا "الآن يجب العمل على تعزيز مكاسب الأشهر الأخيرة من المحادثات بتشكيل حكومة وحدة وطنية وإن كانت مسألة توزيع المناصب تبدو أنها الأكثر حساسية". وذكر الوزير بأن الجزائر كانت قد شرعت في وساطة "واعدة" مع الفاعلين الليبيين قبل أن تسلم المشعل للأمم المتحدة"، مضيفا "إننا مطالبون جميعا بدعم المسار الأممي حول أجندة واحدة للسلم والمصالحة". وحذر من أن "أي فراغ سياسي سيشكل خطرا"، مؤكدا بأن البلدان المجاورة "هي الأكثر احتياجا لليبيا عندما تكون في سلام مع ذاتها كما هو الحال مع غيرها". 

وفي سؤال حول ما إذا كانت الجزائر لا تزال ضد التدخل العسكري الخارجي في ليبيا، جدد رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الجزائر فضلت "دوما" الحل السياسي على الحل العسكري.  وقال في هذا الصدد "إننا نفضل دائما الحل السياسي وعندما يتم التوافق على الحكومة الجديدة، يتوجب التفكير في الترتيبات الأمنية لحماية مؤسسات واقتصاد البلد وهزيمة الإرهاب"، موضحا "و إذا طلبت الحكومة الليبية حضورا عسكريا من الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو من جامعة الدول العربية، فذلك سيكون من حق هذه الحكومة". وأضاف "نحن مبدئيا ضد التدخلات العسكرية الأجنبية". 

وأضاف "في رأيي، فإن كل بلدان جوار ليبيا تتمنى حلا سياسيا دائما يوفر الاستقرار على حدودها. ويتوجب على كل البلدان المساهمة في ترقية ثقافة التوفيق بين المواقف المتعارضة إذ أنه لا وجود لحل عسكري لهذه الأزمة. فالحل العسكري لا هو ممكن ولا هو مرجو في ليبيا".  وقال "إن انتقالا بمشاركة الجميع كان ممكنا. فما سمّي بالربيع العربي عاش ما تعيشه الورود قبل قدوم فصول شتاء قاسية وهذا، وفي كثير من الأحيان نتاج التدخلات العسكرية بالتحديد". وبخصوص الجماعة الإرهابية، بوكو حرام، اعتبر الوزير أن "القضاء على التهديد الذي يشكله بوكو حرام يظل رهانا كبيرا بالنسبة لنيجيريا ولجيرانها المباشرين ولكل إفريقيا". ويرى رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الجماعات الإرهابية الإفريقية التي التحقت بـ "داعش"، "تبحث بوضوح عن ظهور إعلامي".