طباعة هذه الصفحة

نفس التشخيص للوضع الاقتصادي بين الأفامي والحكومة

دوفان: الخروج من العجز ممكن.. لكن بصيغ تمويلية أخرى

دوفان: الخروج من العجز ممكن.. لكن بصيغ تمويلية أخرى
  • القراءات: 1970
حنان حيمر حنان حيمر

أكدت بعثة صندوق النقد الدولي للجزائر أنه بالرغم من التحديات التي مازالت تواجهها بلادنا بسبب انخفاض أسعار النفط، فإنه مازال أمامها فرصة لتحقيق التوازن بين الاصلاح الاقتصادي والنمو، وذلك بفضل الدين العام المنخفض نسبيا والدين الخارجي القليل. لكنها عبرت بالمقابل عن تحفظها من اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، معتبرة أن «الخيار المثالي» للتمويل هو «الحصول على قروض خارجية لتمويل مشاريع استثمارية يتم اختيارها بدقة».

واختتم فريق الصندوق زيارته للجزائر أمس، والتي تمت في الفترة ما بين 27 فيفري و12 مارس في إطار مشاورات المادة الرابعة السنوية، وذلك بعد سلسلة من اللقاءات التي أجراها مع السلطات العمومية ولاسيما الوزير الأول أحمد أويحيى ومجموعة كبيرة من الوزراء، إلى جانب ممثلين عن القطاعين الاقتصادي والمالي والشركاء الاجتماعيين.

وفي ندوة صحفية نشطها أمس، رئيس الفريق جان فرانسوا دوفان، تمت الإشارة إلى أنه أمام الجزائر «فرصة لاعتماد سياسات تحقق التوازن بين الإصلاح الاقتصادي والنمو» وذلك لمواجهة «العجز الكبير في المالية العامة والحساب الجاري».

وقال السيد دوفان إن لقاءاته مع ممثلي الحكومة، أكدت «وجود تشخيص مشترك بيننا»، مشيرا إلى أنه منذ انخفاض أسعار النفط، فإن الملاحظ هو أن «نفقات الاقتصاد الجزائري والحكومة بالخصوص تجاوزت المداخيل، وبما أن أسعار النفط لن ترتفع إلى المستويات المحققة قبل 2014، فإنه من الضروري أن يتم تصحيح النفقات لتصبح في مستوى المداخيل...وفي نفس الوقت، نعمل على تنويع الاقتصاد، وجعل القطاع الخاص هو المحرك للاقتصاد بدل النفقات العمومية والمحروقات».

وإذ أكد على مرافقة «الأفامي» للتحول الاقتصادي بالجزائر، فإن مسؤول البعثة اعترف بأن الأمر ليس سهلا، معتبرا أن تحقيق التنوع في وقت تراجعت فيه الموارد يعد «معادلة صعبة»، لذا تحدث عن توافق بين الطرفين حول الهدف المزدوج الذي ينبغي تحقيقه، وهو «تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والعمل على تحقيق نمو أكثر استدامة واحتواء لكل شرائح المجتمع»، لكن بطريقة سلسة.

وهو ما يعتمد تحقيقه على عاملين أساسين ـ كما أضاف - هما «تطهير المالية العمومية وإصلاحات هيكلية تسمح بتحرير قدرات الاقتصاد الوطني». وتحدث كذلك عن نقاط مشتركة أخرى جمعت وجهات نظر الجانبين، لاسيما حول طبيعة القيود على الاستثمار وتطوير القطاع الخاص والمجالات التي يجب إصلاحها.

في هذا الصدد، وردا عن سؤال حول الأولويات المستعجلة للخروج من العجز، رد السيد دوفان بالقول إن هناك عدة جبهات يجب العمل عليها «في آن واحد وتدريجيا»، خاصا بالذكر «تحسين مناخ المؤسسات لاسيما عبر مكافحة البيروقراطية والعمل بشفافية وتطبيق مبادئ الحوكمة والإدارة الإلكترونية والاقتصادي الرقمي»، وهي النقاط التي  «تعمل عليها السلطات وندعمها»، كما أشار إليه، مضيفا إليها محاور أخرى يوصي بها الصندوق في كل مرة وهي «عصرنة القطاع البنكي وتطوير سوق السندات والبورصة وتطوير سوق العمل وتقريب الجامعة من احتياجات سوق العمل، وتشجيع عمل المرأة».

أما عن خيارات التمويل، فإن تقرير البعثة أشار إلى أنها عديدة خارج اللجوء إلى «التمويل النقدي من البنك المركزي» الذي «لا يسانده». وتحدث بالخصوص عن إمكانية «إصدار سندات دين محلية بأسعار السوق، وعقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، وبيع بعض الأصول»، وكذلك، وهو «الخيار المثالي»، الحصول على قروض خارجية لتمويل مشاريع محددة.

وفي السياق، أوضح أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا تعني فقط الخوصصة، متحدثا عن إمكانية اللجوء إلى صيغ أخرى منها «عقود التسيير» أو «التخلي عن الأصول بصفة جزئية».

أما بخصوص التمويل غير التقليدي، فعبّر عن التحفظ بشأنه، «بالنظر إلى التجارب الدولية التي تؤكد أنه يتسبب في ارتفاع متسارع للتضخم»، لذا فإن الصندوق أوصى بعدم اللجوء إليه وفي حال العكس، فإنه ألح على أن يتم ذلك عن طريق «تحديد الكميات وفترة اللجوء إليه» مع ضرورة أن يلعب البنك المركزي دوره في استقرار الأسعار وإعادة امتصاص جزء من السيولة التي يجرها هذا النوع من التمويل.

وعن الدعم الاجتماعي، أعاد التذكير بموقف الصندوق، الذي يفضل أشكالا أخرى من التحويلات الاجتماعية التي تصب مباشرة في جيوب الفئات التي تستحقها.

ولدى تطرقه للإجراءات الأخيرة المتخذة من طرف الحكومة، ولاسيما منع استيراد مجموعة من المنتجات، قال إنه ضد اتخاذ قرارات إدارية لتسيير التجارة الخارجية، باعتبار أنها لن تكون فعّالة، إذ تؤدي ـ كما أضاف- إلى التضخم واللجوء إلى طرق ملتوية لجلب هذه المنتجات. كما شدد على أهمية التفكير في كيفية إعطاء دفع للتصدير وليس فقط في كيفية خفض الاستيراد، مشيرا في السياق إلى أن صرف الدينار له دور يلعبه في هذا الاطار، حيث تحدث عن ضرورة اللجوء إلى خفض تدريجي للدينار تزامنا وتقدم الاصلاحات الهيكلية.

ورغم أنه اعترف بأن قاعدة 49 /51 للاستثمارات الأجنبية المباشرة المطبقة منذ 2009 لم تمنع من استمرار هذا النوع من الاستثمارات ببلادنا، فإن السيد دوفان أعرب عن يقينه بأن الجزائر كانت ستجلب استثمارات أكبر لو لم تطبقها. واعتبر أنها تسببت ليس فقط في خسارة رؤوس أموال أجنبية ولكن في نقل التكنولوجيا، داعيا إلى إضفاء ليونة في تطبيقها.