رخيلة يتحدث لـ«المساء» عن تأثيرات «الشكارة» في الانتخابات

الأحزاب مسؤولة عن اختيار النزهاء أو تجار السياسة

الأحزاب مسؤولة عن اختيار النزهاء أو تجار السياسة
  • القراءات: 496
شريفة عابد   شريفة عابد

يؤكد الدكتور والمحلل السياسي، عمار رخيلة، في حوار لـ»المساء»، على الدور المحوري لقيادات الأحزاب السياسية في الحد من عمليات «شراء الذمم» في الانتخابات الخاصة بالتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، وذلك من خلال ضبطهم لمعايير الاختيار التي ينبغي من خلالها، حسبه، إعطاء الأولوية لـ»المناضل السياسي وليس لتجار السياسة»، لتفادي النتائج السلبية المترتبة عن ذلك.

وإذ يستبعد الدكتور رخيلة أن تسهم التحالفات بين المنتخبين النزهاء في وضع جدار واق لتفشي الشكارة في الأوساط السياسية، شدد على ضرورة تدخل «دوائر القرار» لفرض معايير الاختيار ودعم مترشحين نزهاء حفاظا على الصالح العام وتماسك الحزب، مبرزا في نفس السياق «الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في قانون الانتخابات الذي يرتكز على النظام النسبي، «كونه يعطي الأفضلية لمتصدري القائمة، مما يشجع شراء أصحاب المال  للمراتب الأولى لضمان فوزهم» .

— ❊المساء: حذر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، مناضلي الحزب من استعمال «الشكارة» أو «شراء الذمم» في الانتخابات الخاصة بالتجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، متوعدا كل من يخالف القرار بعقوبات صارمة، هل تتوقعون ان تأخذ تعليمته بعين الاعتبار ؟

— ❊— ❊ الدكتور عمار رخيلة: في اعتقادي أن الحد من ظاهرة الفساد في الانتخابات الخاصة بالتجديد النصفي للأعضاء مجلس الأمة، تبدأ من القيادات الحزبية، ولكن ذلك لا يمكن أن يكون فقط بالتحذيرات والتنبيهات، وإنما يكون بنوعية المترشحين الذين تختارهم القيادة السياسية للأحزاب، للترشح على مستوى المحلي، لا سيما عبر «إعطاء الأولوية للمناضل الحقيقي على حساب التاجر السياسي».

كما أن محاربة «الشكارة» يجب أن تكون سلوكا مكرسا طيلة أيام السنة وليس فقط في المواسم الانتخابية، وذلك من خلال السماح للمناضلين الحقيقيين بالتدرج في الهياكل القاعدية للحزب،  كالوصول إلى عضوية اللجنة المركزية للحزب جبهة التحرير الوطني مثلا.

كما يمكن أيضا «لدوائر القرار» أن تعلب دورها في السهر على اختيار شخصيات نزيهة، ممن يشهد لهم بالكفاءة والجدية ليكونوا في صدارة الترتيب، لان ما يهم في النهاية هو خدمة مصالح الشعب وليس زيادة الامتيازات لأصحاب المال.

بالفعل، شهد الأفلان فضيحة من العيار الثقيل في الانتخابات التشريعية الماضية، و شهدنا تورط بعض قيادته في القضية، وتدخل الأمن مباشرة لتوقيف المتورطين، ولهذا نعتبر بأنه ليس من مصلحة الحزب حصول مثل هذه الممارسات، لاسيما وأن الأمر يتعلق بأكبر تشكيلة سياسية من حيث التمثيل في المجالس المنتخبة، ولذا عليه أن ينتبه ويحرص على عدم تكرار مثل هذه السيناريوهات في الانتخابات الخاصة بالتجديد النصفي لأعلى غرفة تشريعية في البلاد.

— ❊— المساء: لماذا يكثر الحديث عن مثل هذه الممارسات في هذا النوع من الاستحقاقات بالتحديد؟

— ❊— ❊ لأن الأصوات الخاصة بمجلس الأمة محدودة، بمعنى أنها تخضع لتصويت المنتخبين المحليين. وعليه يكون شراء الذمم أسهل ومتحكم فيه أكثر مما هو الحال في الانتخابات الأخرى، وقد تتراوح قيمة الصوت في مثل هذا النوع من الانتخابات بين 10 آلاف و100 ألف دينار، وعادة ما يقوم من يتكفل بحملة شراء الذمم بالحصول على «الوكالة» من المنتخبين حتى يمرر المرشح الذي يتم الاتفاق عليه، متجاهلا بأن الأمر يضر كثيرا بسمعة الحزب وبالعملية السياسية في الجزائر عامة.

زيادة على هذا، فإن المنتخبين المحليين في العديد من الأحزاب عادة ما يخالفون توجيهات القيادة السياسية ولا يحترمونها، سواء في أحزاب المعارضة أو أحزاب المولاة، و يقومون بتزكية من يخدم مصالحهم الخاصة، وذلك لعوامل واعتبارات عادة ما تتعلق بالمال أو العروشية أو المصاهرة، والتي أصبحت جلها تتحكم في الأخير في نوعية الشخص الذين تمنح له التزكية .

— ❊— المساء: هل تعتقد أن نوادي رجال المال والأعمال، ساهمت في ترسيخ هذه السلوكات ؟

— ❊— ❊ المعروف عن نوادي رجال المال والأعمال، أنها تضم تشكيلات سياسية مختلفة. وتدخلها يكون لصالح المترشح الذي يخدم أكبر قد من المصالح والتوجهات. لكن في رأيي تبقى القيادة السياسية للأحزاب هي المسؤولة رقم واحد عن نوعية المترشحين، لأنها هي من توفد للميدان ممثلي القيادة للإشراف على الترشيحات وإعطاء التوجيهات حول الشخص المتفق عليه.

وطبعا في حال خضوع القيادة السياسية لتوجهات رجال المال والأعمال، فإن المال هو من يفوز وينتصر على السياسة في النهاية.

— — ❊ المساء: فيما يكمن دور القيادة الحزبية في الحد من هذه الممارسات ؟

— ❊— ❊ على القيادة الحزبية، أن لا تحول العمل السياسي إلى عمل تجاري من خلال الحرص على أن لايكون الاعتماد الحزبي بمثابة سجل تجاري للمترشح، يقفز من خلاله إلى مراتب عليا بعد حصوله على الحصانة، وهنا تظهر أهمية وضع النصوص التشريعية والقوانين المشرع التي تسهم في تهذيب العمل السياسي، حيث يتوجب برأيي تعديل قانون الانتخابات الحالي، من خلال إعادة النظر في النظام النسبي المعتمد في اعداد القائمة الانتخابية.

— ❊— المساء: ماهي نتائج هذه الممارسات السلبية على العملية السياسية ؟

— ❊— ❊ أولى النتائج السلبية هي إصابة المناضلين الحقيقيين بالإحباط واليأس، والذي ينتهي ببعضهم إلى الانسحاب من العمل السياسي، تاركين المجال لأصحاب المال، وهذه النتيجة لها تأثير مباشر على مهمة الدفاع على مصالح المواطن والشعب وتؤدي إلى تغيير مهام المجالس المنتخبة. كما تكرس هذه الممارسات العزوف الانتخابي وتقطع حبل الثقة بين المنتخب والناخب، وهو أمر مضر بالديمقراطية، ولهذا يتوجب على الجميع محاربته على جميع المستويات، حفاظا على المصالح العليا للوطن.

— ❊— المساء: هل تعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي كـ»الفيسبوك»، مثلا، بإمكانها الحد من هذه الظواهر، خاصة بعد أن تحولت إلى محكمة افتراضية لعدة قضايا وتجاوزات ؟

— ❊— ❊ نعم، الفيسبوك أصبح يلعب دورا كبيرا، لا يستهان به في فضح الكثير من الممارسات غير القانونية بشكل عام. ومع ذلك لا يمكن اعتباره مصدر تحري، لان الأساس هو الملاحقة القانونية للفاسدين، وأذكر بالمناسبة بأن هناك مرسوما تنفيذيا خاصا بإجبارية تبرير مصدر ملكية بعض السيارات الفاخرة والمعاملات التجارية التي  تفوق قيمتها 50 مليون سنتيم .

— ❊— المساء: هل يمكن للتحالفات التي يقيمها المنتخبون النزهاء على مستوى المجالس المحلية قطع الطريق أمام تجار السياسة في استحقاقات مجلس الأمة ؟

— ❊— ❊ هي حلقة مهمة، ولكنها بسيطة وليست كافية، لأن الاتفاق على شخص ما، ليس دائما أمر ممكن وسهل. ولهذا تبقى الأحزاب السياسية وقياداتها المسؤولة الأولى عن مناضليها، وذلك من خلال فرض الانضباط والتحلي بالأخلاق واختيار الأشخاص النزهاء .