فيما أذاب الاتصال الهاتفي بين الرئيسين تبون وماكرون الجليد

باريس تتدارك هفوات دوائرها المعادية للمصالحة مع الجزائر

باريس تتدارك هفوات دوائرها المعادية للمصالحة مع الجزائر
رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون-رئيس الجمهورية الفرنسية السيد ايمانويل ماكرون
  • القراءات: 256
 مليكة. خ مليكة. خ

❊ طيّ الأزمة وترقّب حذر لمستقبل العلاقات بين البلدين

أذاب الاتصال الهاتفي الذي جرى بين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الجليد الذي اعترى العلاقات الثنائية، إثر الأزمة التي سببتها أجهزة المخابرات الفرنسية بتهريب الفارة من العدالة أميرة بوراوي، حيث بدا بشكل جلي تمسك ماكرون الذي وجد نفسه في وضع حرج بتدارك الأمور، وترميم التصدع الذي لحق بعلاقات بلاده مع الجزائر في ظرف إقليمي حسّاس لا يخدم البتة باريس.

فقد وضعت المكالمة الهاتفية التي جاءت بطلب من الرئيس الفرنسي قطيعة دامت 45 يوما إثر هذه الأزمة، التي قرّرت الجزائر بموجبها استدعاء سفيرها لدى باريس للتشاور، وفق تصرف دبلوماسي يعكس رفض الجزائر القاطع لمثل هذا السلوك الذي لا يرقى لمستوى التعاون المنشود في اطار الاحترام المتبادل بين البلدين.

غير أن ماكرون الذي سبق أن تودّد للجزائر في ندوة صحفية عقدها بقصر الاليزيه نهاية شهر فيفري المنقضي، حيث اعترف بتعرضه لضربة قوية من أطراف فرنسية تقف عائقا أمام تحقيق المصالحة بين البلدين، قد حرص على إعطاء تفسيرات للرئيس تبون في اتصال يوم الجمعة الماضي حول ما حدث، في إشارة تؤكد بأنه لا علاقة له بهذا الملف المدبر من قبل المخابرات الفرنسية.

وتأتي خطوة الرئيس الفرنسي، في سياق الوضع الاجتماعي الصعب الذي تعيشه بلاده بسبب سلسلة الاحتجاجات المتواصلة بسبب مشروع نظام التقاعد الجديد ، فضلا عن الازمة الاقتصادية التي لم تخرج منها باريس سالمة على غرار الكثير من دول العالم والتي زادتها بلة الأزمة الروسية الأوكرانية التي طال أمدها، ما انعكس بشكل كبير على قطاع الطاقة في أوروبا ككل.

والواقع أن الجزائر أصبحت في موقع قوة في ظل المتغيرات الإقليمية التي تشهدها المنطقة المتوسطية، خاصة وأن الاهتمام الاوروبي عليها كان لافتا من خلال الزيارات المكثفة التي شهدتها في المدة الأخيرة من قبل شخصيات أوروبية على أعلى مستوى. ومن هذا المنطلق لا يرى ماكرون سببا للبقاء كمتفرج خلف الركب، كون المصلحة تقتضي تفادي كل المشاحنات والاستفزازات والخرجات غير اللائقة تجاه الجزائر والتي دأبت بعض الدوائر الفرنسية على ممارستها على مدى أكثر من ستين عاما، حيث سارع لردم الهوة بالتأكيد على عدم تكرار مثل هذه الامور مستقبلا.

وتبرز قناعة ماكرون في أن المتغيرات الدولية تفرض على باريس التحلي برؤية براغماتية في ظل شح الموارد الروسية عن أوروبا، فضلا عن حاجتها المستمرة للجزائر في أكثر من ملف، خاصة ما تعلق منه بالتنسيق الأمني والملفات المتعلقة بالهجرة غير الشرعية. فموقع الجزائر المقابل لأوروبا يجعل منها لاعبا أساسيا في ملفي الأمن والهجرة غير الشرعية، خاصة وأنها نجحت في عديد المرات في اختراق الشبكات المرتبطة بهاتين الظاهرتين استنادا إلى تقارير أمنية، على غرار تفكيكها مؤخرا لشبكة تهريب للبشر نحو أوروبا، فضلا عن مهاجرين غير شرعيين، ضف إلى ذلك دورها الفعال في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.

كما أن الجزائر أضحت لاعبا استراتيجيا في حوض المتوسط، وتعتمد على علاقات استراتيجية متعددة، خلافا للماضي حيث كانت فرنسا الشريك الأبرز للجزائر وهو معطى يؤكد بأنه ليس من مصلحة الاليزيه التعارض معها.

وبلا شك، فإن باريس تدرك أبعاد هذه المتغيرات الجديدة وتحرص على أن تكون زيارة الرئيس تبون الى باريس في موعدها شهر ماي القادم، لإعادة تفعيل مختلف آليات التعاون الثنائي، طبقا لإعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة وكذا نتائج الدورة السادسة للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى التي عقدت بالجزائر شهر أكتوبر 2022.