هامل يعرض بكيغالي التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب ويؤكد:

تشجيع التعاون المبتكر

 تشجيع التعاون المبتكر
  • القراءات: 789

عرض المدير العام للأمن الوطني الفريق عبد الغني هامل أمس بالعاصمة الرواندية كيغالي، التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب، داعيا إلى فتح "عهد جديد من التقاسم والتعاون" بين المؤسسات الأمنية في إفريقيا. وقال في كلمة ألقاها بمناسبة الدورة 84 للجمعية العامة للأنتربول، "طموحنا يتمثل في فتح عهد جديد من التقدم والتقاسم والتعاون بين المؤسسات الأمنية؛ من خلال وضع مسار لتبادل التجارب، وتشجيع الأشكال الجديدة والمبتكرة للتعاون". وأضاف أن الأمر يتعلق بـ "ترجمة التضامن الإفريقي بشكل ملموس، والذي يُعد أساس وحدتنا وكذا التوصل إلى النتائج المستديمة المتوخاة بالشراكة مع الفاعلين الدوليين المعنيين"، موضحا: "كافة الجهود تشهد على دعمنا الثابت للتعبئة التي بادر بها الاتحاد الإفريقي ضد الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان، كتهديدين شاملين يتطلبان ردا مشتركا بفضل تعاون دولي معزَّز". 

الجزائر تحتضن اجتماعين هامّين في ديسمبر ويناير

وبهذا الصدد، أعلن عن عقد اجتماع تحضيري للجمعية العامة لافريبول يومي 13 و14 ديسمبر 2015 بالجزائر العاصمة، التي ستحتضن يومي 6 و7 يناير القادم، الجمعية العامة الخامسة للإعلان عن الندوة الدولية لكيغالي حول دور الهيئات الأمنية في مجال العنف الممارَس ضد المرأة والفتاة.  وفي تدخّل له خلال الاجتماع المخصص لمناقشة موضوع "المقاتلون الإرهابيون الأجانب"، تطرق السيد هامل للتجربة الجزائرية في هذا المجال، مركزا على "التعاون الأمني القائم على تقاسم التجارب". وفي إطار هذا التصور، أوضح أن الأمن الوطني الجزائري يظل "مقتنعا" بأن التعاون والتبادل والتشاور بين المؤسسات الأمنية للدول الأعضاء، "تُعد السبل الأساسية لتطوير استراتيجيات مكافحة الإرهاب والنشاطات الإجرامية ذات الصلة". 

وفي إطار السياق الدولي لمكافحة الإرهاب واستجابةً لضرورة تعاون دولي، ذكر السيد هامل أن الجزائر صادقت على مجموع الأدوات ذات الصلة، مع أخذ الجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية - التي تُعد "أسس" المقاربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف - بعين الاعتبار على المستوى الداخلي.  وبهذا الصدد أشار إلى أنه في إطار تطبيق أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، فإنه يتم الاتصال بعائلات الإرهابيين من قبل أعضاء خلايا متخصصة تابعة للشرطة، "مكوَّنة ومدعَّمة من قبل أخصائيّين نفسانيين من نفس المصلحة"، وأن هذا المسعى سمح بتوبة عدد من أقرباء عائلات إرهابيين، وتفكيك عدة شبكات دعم. 

وأبرز السيد هامل من جانب آخر، مخطط تطوير وعصرنة المديرية العامة للأمن الوطني، وكذا الإصلاحات التي تمت مباشرتها في إطار "شرطة احترافية تحترم الحريات والحقوق"، التي من شأنها "إشراك المواطن في مجهود ضمان الأمن بفضل علاقة ثقة تقوم على أساس الاحترام المتبادَل". وبخصوص الجهود في مجال التعاون مع البلدان المجاورة والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، ذكّر بمصادقة مجلس الأمن على اللائحة 1373 (1) التي اعتبرتها الجزائر دليلا على "وعي" المجتمع الدولي بخطورة التهديد الإرهابي على سلم واستقرار الدول، وكذا على الأمن الدولي.   

في هذا الشأن، أشار إلى أن الجزائر لعبت "دورا هاما" في المصادقة على لائحة مجلس الأمن المتعلقة بدفع الفديات، مستندا إلى مذكرتها حول الممارسات الحسنة في مجال الوقاية من الاختطافات، مقابل دفع فديات من طرف الإرهابيين، والتي تشكل "مصدرا هاما للتمويل"، لهذا الغرض جدّد التأكيد على ضرورة محاربة تمويل الإرهاب بـ "عزيمة أكبر"، ومكافحة الاختطافات مقابل دفع فديات تسمح للجماعات الإرهابية بتعزيز قدراتها الهدامة. وفيما يتعلق بالتهديد العابر للأوطان الذي يشكله "المقاتلون الإرهابيون الأجانب"، أشار السيد هامل إلى أن هؤلاء يلجأون إضافة إلى الأسلحة المتطورة والتقنيات الحديثة للقتال، إلى وسائل تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة، لاسيما الشبكات الاجتماعية. 

إشكالية "الإرهابيين الأجانب" واجهتها الجزائر منذ الثمانينات

ولفت إلى أن هذه الإشكالية ليست بالجديدة على مصالح الشرطة الجزائرية "التي واجهتها بمناسبة توجّه جزائريين لاسيما إلى أفغانستان خلال الثمانينات للقتال إلى جانب الأفغانيين، ليشكلوا بعد ذلك بمجرد عودتهم، النواة الصلبة للجماعات الإرهابية التي كانت تنشط بالجزائر". كما أردف يقول: "أمام هذا التهديد نفّذت السلطات الجزائرية خطة عمل تستجيب بشكل واسع لأحكام اللائحة 2178 (2014) لمجلس الأمن؛ من أجل التضييق على ظاهرة توجّه الشباب الجزائريين إلى مناطق النزاع، ومنع عبور الأجانب عبر وطننا باتجاه هذه المناطق". وأوضح أن هذا الإجراء قد تَدعم من خلال اتخاذ إجراءات تشريعية جديدة أُدخلت على قانون الإجراءات الجزائية؛ مما سمح للأمن الوطني بتطبيق إجراءات وقائية وأمنية، تهدف إلى تعزيز إجراء المراقبة، لاسيما على مستوى الحدود.

وفيما يتعلق بمكافحة التطرف العنيف واستئصاله، أكد السيد هامل أنها "تمثل تمهيدا لا بد منه لمحاربة الإرهاب، ويجب أن تُشرك جميع أبعاد الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وتجنَّد كل شرائح المجتمع، خاصة فئة الشباب". في هذا الاتجاه، أوضح أن التصور الوطني ساهم "بشكل معتبر" في إضعاف الجماعات الإرهابية والمتطرفين، مؤكدا على أهمية الوقاية من التطرف؛ من أجل "تصور شامل يضم الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية في آن واحد، ويجنّد جميع المؤسسات والمجتمع المدني". ويرى السيد هامل أن معالجة إشكالية المقاتلين الإرهابيين الأجانب، تتطلب أكثر من أي وقت مضى، "تعاونا واسعا ومتنوعا ومتعدد الأطراف"؛ من شأنه إيقاف التهديد المزدوج الناجم عن تنقّلهم وعودتهم نحو بلدانهم الأصلية أو نحو بلدان أخرى. 

هامل يبحث بكيغالي تعزيز التعاون بين الجزائر والأنتربول

التقى المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل أمس بكيغالي (رواندا) التي تحتضن أشغال الدورة 84 للجمعية العامة لمنظمة الأنتربول، التقى برئيسة هذه المنظمة ميراي باليسترازي وأمينها العام يورغن شتوك، حيث بحث معهما سبل تعزيز التعاون بين الطرفين. وأوضح بيان للمديرية العامة للأمن الوطني، أن المحادثات تناولت "بحث سبل دعم آليات التنسيق بين الشرطة الجزائرية ومنظمة الأنتربول والوسائل التي من شأنها تعزيز وتطوير التعاون بين الجانبين والمضيّ قدما"، علاوة على "تكثيف التبادل في مجال التجارب والخبرات". وركز اللواء هامل على "تثمين مختلف مجالات التعاون والشراكة المتاحة وسبل التنسيق بين الطرفين، خصوصا في سياق تعزيز قدرات التكوين التخصصي في ميدان الجريمة المنظمة، لاسيما الجرائم المعلوماتية المستحدثة، منها محاربة الجرائم السبريانية عبر الإنترنت". 

من جهتهما، أشاد مسؤولا منظمة الأنتربول بدور وخبرات جهاز الأمن الوطني، و"النقلة النوعية التي عرفها سواء من حيث الفعالية الميدانية والتحكم في الوسائل التكنولوجية الحديثة"، يوضح ذات المصدر. للإشارة، كان للمدير العام للأمن الوطني لقاءات ثنائية مع عدد من كبار قادة أجهزة الشرطة من الدول العربية والإفريقية وممثلي الهيئات الأمنية الدولية والإقليمية، حيث تم استعراض "العلاقات الأخوية المتميزة والمتنامية، وما يشهده التعاون والتنسيق المشترك من تطور وتقدم في جميع المجالات، والحرص على دعم ورعاية هذه العلاقات من أجل تحقيق المزيد من التعاون المتبادَل والتشاور والتنسيق".