وزير المجاهدين يختتم زيارته لفرنسا بتفاؤل:

تسوية ملف الذاكرة "دون أفكار مسبقة ولا طابوهات ولاعقد"

تسوية ملف الذاكرة "دون أفكار مسبقة ولا طابوهات ولاعقد"
  • 530
حنان. ح حنان. ح

بلغة التفاؤل، اختتم وزير المجاهدين، الطيب زيتوني زيارة العمل التي قام بها إلى فرنسا لمدة ثلاثة أيام، وهي الأولى من نوعها منذ الاستقلال، حيث أكد السيد زيتوني عقب وقفة ترحم بسان ميشال (باريس) أمام اللوحة التذكارية للجزائريين الذين قتلوا على يد قوات الأمن في 17 أكتوبر 1961 "لو لم أكن متفائلا لما جئت إلى فرنسا في زيارة عمل". وكانت الزيارة فرصة أخرى لمسؤول جزائري من أجل التطرق مع المسؤولين الفرنسيين سواء في الهيئة التنفيذية أو التشريعية بالخصوص إلى مسألة الذاكرة، التي تجمع بألم بلدين بينهما تاريخ مشترك مليء بالمرارة، ومستقبل واعد بما تحمله الشراكة بينهما من فائدة وأمل.

فوزير المجاهدين الأول الذي وطأت قدماه باريس في زيارة رسمية، فضل التشديد على أن تتم تسوية ملف الذاكرة "دون أي أفكار مسبقة ولا طابوهات ولاعقد"، وأنه حامل لرسالة "واضحة" لفرنسا والفرنسيين يؤكد لهم فيها "إرادة الجزائر في توفير مناخ ثقة لبناء مستقبل واعد للعلاقات بين البلدين". وفي برنامج الزيارة، كانت هناك ثلاثة ملفات رئيسية تطرق إليها السيد زيتوني مع كاتب الدولة الفرنسي المكلف بقدماء المحاربين والذاكرة، جون مارك توديسكيني، تتعلق بالأرشيف الوطني والمفقودين والتجارب النووية في الجنوب الجزائري خلال فترة الاستعمار، التي تقرر إنشاء لجان لدراستها، حيث ستجتمع اللجنة حول التجارب النووية في الثالث فيفري وتلك الخاصة بالمفقودين يوم 11 فيفري بالجزائر العاصمة. 

وخلال إجرائه محادثات مع وزير الدفاع الفرنسي، جون إيف لودريان أول أمس، وجه السيد زيتوني رسالة أخرى مفادها أنه لا يوجد "أي خلاف" بين الجزائر وفرنسا، مشيرا إلى أنه لاحظ تغييرا في لهجة فرنسا فيما يخص المسائل المتعلقة بالذاكرة، وهو ما قاله كذلك في لقاء جمعه سهرة الأربعاء مع المجاهدين والفرنسيين أصدقاء الثورة الجزائرية بالمركز الثقافي الجزائري بباريس. وقال خلال هذا اللقاء إنه "ليس للجزائريين أي شعور بالحقد والضغينة تجاه الشعب الفرنسي"، وأن المواقف الفرنسية تغيرت بشكل "إيجابي" والعلاقات الثنائية شهدت تطورا "هاما"، إلا أنه لفت إلى أن هناك أشخاص لدى الطرفين "لا يرغبون في أن تتطور هذه العلاقات".  

وأضاف أن "علاقاتنا مع فرنسا تحسنت كثيرا ونأمل في تطويرها أكثر"، مبرزا أنه ينبغي على البلدين التوصل إلى نتائج "ملموسة" في تسوية الخلافات المرتبطة بالذاكرة. وبالنسبة لمسألة الأرشيف، أشار السيد زيتوني إلى أن الجزائر تطالب باسترجاع أرشيفها. أما فيما يخص ملف المفقودين، فقد ذكر بحالات موريس أودان والعربي التبسي وجيلالي بونعامة وأحمد بوقرة وآخرين والتي ينبغي "تسليط الضوء عليها"، كما قال.وصرح أن "المسار طويل وشاق يتطلب الصبر"، مشيرا إلى أن "الحلول موجودة والإرادة أيضا". وأن "تاريخنا المشترك يجب أن يشكل قوة لبناء مستقبل الأجيال الصاعدة للبلدين. نحن في مرحلة جد هامة ولدينا ملفات سندرسها معا من خلال لجان وضعت لهذا الشأن، وأنا أعتقد أن هذه اللجان المختلطة هي تطور هام على الصعيد الثنائي"، مضيفا أن المناخ "مشجع" وأنه يجب "فقط" التكفل بها "بجدية ومسؤولية" في إطار القوانين السارية في كلا البلدين.

وقدم الوزير للمجاهدين الحاضرين تحيات رئيس الجمهورية "الحارة" وكذا الحكومة، مؤكدا لهم أن رئيس الدولة "يعمل دون هوادة" ويتابع "عن قرب" كل الملفات وتطورها. وأشاد وزير المجاهدين باسم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بـ«الجزائريين والفرنسيين الذين كانت تحدوهم القيم النبيلة للعدالة والحرية والذين ضحوا بأنفسهم من أجل استقلال الجزائر".  وقال الوزير في هذا الصدد "أصدقاؤنا الفرنسيون إن حضوركم اليوم لدليل على تمسككم بالجزائر وإنني لأؤكد لكم مدى عرفان الجزائريين لكم"، مذكرا أن "القضية الجزائرية تجاوزت كثيرا الحدود الجغرافية" والدينية وغيرها". 

وأشار أمام بيار، نجل موريس أودان، الذي حضر رفقة محامي العائلة، رولان رابابور إلى أن "نضال وتضحية أبطال أمثال موريس أودان وفرانس فانون المسجلين إلى الأبد في ذاكرتنا يبرز عالمية قيم الفاتح نوفمبر 1954 التي جعلت رجال ونساء على اختلاف مشاربهم يلتحقون بكفاح الشعب الجزائري". وأكد أنه من "المهم" بالنسبة للأجيال الجزائرية والفرنسية الشابة "معرفة وفهم هذا التاريخ الذي نتقاسمه".  وأعرب عن أمله في أن تسخر الجزائر وفرنسا "كل ما بوسعهما" حتى يكون التاريخ الذي يربط البلدين "خاليا في المستقبل من الأحقاد والضغائن التي تسعى هنا وهناك للنيل من الصداقة القائمة بين شعبينا".