وال متقاعد يتحدث لـ "المساء" عن ظلم سابق

"انتهى عهد الصحافة التي تسقط الولاة والوزراء والحكومات.. والجنرالات"

"انتهى عهد الصحافة التي تسقط الولاة والوزراء والحكومات.. والجنرالات"
  • القراءات: 580
العربي ونوغي العربي ونوغي

صرح وال سابق (مرحلة التسعينات) أمس، لـ "المساء" (وتحفّظ عن ذكر اسمه حتى لا يحسب على طرف ما كما قال. أو مع جهة ضد أخرى ولأنه لا يريد أن يعكّر تمتعه بالتقاعد) أنه كان ضحية حملات إعلامية في التسعينات ظلما وزورا. حملات كانت تحركها وتغذّيها أطراف عديدة ضدّه. يقول إنّه كان يعرف بعضهم من الذين أغلق باب الطمع أمامهم لأنهم كانوا كما قال "لا يشبعون". 

ومن جهات أخرى لها حسابات أخرى لم تتمكن من تحقيقها في الولاية التي كان يديرها لأكثر من أربع سنوات. يقول الوالي المعني أنه عانى كثيرا من حملات القذف والتشويه والمغالطة والاتهامات الباطلة التي لحقت حتى حياته الخاصة وأفراد عائلته ومحيطه... ولم يخف أنه كان يبدأ ويحرص شخصيا على قراءة الصحف بنفسه كل صباح ولا ينتظر تقرير خلية الاتصال الولائية. ويكون اليوم سعيدا بالنسبة إليه إذا لم يخدش عرضه أو يتعرض إليه. وأضاف يقول في اعترافاته لـ"المساء" بأن حتى حقّه في الرد والتوضيح لم يكن ينشر كما ينص عليه قانون الإعلام.

الأخطر من ذلك – كما يقول محدثنا – أن تلك التلفيقات والافتراءات تكاد تصبح حقيقة لاحقته حتى سنوات طويلة من بعض الذين صدّقوا بعفوية أو بغير عفوية ما كان ينشر عن تلك الولاية وعنه شخصيا. ويضيف أنه تحدّث مع مسؤول سام في تلك السنوات عما يجب القيام به على الأقل من باب توضيح الأمور وتصحيح المغالطات وكانت صدمته كبيرة ـ كما كشف ـ لما أجابه ذلكم المسؤول: "الأفضل عدم الرد تفاديا للدخول مع الصحافة في "بوليميك " أو جره إلى مستنقع لن يخرج منه... فكان رد الوالي ولكن يا سيدي (.... ) إنّهم خدشوا عرضي وشهّروا بعائلتي  ؟! فكيف أسكت؟! ... جواب المسؤول كان بالحرف الواحد كما قال: "لا تبالي سيسكتون عنك". 

الوالي إيّاه أوضح منذ ذلك التاريخ أنه لم يعد يثق في ما تنشره الصحافة. مستدركا: "لا يجب لومي فلقد تضررت عائلتي كثيرا من تشهير واتهامات خطيرة أشهد الله اليوم أنها كانت باطلة وظالمة ومفبركة، ولم أكن في شيء منها ولو مقدار ذرّة . لكن تلك الحملات الإعلامية أضرت بي كثيرا. وأنا اليوم أعاني تبعاتها بمرض الضغط الدموي والسكري...

الوالي المتقاعد استدرك مجددا أنّه ليس معصوما من الأخطاء والنقائص ككل البشر. لكن ما نشرته بعض الصحف في تلك السنوات.. سنوات الفوضى والجنون التي شهدتها الجزائر (في التسعينات) سنوات التخريب والمجازر والفتنة الكبرى كانت اتهامات باطلة لأن أصحابها لم يتمكّنوا من الحصول على منافع أو تحقق لهم امتيازات. أو من الذين ساروا في حملات كانت تحرّكها أطراف الظل وخلف الستار في سياق تجاذبات سياسوية  تموقعية أو بسبب معارك بين الزمر. أو حتى بناء على ما تنشره صحف نصبت نفسها يومئذ فوق القانون وفوق الدولة وفوق السلطات عموما. حيث كان بعضها لا يتردد حتى في التهديد بالمراسلين وبمواضيع مفبركة؟!. 

ليس سرا أن أذكر الذين نسوا "تغوّل بعض وسائل الإعلام " يومئذ. حيث كان بعض الناشرين يتباهون بأنّهم هم من أقال الوالي الفلاني.. أو كان وراء إقالة الوزير الفلاني.. أو حتى إسقاط الحكومة نفسها أو الجنرال الفلاني؟!. أو عكس ذلك وراء تعيين أو ترقية فلان، الرأي العام للأسف كان يصدّق ذلك. حيث أن كثيرا من حركات التغيير والتعيين والإزاحة تزامنت أو جاءت فعلا  بعد تلك الحملات الإعلامية.

مما أعطى الانطباع  لدى البعض على أنها بفعل الإعلام. ويجب أن نفرّق هنا بين تمكّن الصحفي من مصادر موثوقة سربت له سبقا صحفيا. وبين مجرد تصادف لحملة صحفية مع صدور قرار حكومي. لكن بالتأكيد أن تلك الوسائل الإعلامية ستستغل تلك التغييرات والتحويلات على أنها هي التي قررتها(؟!). وكثيرا ما كان الرأي العام يصدّق ذلك للأسف. تحدث الوالي المعني بمرارة عن تلك السنوات. واعتبر نفسه ضحية من ضحاياها. واختتم الوالي مؤانسته الخاطفة مع جريدة المساء (واعدا بالعودة في حوار مطول لاحقا) بالقول: "اليوم أحس أن الأمر تغيّر كثيرا . 

لأن الدولة دولة فعلا. لقد انتهى عهد الصحافة التي تسقط الولاة والوزراء والحكومات والجنرالات". لكن لم يفته انتقاد الإعلام العمومي (مكتوبا ومرئيا ومسموعا مع بعض الاستثناءات طبعا كما قال) الذي يظل في نظره متقاعسا ـ حتى لا أقول كما أضاف ـ سلبيا. ليست هناك جرأة في الدفاع عن الإنجازات وعن الخدمة العمومية. نحن لا نريد "الشيتة" لكن نريد إبراز الإيجابيات والسلبيات. يجب النظر إلى الكأس بنصفيها المملوءة والفارغة. 

نحن كمسؤولين (ولو سابقين) كنا نثمّن الانتقادات التي تكون موضوعية ومستندة إلى حقائق ثابتة ومستندات دقيقة. لا أحد منّا كان ضد الاحترافية. كنا بحاجة إلى من ينبّهنا إلى عيوبنا وأخطائنا. شخصيا أرفض انحرافات بعض الصحف التي تدوس على القوانين والأخلاق وأعراف المجتمع باسم حرية التعبير. تماما كما لا تعجبني "صحافة لست معنيا أو ناس ملاح".